الغزيون يستعدون لاستقبال أسراهم المحررين

بعضهم يجهز شققا سكنية لهم لبدء حياة جديدة

TT

لم يهدأ بال صلاح إلا بعد أن تمكن من إقناع طاقم من عمال الدهان لوقف أعمالهم والتفرغ للعمل في شقة شقيقه حامد الكائنة في محيط قرية الزوايدة، وسط قطاع غزة. ولم يكن بوسع صلاح العودة إلى المنزل قبل أن يتمكن من تأمين موافقة العمال الذين هم حاليا في ذروة العمل بفعل حركة البناء التي لم يشهدها قطاع غزة منذ أن فرضت إسرائيل الحصار على قطاع غزة عام 2006، لأن والدته قد أصرت على تجهيز شقة حامد.

وحسب المعلومات التي وصلت أسرة صلاح فإن حامد سيكون واحدا من مئات الأسرى الذين سيتم إطلاق سراحهم في صفقة تبادل الأسرى (صفقة شاليط) التي تم التوصل إليها ووقعت يوم الثلاثاء الماضي بوساطة مصرية بعد جولة ماراثونية أخيرة من المفاوضات استمرت خمسة أيام.

حامد يقضي حكما بالسجن مدى الحياة في سجن شطة شمال شرقي إسرائيل بعد إدانته بالمسؤولية عن نصب كمين مسلح لقافلة عسكرية إسرائيلية، أسفر عن مقتل ثلاثة جنود وجرح عدد آخر. وأمضى حامد الذي يبلغ حاليا من العمر 36 عاما، في السجن حتى الآن 14 عاما، وتريد له والدته أن يتزوج وينشئ عائلة، وهو ما جعلها تحرص على تجهيز شقته على هذا النحو السريع.

وعائلة حامد ليست العائلة الوحيدة التي تنشغل هذه الأيام بشكل مكثف لاستقبال المعتقلين المحررين، فعشرات العائلات في قطاع غزة تجري استعدادات حاليا على قدم وساق لاستقبال أعزائها الذين من المتوقع أن يتم الإفراج عنهم منتصف الأسبوع القادم وتحديدا يوم الثلاثاء المقبل.

وقرر بعض أقارب الأسرى الذين سيتم الإفراج عنهم الموجودين في دول عربية أو المهجر، العودة لقطاع غزة للمشاركة في استقبالهم، لا سيما وأن الحركة عبر معبر رفح الحدودي أصبحت يسيرة، بعد أن غادر معظم الفلسطينيين الذين قدموا لقضاء عطلة الصيف القطاع إلى البلدان التي قدموا منها.

وقرر بعض العائلات التي ستستقبل أبناءها المحررين تأجيل الاحتفال بمناسبات عائلية من أجل أن تتزامن مع قدوم الأقارب الذين سيتم الإفراج عنهم، فعلى سبيل المثال كان من المقرر أمس أن يتم عقد زفاف أحد أبناء عائلة صلاح في مخيم النصيرات، لكن تقرر أن يتم تأجيل المناسبة إلى الخميس القادم، لكي تتسنى مشاركة أحمد، أحد أبناء العائلة الذي من المتوقع أن يكون ضمن الأسرى الذين سيتم الإفراج عنهم.

في هذه الأثناء ينشغل آلاف الفلسطينيين في زيارة العائلات التي من المتوقع أن يتم الإفراج عن أبنائها المعتقلين لتقديم التهاني والتبريكات لها مسبقا. لكن بعض العائلات رفض استقبال المهنئين قبل أن تتم بالفعل عملية الإفراج عن أبنائها، على اعتبار أن هناك مجالا لتطورات غير متوقعة قد تحول مظاهر الفرح إلى سيناريو مختلف تماما.

من جانبها تنشغل الحكومة المقالة في قطاع غزة برئاسة إسماعيل هنية وكذلك حركة حماس في التحضير لاستقبال الأسرى والاحتفاء بهم.

وكل الدلائل تشير إلى أن الحركة عاقدة العزم على استغلال هذا الحدث التاريخي لمضاعفة التأييد لها في صفوف الفلسطينيين، لذا فإنها تعكف حاليا على إعداد برنامج شامل ومكثف لاستقبال الأسرى المحررين، وتم على عجل تشكيل طواقم شبابية من الحركة للإشراف على النواحي الفنية المتعلقة باستقبال الأسرى والتواصل مع عائلاتهم.