متاعب «نيوز كورب» تتوالى مع استقالة ساعد مردوخ الأيمن

رؤساء تحرير بريطانيون يهاجمون «لجنة التنصت» ويصفون تشكيلها بـ«المهزلة»

اللورد ليفيسون الذي يترأس لجنة التحقيق في فضيحة التنصت
TT

عانت «نيوز كورب»، التي تحاول التعامل مع تداعيات فضيحة التنصت على الهواتف في بريطانيا، من ضربة موجعة أخرى لعملياتها في أوروبا، باستقالة الساعد الأيمن لرئيس مجلس إدارتها، روبرت مردوخ، ناشر صحيفة «وول ستريت جورنال» في أوروبا، إحدى أذرع المؤسسة المدرجة على بورصة نيويورك. إذ كشف تحقيق عمليات احتيال قامت بها الصحيفة باتفاق مع شركات أوروبية أن الأخيرة كانت تشتري آلاف الأعداد من الصحيفة، بتمويل من الصحيفة نفسها، من أجل رفع نسبة التوزيع واستمالة المعلنين.

وكشفت صحيفة «غارديان» عن اتفاق بين إدارة توزيع الصحيفة وشركة مقرها هولندا، تمت الإشادة بأدائها في مقالين بالصحيفة.

وقال الناشر، أندرو لونغهوف، الذي يشغل أيضا منصب مدير إدارة عمليات «داو جونز وشركاه» في أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط، في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى موظفيه، إنه سيغادر منصبه على الفور، لأن هذا الاتفاق يمكن أن يترك انطباعا بتأثر التغطية الإخبارية بالعلاقات التجارية (الاستقلالية التحريرية للصحيفة)، و«أعتقد أن استقالتي هي الخيار الأفضل».

وقالت المتحدثة باسم الشركة، بيثاني شيرمان، يوم الأربعاء في بيان لها، إن «أندرو لونغهوف استقال بسبب انتهاك يشكك في النزاهة التحريرية، وليس بسبب برامج التداول. على الرغم من أن النسخ المرتبطة بالشركة كانت مشروعة وملائمة، إلا أننا كنا غير مرتاحين مع ظهور البرامج، ولم يعد لدينا علاقات مع أي طرف ثالث متورط بصورة مباشرة في هذه الاتفاقات».

من جانبها، قالت «داو جونز»، أول من أمس (الأربعاء)، إن محرريها في نيويورك علموا باتفاق الشراكة مع شركة الاستشارات «إكزيكيوتف ليرننغ بارتنرشيب»، وبدأوا تحقيقا في القضية، وقد نتج عن هذا الاتفاق مادتان مشجعتان عن الشركة في قسم التقارير الخاصة في صحيفة «وول ستريت جورنال أوروبا».

وكان الاتفاق جزءا من علاقة أكبر بين الصحيفة والشركات الراعية لزيادة أرقام توزيع الصحيفة الأوروبية. فمع بداية عام 2008، عقدت الصحيفة ندوات دورية تستهدف طلاب الجامعة، «معهد القيادة في المستقبل»، التي وفرت للشركات الراعية نسخا بيعت بأسعار قليلة جدا وغير مكلفة من الصحيفة.

وذكرت صحيفة «غارديان» أن المجلة تستخدم وسيطا من طرف ثالث للدفع لشركة «إكزيكيوتف ليرننغ بارتنرشيب» وهي راعية للمعهد، مشيرة إلى أن الشركة في المقابل اشترت آلاف النسخ من الصحيفة بأسعار مخفضة بشكل كبير. وقالت شركة «داو جونز» إن برامج تداول الصحيفة تم الكشف عنها بالكامل ومعتمدة، وأن التوزيع تحت ممارسة شائعة بين الصحف.

وقد رفضت شركة «إكزيكيوتف ليرننغ بارتنرشيب» التعليق على هذه الأنباء. ويأتي الحادث في وقت حساس بالنسبة لـ«نيوز كورب»، التي لا تزال تحاول التغلب على تأثيرات فضيحة القرصنة، عندما أغلقت صحيفة التابلويد «نيوز أوف ذي وورلد»، وألقي القبض على عدد من مسؤوليها التنفيذيين، وغيرهم ممن استقالوا بسبب الفضيحة. وسوف تعقد الشركة العملاقة في المجال الإعلامي يوم 21 أكتوبر (تشرين الثاني) اجتماع المساهمين السنوي، الذي سيتيح للمستثمرين الفرصة للتصويت على قيادة الشركة، بما في ذلك أدوار روبرت مردوخ، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي، وأبنائه، جيمس ولاكلان، وسوف تعلن «نيوز كورب»، أوائل الشهر المقبل، عن أرباح الربع الأخير.

وقد نصحت شركة استشارات المستثمرين «إنستتوشينال شيرهولدرز سرفيسيز»، حملة الأسهم يوم الاثنين بالتصويت ضد 13 من بين 15 عضوا هم أعضاء مجلس الإدارة الحالي.

من جانبهم، أكد المشرعون البريطانيون يوم الثلاثاء على أن ليز هينتون، الرئيس التنفيذي السابق لمؤشر «داو جونز وشركاه»، وناشر صحيفة «وول ستريت جورنال»، سيدليان بشهاداتهما أمام البرلمان عبر الفيديو كونفرانس يوم 24 أكتوبر (تشرين الأول). وكان هينتون قد شغل في السابق منصب مدير شركة «نيوز إنترناشيونال»، الوحدة البريطانية للشركة، التي أشرفت على صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد». لكنه استقال من منصبه أواخر يوليو (تموز).

وقد استثمرت «نيوز كورب»، خلال السنوات القليلة الماضية، في «وول ستريت جورنال أوروبا»، ومقرها لندن، في محاولة للتنافس مع صحيفة «فاينانشيال تايمز». لكن الصحيفة عانت من صعوبة في الحصول على موطئ قدم لها. وتوزع الصحيفة حاليا 74.800 نسخة وفقا لمكتب مراجعة التوزيع في بريطانيا.

وكجزء من اتفاق الشراكة مع شركة «إكزيكيوتف ليرننغ بارتنرشيب» الذي تم التوصل إليه في 14 أكتوبر (تشرين الأول) 2010، عقدت الصحيفة جلسة للأسئلة والأجوبة مع الشريك «إكزيكيوتف ليرننغ بارتنرشيب» وقد نشر توضيح يوم الأربعاء من قبل الصحيفة أشارت فيه إلى أنه على الرغم من الاتفاق مع «إكزيكيوتف ليرننغ بارتنرشيب»، إلا أن كتابة التقارير والتحرير تقع على عاتق قسم الأخبار فقط.

ومن جانب آخر، قال رئيس تحرير «الديلي ميل» بول ديكار أمام اللجنة التي يرأسها اللورد ليفيسون وتحقق في فضيحة التنصت وانتهاكات الصحافة للحريات الشخصية، إنه سيبدأ في نشر عمود «تصحيح وشرح» في صحيفته وشقيقتها «ميل أون صنداي» و«ميترو» ابتداء من الأسبوع المقبل.

وهاجم ديكار في نفس الوقت رئيس وزراء بريطانيا، ديفيد كاميرون، على هذه الخطوة وهي التحقيق في الخروقات التي تمت من قبل صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد». وقال إنه يشجب بلا تحفظ ما قامت به الصحيفة، وكذلك الدفعات المالية التي تلقاها رجال الشرطة، لكن هذه الخروقات يمكن معالجتها من قبل القانون ولا تحتاج إلى لجنة تحقيق تتمتع بصلاحيات أكبر من صلاحيات «لجنة تشيلكوت»، التي تحقق في الحرب ضد العراق. وهاجم ديكار لجنة التحقيق، وقال إنها مكونة من أشخاص، على الرغم من مصداقيتهم ومكانتهم، إلا أنهم لا يعرفون كيف تعمل الصحافة الشعبية. اللجنة تضم الكثير من الذين عملوا في وسائل الإعلام البريطانية.

وقال إن المشكلة التي تواجهها الصحافة حاليا هي الوضع التجاري القاسي جدا، مضيفا أنها «في حالة مرض مالي». أما رئيس تحرير صحيفة «صن» سابقا، كيلفين ماكنزي، فقال أمام اللجنة إن رئيس الوزراء شكل هذه اللجنة كغطاء على قراراته غير الحكيمة، وهي توظيف اندي كولسون مديرا لمكتبه الإعلامي. وكولسون هو أحد الأشخاص المتورطين في فضيحة التنصت، الذي عمل رئيسا لتحرير الصحيفة، وتم اعتقاله مع آخرين على ذمة التحقيق.

ماكنزي صاحب العمود الشهير في صحيفة «ديلي ميل» قال إن كاميرون أراد توظيف كولسون من أجل كسب ود روبرت كاميرون ومؤسساته الصحافية، ووصف لجنة التحقيق بأنها «مهزلة».