واشنطن: نتخذ إجراءات سريعة وجدية لمحاسبة إيران دوليا

رئيسة لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأميركي: المخطط يشكل تغييرا محوريا في التعامل مع طهران

ايرانيون يحملون صورا لخامنئي ويهتفون ضد أميركا بعد صلاة الجمعة في طهران أمس (رويترز)
TT

بعد يوم من إرسال برقيات إلى كافة سفاراتها تدعو إلى توثيق الرد الدولي على محاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير، أكدت وزارة الخارجية الأميركية أن هناك «إجراءات سريعة وجدية» آتية للرد على المخطط الإيراني. وعلى الرغم من التصريحات الأميركية المتتالية بـ«محاسبة إيران» بعد الكشف عن أدلة بتورط عناصر من الحرس الثوري الإيراني في هذا المخطط، هناك شعور متصاعد من الحيرة في كيفية التعامل مع إيران.

وظهرت هذه الحيرة في جلسة مطولة في لجنة العلاقات الخارجية لدى مجلس النواب الأميركي صباح أمس، حيث كررت وكيلة وزيرة الخارجية الأميركية ويندي شيرمان الموقف الأميركي الداعي لزيادة العقوبات على إيران والجهود الدولية للضغط عليها، من دون تقديم إجراءات واضحة إضافية. وكان هناك رد فعل شديد من عدد من أعضاء مجلس الكونغرس على سياسة الرئيس الأميركي باراك أوباما تجاه إيران، التي أوضحت شيرمان أنها تعتمد على مسارين، «العقوبات» للضغط على إيران و«إمكانية الحوار» في حال أظهر النظام الإيراني إمكانية الاستجابة للمطالب الدولية للكف عن برنامجها النووي.

وسيطرت قضية محاولة اغتيال الجبير على جلسة بعنوان «السياسة الأميركية الخارجية حول إيران وسوريا»، حيث قالت شيرمان: «نحن نتخذ إجراءات سريعة وجدية مع حلفاء دوليين لمحاسبة إيران» على هذا المخطط. وأضافت: «هذه الخطة كانت ضد كل الدبلوماسيين وليس فقط ضد دبلوماسي واحد». وكررت شيرمان تنديد إدارة أوباما بالمخطط الذي تم الكشف عنه، قائلة: «هذا التخطيط انتهاك فاضح للقانون الدولي وتصعيد خطير من إيران.. أولا يجب منع إيران من تطوير أسلحة نووية، لأنه التهديد الأكبر الذي يواجه بلادنا». وأضافت: «لدينا أشد عقوبات على إيران منذ 3 عقود.. واليوم الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على البنك المركزي الإيراني»، موضحة: «نريد أشد الضغوط على إيران.. العقوبات فعالة وخاصة عندما تكون مع آخرين».

وحذرت شيرمان من التهديد الذي يشكله فيلق القدس المتهم من قبل الأميركيين بتدبير خطة الاغتيال الفاشلة، قائلة: «فيلق القدس يزداد قوة وبات الجهاز الذي يدير الإرهاب الإيراني في الخارج». وأكدت أنه لا يمكن الاكتفاء باعتبار العناصر التي قامت بالتخطيط للعملية الفاشلة بأنها «عناصر خارجة عن سيطرة» الحرس الثوري، مما يعني ضرورة محاسبة إيران على هذا المخطط. ولكن في الآن نفسه، تشدد الإدارة الأميركية على أن «عناصر من الحكومة الإيرانية» متورطة في الخطة، كي تمنح نفسها مساحة للتعامل مع هذه القضية في حال لا تريد استهداف إيران مباشرة.

من جهة أخرى، أوضح وكيل وزير الخزانة الأميركي ديفيد كوهين أن المخطط يشكل «تذكيرا شديدا بأن التهديد الحقيقي من إيران لا ينحصر فقط في ملفها النووي». وشملت الجلسة بحثا للموقف الإيراني الداعم لـ«الإرهاب» وخاصة المخطط الذي تم الكشف عنه يوم الثلاثاء الماضي. ولفت كوهين إلى أن «إيران تعاني من عزلة غير مسبوقة وجهودنا قد نجحت»، معددا التحديات أمام الاقتصاد الإيراني وخاصة قطاعها النفطي.

وطالب عدد من أعضاء الكونغرس الجمهوريين باتخاذ إجراءات حازمة ضد إيران، أكثر من العقوبات الحالية. واعتبرت رئيسة لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأميركي الينا روس - ليتانين أن «سوريا وإيران تشكلان تهديدين لنا». وأضافت أن المخطط الذي تم الكشف عنه «يجب أن يشكل تغييرا محوريا في التعامل مع إيران»، موضحة: «إيران جلبت المعركة إلى أراضينا». وتساءلت: «إذا كانت إيران تشعر بأنها قادرة على تخطيط هجوم على أراضينا الآن، فكيف ستكون عندما تحصل على أسلحة نووية». ورفضت روس - ليتانين الاعتماد على التحرك الدولي لمواجهة إيران، ذاكرة الموقف الروسي والصيني الرافض لإجراءات صارمة ضد إيران. واعتبرت أنه «لا يمكن الاعتماد على مجلس الأمن.. سيعطي ذلك إيران رسالة بأنهم لن يحاسبوا على ما حدث»، مضيفة: «على النظام الإيراني فهم أن هناك ثمنا لما يقومون به».

هناك ضغوط متزايدة في واشنطن على إدارة أوباما بتقديم خيارات أخرى بدلا من الاعتماد على «الإقناع» من خلال العقوبات من جهة ومن خلال فتح قنوات حوار مع إيران في حال انصاعت لمطالب مجلس الأمن والوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وأعلن عضو الكونغرس الجمهوري ستيف شابوت أن «سياسة إدارة أوباما فشلت»، مطالبا بالإقرار بذلك الفشل. وأضاف: «سياستنا لم تتغير وقد فشلت في تحقيق هدفنا الأساسي وهو إقناع طهران بالتخلي عن السعي لامتلاك أسلحة نووية»، موضحا: «العقوبات والإجراءات تشكل جهودا لإقناع الإيرانيين ولكن لا تشكل سياسات بحد ذاتها ولم تغير من المسار الإيراني حتى الآن».

وطالب عضو الكونغرس الجمهوري تيد بو إدارة أوباما بدعم سياسة «تغيير النظام في إيران»، لكن شيرمان امتنعت عن توضيح السياسة الأميركية حول ذلك. وقالت: «نحن ندعم طموحات الشعب الإيراني». وأكدت شيرمان أن الولايات المتحدة تزيد من البرامج التي تمكن الناشطين الإيرانيين من استخدام الأدوات الإلكترونية للعمل ضد النظام الإيراني، لكنها امتنعت من الحديث عن تفاصيل تلك البرامج لحماية الناشطين. ورد عليها بو بالقول: «الأمل الأكبر هو تغيير النظام، أفضل مسار للسلم العالمي».

من جهته، قال عضو الكونغرس الديمقراطي الأقدم في اللجنة هاورد بيرمان بأن قرار الإدارة الأميركية عدم الكشف حتى الآن عن الخطوات التي ستقوم بها للرد على إيران، لا يعني أنها «لا تقوم بالخطوات الضرورية». وأضاف: «في هذه القضية، يتفق الديمقراطيون والجمهوريون وخاصة على منع إيران من الحصول على أسلحة نووية». وتابع: «العقوبات ناجحة جزئيا لكنها لم تحقق الأهداف كلها» في التعامل مع سوريا وإيران. ولفت إلى أن «الوضع في سوريا أكثر خطورة من إيران وسيزداد حرجا في المرحلة المقبلة.. ستنتهي أموالهم في فترة أقصر من العامين التي أعلنت عنها الحكومة السورية للاحتياطي الخارجي». وشدد بيرمان على أهمية «زيادة الضغوط من الدول المجاورة لسوريا» في الفترة المقبلة، لافتا إلى أن «من المؤسف أن العراق حتى الآن يساند نظام الأسد». واعتبر بيرمان الطريقة الأفضل لمواجهة إيران «إضعافها اقتصاديا.. علينا العمل على ذلك مع حلفاء دوليين».

وهذا اليوم الثاني بالتوالي الذي يركز فيه الكونغرس على إيران، حيث عقدت لجنة الصيرفة لدى مجلس الشيوخ الأميركي نقاشا أول من أمس حول العقوبات المفروضة على إيران وفعاليتها.