مفوضية حقوق الإنسان في الأمم المتحدة تدعو المجتمع الدولي لحماية المدنيين في سوريا وتحذر من حرب أهلية

اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب غدا لبحث الأزمة السورية

مظاهرة في حماه تدعو لإسقاط الرئيس بشار الأسد أمس (موقع أغاريت)
TT

دعت المفوضة العليا للأمم المتحدة لحقوق الإنسان نافي بيلاي أمس الأسرة الدولية إلى اتخاذ «تدابير عاجلة» لحماية المدنيين في سوريا، وحذرت من أن «القمع القاسي» للاحتجاجات المناهضة للحكومة في سوريا قد يدفع البلاد إلى «حرب أهلية شاملة»، وقالت إن عمليات القمع في سوريا أسفرت عن سقوط أكثر من ثلاثة آلاف قتيل منهم 187 طفلا.

وجاء ذلك في وقت اتفق فيه وزراء الخارجية العرب على عقد اجتماع طارئ يوم الأحد المقبل في 16 أكتوبر (تشرين الأول)، بناء على طلب دول مجلس التعاون الخليجي لبحث تطورات الأزمة السورية. وقال نائب الأمين العام للجامعة العربية السفير أحمد بن حلي لـ«الشرق الأوسط»، إن الاجتماع سيتناول تطورات ما يحدث على الساحة السورية، وأفاد أن الأمانة العامة للجامعة أبلغت الدول العربية بطلب دول مجلس التعاون الخليجي، واتفق على عقده يوم الأحد 16 أكتوبر لمراجعة القرارات التي اتخذها وزراء الخارجية بشأن سوريا منتصف مارس (آذار) الماضي، وطالب بوقف العنف والبحث عن عدد من الأفكار لمعالجة الأزمة وتنفيذ عدد من الإصلاحات. وقال بن حلي إن الاجتماع سيكون فرصة لتشاور وزراء الخارجية حول كل القضايا المطروحة على الساحة العربية.

من جهتها، قالت بيلاي إنه «يتعين على جميع أعضاء المجموعة الدولية اتخاذ تدابير حماية بطريقة جماعية وحاسمة، قبل أن يقود القمع (...) القاسي وعمليات الاغتيال البلاد إلى حرب أهلية فعلية». وأضافت: «على غرار ما يحصل دائما، يرفض عدد متزايد من عناصر الجيش مهاجمة مدنيين» وباتوا يقفون إلى جانب المعارضين، «والأزمة تكشف حتى الآن عن مؤشرات مقلقة تفيد أن الوضع يغرق في صراع مسلح».

وأوضحت بيلاي أن «المجموعة الدولية تستطيع التحدث بصوت واحد والتحرك لحماية الشعب السوري»، مشيرة إلى أن «النظام السوري أخفق في مهمته التي تقضي بتأمين الحماية للشعب».

وقالت بيلاي إن «عدد الأشخاص الذين قتلوا منذ بدء أعمال العنف في مارس قد تخطى الآن الثلاثة آلاف بينهم 187 طفلا على الأقل». وأضافت أن «أكثر من مائة شخص قتلوا خلال الأيام العشرة الماضية فقط. من جهة أخرى تم توقيف الآلاف واعتقالهم أو اختفوا أو تعرضوا للتعذيب». وقالت إن «أفراد عائلات» المعارضين والمتظاهرين الذين يعيشون «في داخل البلاد وخارجها تعرضوا للمضايقة والتخويف والتهديدات والضرب».

واعتبرت المفوضية أن العقوبات التي فرضتها المجموعة الدولية على دمشق لم تؤد إلى تغيير موقف السلطات السورية حتى الآن كما قال الناطق باسمها روبرت كولفيل في تصريح صحافي. وأضاف أنه لهذا السبب دعت بيلاي الدول إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية السوريين الذين يحتجون ضد نظام الرئيس بشار الأسد. وشددت بيلاي على القول «منذ بداية الانتفاضة في سوريا، استخدمت الحكومة باستمرار القوة المفرطة لسحق الاحتجاجات السلمية». وأشارت إلى وجود «قناصة على الأسطح والاستخدام العشوائي للقوة ضد المتظاهرين المسالمين بما في ذلك استخدام الرصاص الحي وقصف الأحياء السكنية» الذي أصبح «أمرا مألوفا في كثير من المدن السورية».

واستخدمت روسيا والصين العضوان الدائمان في مجلس الأمن، في الرابع من أكتوبر حقهما في النقض ضد مشروع قرار للبلدان الغربية يهدد النظام السوري بـ«تدابير محددة الأهداف» لحمله على وقف القمع الدامي للمظاهرات.

وردا على سؤال حول التحرك الدولي الذي ينبغي اتخاذه قال روبرت كولفيل المتحدث باسم بيلاي في مؤتمر صحافي: «من الواضح أن القرار يرجع إلى الدول. ما تم عمله حتى الآن لا يحقق نتائج وما زال الناس يقتلون كل يوم بشكل فعلي».. وبسؤاله عن شن عمل عسكري أجنبي مثلما حدث مع ليبيا للإطاحة بمعمر القذافي قال كولفيل «هذا قرار يبت فيه مجلس الأمن».

وتحدث تحقيق حقوقي مبدئي أجرته الأمم المتحدة في أغسطس (آب) عن مزاعم ذات مصداقية عن ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في سوريا من بينها عمليات إعدام. وقال فريق التحقيق إن لديه أدلة ضد 50 مشتبها بهم أدرجت أسماؤهم في قائمة سرية. وشجعت بيلاي في ذلك الوقت مجلس الأمن الدولي على إحالة ملف سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية للنظر في احتمال وقوع جرائم ضد الإنسانية.

وشكل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بعد ذلك بأسابيع لجنة تحقيق دولية تعتزم الذهاب إلى المنطقة قريبا لإجراء مقابلات مع شهود وجمع مزيد من الأدلة. وقال كولفيل إن فريق التحقيق المكون من ثلاثة أشخاص يرأسهم الخبير البرازيلي سيرجيو بينهيرو طلب دخول سوريا لكن دمشق لم تتعاون حتى الآن.

وفتحت سوريا سجونها للمرة الأولى على الإطلاق أمام اللجنة في الرابع من سبتمبر (أيلول) الماضي، لكن مسؤولي اللجنة الدولية للصليب الأحمر زاروا سجن دمشق المركزي فقط حتى الآن. ويحتجز في هذا السجن معتقلون لأسباب جنائية وسياسية. وتشمل المعايير منح مسؤولي اللجنة الحق في زيارة كل منشآت الاحتجاز وإجراء أحاديث خاصة مع المعتقلين الذين يختارونهم دون وجود شهود وتكرار الزيارة كلما رأت اللجنة ضرورة لذلك. ولا يطلع على نتائج وتوصيات اللجنة سوى سلطات الاحتجاز.