12 قتيلا بينهم طفل في جمعة «أحرار الجيش».. و20 ألف كردي يخرجون في القامشلي تكريما لذكرى تمو

مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط»: اشتباكات بين الشبيحة والمنشقين في القصير تسبق واحدة من أكبر المظاهرات ضد النظام

مظاهرة كبيرة في دير الشرفي بإدلب أمس في جمعة «أحرار الجيش»
TT

دعا المتظاهرون السوريون الذين خرجوا في مظاهرات في أنحاء البلاد في جمعة «أحرار الجيش»، الجنود إلى الانشقاق والانضمام إليهم في ثورتهم للإطاحة بنظام بشار الأسد. وتصدت القوات الأمنية للمظاهرات التي خرجت بشكل كبير في المناطق السورية، بالرصاص الحي، وقتلت 12 شخصا بينهم فتى يبلغ من العمر 11 عاما أصيب بطلق ناري في صدره.

وأكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن أن 12 شخصا قتلوا أمس، بينهم فتى وسيدة وجرح آخرون عندما أطلق رجال الأمن النار لتفريق متظاهرين كانوا يشاركون المظاهرات في مدن سورية عدة. وأكد عبد الرحمن في اتصال هاتفي أن سبعة قتلى سقطوا في داعل الواقعة في ريف درعا (جنوب)، بينما قتلت سيدة وفتى في انخل (ريف درعا) ومتظاهر في سقبا (ريف دمشق)، ومتظاهر في حي القدم في دمشق وآخر في عندان الواقعة في ريف حلب (شمال).

ولفت عبد الرحمن إلى «إصابة أكثر من ثلاثين شخصا بجراح خمسة منهم حالتهم حرجة في داعل وآخرين في ريف دمشق برصاص الأمن الذي أطلق النار لتفريق متظاهرين نددوا بالنظام السوري». ونقل المرصد عن نشطاء من داعل أن «الأمن يحتجز جثث قتلى داعل في مشفى طفس (ريف درعا) عدا جثة الفتى التي تمكن الأهالي من سحبها قبل أن يأخذها الأمن».

وقال شهود لوكالة «رويترز» إن حوادث إطلاق النار وقعت قرب حلب والعديد من ضواحي دمشق وأضافوا أن 20 ألف كردي على الأقل شاركوا في مسيرة بمدينة القامشلي قرب الحدود التركية تكريما لذكرى مشعل تمو وهو زعيم كردي قتل في وقت سابق من الشهر. ويقول أنصار تمو إن السلطات تقف وراء القتل الذي أثار غضبا في الشوارع حتى بعد سبعة أشهر من بدء الاحتجاجات في سوريا. وقال شاهد يصف المظاهرة «كانت الصفوف الثلاثة الأولى في المظاهرة لشبان وشابات يحملون صورا لتمو. وكانت اللافتات التي تدين النظام كلها سوداء تعبيرا عن الحداد». وذكرت «رويترز» أنه سمعت أصوات المحتجين وهم يرددون هتاف «الشعب يريد إعدام الرئيس» بينما كان الشاهد يتحدث عبر الهاتف.

ورغم استمرار القمع الأمني ومحاصرة عدد كبير من المدن، خرجت «مظاهرات حاشدة في العديد من المدن السورية رغم الانتشار الأمني الكثيف» بحسب المرصد الذي أكد أن «المدن التي لم تشهد مظاهرات كانت تشهد حملات اعتقالات أمنية». وأوضح عبد الرحمن أن «مظاهرة حاشدة خرجت في مدينة دير الزور (شرق) هي الأكبر منذ خروج الجيش السوري من هذه المدينة في شهر أغسطس (آب) وفي عدة أحياء في حمص (وسط) حيث أطلق رجال الأمن النار في أحياء الغوطة وباب السباع».

وخرج عدة آلاف من المحتجين في بلدة الحراك في سهل حوران بجنوب سوريا وكانت هذه هي أول منطقة تقتحمها الدبابات والقوات في بداية الاحتجاجات سعيا لوقفها. وقال محمد العربي وهو ناشط سوري، إن هناك تفاؤلا متزايدا بأن أيام النظام أصبحت معدودة وأن الغرب يمارس الضغط وهناك المزيد من التحرك من جانب الدول العربية. وأشار إلى انشقاق ضابط مخابرات كبير الأسبوع الماضي.

وأضاف أن روسيا والصين أصبحتا أقل تمسكا بدعم الأسد. وأظهرت لقطات فيديو في مدينة حمص بوسط سوريا آلاف الأشخاص يتظاهرون في حي الخالدية.

من جهتها، ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن «مشاجرة جماعية بين عصابات مسلحة في داعل أدت إلى وفاة المدعو محمد قاسم الجاموس وجرح سبعة آخرين». ونفت الوكالة «حدوث أي مظاهرات في المدينة» مؤكدة أن «قوات حفظ النظام والجيش لم تدخل المدينة وهي غير موجودة في المنطقة». إلا أن الوكالة نقلت في الوقت نفسه عن مصدر مطلع في درعا أن «مجموعة مسلحة هاجمت حاجزا للجيش في داعل وقام أفرادها بإلقاء قنبلتين انفجرت إحداهما فقط موضحا أن عناصر الحاجز ردوا على المهاجمين وقتلوا اثنين منهم».

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن «اشتباكات عنيفة وإطلاق رصاص كثيف سجل بين الجيش والأمن السوري النظامي من جهة ومسلحين من جهة ثانية يعتقد أنهم منشقون في مدينة سقبا (ريف دمشق)، كما أصيب ثلاثة أشخاص بجراح جراء إطلاق الرصاص الكثيف من مبنى بلدية القصير (ريف حمص) بعد انفجار سمع في المدينة» بحسب المصدر.

وقالت مصادر ميدانية سورية لـ«الشرق الأوسط» إن مدينة القصير على الحدود مع لبنان، «شهدت أمس اشتباكات عنيفة بين منشقين عن الجيش، وقوات الأمن والشبيحة الذين أطلقوا النار عشوائيا»، لافتة إلى أن المنشقين «ضربوا سيارة عسكرية على جسر المشتل الذي يبعد مسافة كيلومتر واحد جنوب القصير، مما أدى إلى وقوع سبعة من الشبيحة بين قتيل وجريح»، مشيرة إلى أن جرحى الشبيحة «نقلوا إلى المشفى الوطني في القصير قبل نقلهم إلى المشفى العسكري في حمص».

وجاءت تلك الاشتباكات بعد يوم على اشتباكات مماثلة قرب المركز الثقافي المقابل لثانوية عمر المختار في القصير، حيث أطلق الشبيحة الذين يقيمون في المركز الثقافي النار باتجاه منشقين عن الجيش، مما أدى إلى وقوع إصابات بين قتيل وجريح في صفوف الطرفين. وشهدت القصير أمس عقب صلاة الجمعة، بحسب مصادر ميدانية، واحدة من أكبر المظاهرات المنددة بالنظام والمطالبة بالحرية ورحيل الرئيس السوري بشار الأسد. وقالت المصادر في اتصال مع «الشرق الأوسط» إن «أربعين ألف متظاهر اجتمعوا في ساحة الفاروق مطالبين بالحرية».

وفي ريف ادلب (شمال غرب)، خرجت مظاهرات في «معرة النعمان وسراقب وسرمين وكفرنبل وبنش وحيش ومعرة حرمة وكفرسجنة وكفرخرمة ومعرمصرين وخان السبل وتفتناز كما في اللاذقية (غرب) وفي ريف دمشق». وفي بانياس، قال مدير المرصد إن «الأمن قام باقتحام مسجد أبو بكر الصديق في بانياس (غرب) بعد أن لجأ إليه متظاهرون وقام باعتقال خمسة منهم».

من جهتها، أفادت لجان التنسيق المحلية عن «إطلاق نار كثيف في حي القصور في حماه (وسط) وفي عندان في ريف حلب (شمال)» مشيرة إلى «أنباء عن سقوط جرحى». وتحدثت عن «إطلاق نار كثيف في كل من حي النازحين وبابا عمرو في مدينة حمص»، مشيرة إلى أن «السلطات قطعت التيار الكهربائي عن حي الخالدية ردا على بثهم المباشر للمظاهرة» في هذه المدينة.

من جهة ثانية، أفادت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) أن «عبوة ناسفة زرعتها المجموعات الإرهابية المسلحة انفجرت بجانب الطريق الواصل بين مسجد أبو بكر والجامع العمري في درعا (جنوب) مما أدى إلى وقوع إصابات بين المواطنين». وأضافت الوكالة أن «العبوة زرعت إلى الجنوب من الجامع العمري بحدود 200 متر وبعدها بخمسين مترا زرعت عبوة أخرى» مشيرة إلى أن «وحدة الهندسة التي توجهت إلى المكان تمكنت من تفكيك العبوة الثانية وتأمينها قبل أن تنفجر». ولفتت الوكالة إلى أن «مكان زراعة العبوتين عادة ما يشهد كثافة مرورية للمواطنين قبل وبعد صلاة الجمعة».

إلى ذلك، أكدت مصادر ميدانية من شمال لبنان أن جريحين سوريين أصيبا برصاص القوى الأمنية السورية خلال مظاهرة أول من أمس «أدخلا إلى لبنان بغرض المعالجة»، مشيرة إلى أن «حال أحدهما خطرة». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن الجريحين «عبرا خلسة إلى شمال لبنان فجر أمس، عبر الطرق البرية الوعرة المؤدية إلى وادي خالد، بمساعدة شابين من التنسيقيات السورية، وتم إيصالهما إلى أحد المستشفيات اللبنانية، حيث خضعا لإجراءات طبية، وغادر أحدهما إلى سوريا فيما بقي الآخر ريثما تتحسن حالته».

وأكدت المصادر عينها أنه خلال الأيام العشرة الماضية «عَبَر أكثر من عشرة مصابين سوريين من حمص وتلكلخ والقصير إلى لبنان بغرض العلاج، وعاد قسم منهم إلى بلداتهم، منهم عمار عامر (32 عاما)، فيما يحتاج آخرون إلى الراحة واستكمال العلاج، مثل إبراهيم رعد الذي يحتاج إلى فترة علاج أطول بسبب الكسور في قدميه».

في السياق نفسه، أعلنت مديرية التوجيه في قيادة الجيش اللبناني في بيان أن اللجنة العسكرية المشتركة بين الجيشين اللبناني والسوري «عقدت اجتماعًا أول من أمس في معبر الدبوسية في حضور عدد من ضباط الجانبين، بحثت خلاله الأوضاع على الحدود وآلية ضبطها من مختلف النواحي الأمنية، كما جرى التوافق على تفعيل التنسيق المشترك واتخاذ المزيد من الإجراءات الميدانية لمنع عمليات التهريب والتسلل في الاتجاهين عبر المعابر غير الشرعية».