اليمن: مظاهرات حاشدة في الشمال والجنوب ضد نظام الرئيس صالح

الحراك الجنوبي يحشد جماهيره في عدة محافظات بكثافة عالية وبالأخص في محافظتي عدن ولحج

TT

شهد اليمن أمس مظاهرات حاشدة في الجمعة السادسة والثلاثين على بدء الاحتجاجات المطالبة برحيل نظام الرئيس علي عبد الله صالح والتي انطلقت في فبراير (شباط) الماضي، في وقت تواصلت التطورات الأمنية على مختلف الصعد.

واحتفى اليمنيون في مختلف الأطراف السياسية، أمس، بذكرى «ثورة 14 أكتوبر (تشرين الأول)» التي قامت في «الشطر الجنوبي» السابق لليمن عام 1963، حيث احتفى بها المحتجون في «ساحات التغيير والحرية» التي يتظاهر فيها مناوئو الرئيس علي عبد الله صالح، أيضا الاحتفال بها من قبل أنصار الرئيس علي عبد الله صالح وبذات التسمية المتقاربة، وفي محافظة صعدة التي باتت خارج سيطرة النظام المركزي في صنعاء ويسيطر عليها الحوثيون بدرجة رئيسية، خرجت مظاهرة حاشدة «رفعت خلالها اللافتات التي تطالب برحيل النظام الفوري، وترفض كل أنواع التدخل الخارجي في شأن الثورة اليمنية وألقي في المسيرة عدد من الفقرات الشعرية والإنشادية والخطابية».

وقال بيان صادر عن المظاهرة إن «الثورة اليمنية تخطو خطوات حقيقية وجادة في تحقيق أهداف الثورة الشعبية ويعود ذلك إلى الصبر الطويل والتمسك بمطالب وأهداف الثورة، حتى أن تلك الدول الماكرة التي تسعى إلى إضعاف الثورة بمزيد من المزايدات والمبادرات باتت تفقد صورتها الحقيقية وينكشف خداعها للشعب اليمني الذي يزداد بصيرة يوما بعد آخر نتيجة تجلي الأكاذيب التي تمارسها بعض الدول المساندة للنظام المجرم»، ودعا البيان «كل أبناء الشعب اليمني إلى الضغط المتواصل على النظام الظالم بكل صبر وقوة واستبسال، وأن مرور الوقت الزمني اليوم هو مرحلة من مراحل الحرب التي يشنها المجرم الظالم ومن يقف خلفه، وهو بحد ذاته في هذه المرحلة موقف بطولي ومشرف للشعب اليمني، ويقدم رسالة قوية للنظام الظالم وللقوى العالمية، فبقاء الثورة رغم هذه الأشهر المتتابعة والتمسك بحقوقها ومطالبها سيعجل بانهيار النظام».

ولم تمض الجمعة الجديدة دون تطورات أمنية، حيث قصفت قوات الحرس الجمهوري الموالية للرئيس اليمني صالح «ساحة الحرية» وأحياء كثيرة في مدينة تعز بجنوب غربي البلاد وهي الروضة والموشكي والمسبح وعصيفرة، وسقط في القصف عدد من الجرحى من المعتصمين والمدنيين، وفي تعز قدر عدد المتظاهرين بأكثر من مليون ونصف المليون شخص، خاصة أنها أكبر المحافظات اليمنية من حيث عدد السكان، وكالعادة ترافقت المظاهرات مع قمع من قبل قوات الأمن واشتباكات مع المسلحين المؤيدين للثورة.

وخرجت مظاهرات الأمس، بعد وقت قصير على إعلان «المجلس الوطني للثورة اليمنية» أن رئيسه، محمد سالم باسندوة تلقى تهديدا بخطف وقتل أطفاله، ووصف المجلس التهديد بأنه عبارة عن «ممارسات وأساليب خسيسة ضده بسبب أدائه الوطني الشجاع»، وحذر المجلس من يصفهم بـ«بقايا النظام» من الإقدام على «ارتكاب أي حماقة».

على صعيد الاحتجاجات الشعبية، خرجت مظاهرات هي الأكبر والأكثر حشدا في مناطق جنوب البلاد منذ أكثر من عامين، وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن «الحراك الجنوبي» حشد جماهيره في عدة محافظات بكثافة عالية وبالأخص في محافظتي عدن ولحج، وكان مؤيدو الحراك تقاطروا منذ أول من أمس، إلى مديرية ردفان، التي انطلقت منها ثورة 14 أكتوبر 1963، التي قامت ضد الاستعمار البريطاني الذي كان يحتل جنوب اليمن لأكثر من 129 عاما.

وبعد أن كان خفت نشاط الحراك الجنوبي ومظاهراته مع انطلاق الاحتجاجات المطالبة بسقوط النظام، فإن المظاهرات بمناسبة مرور 48 عاما على قيام ثورة أكتوبر عادت في هذه المناسبة قوية في الشارع الجنوبي اليمني وجددت المطالبة بما يسمى «استعادة الدولة»، حيث يطالب الجنوبيون بـ«فك الارتباط» كما يسمونه أو الانفصال كما تصفه السلطات اليمنية.

وضمن المطالب التي يرفعها المحتجون في الجنوب، إطلاق سراح عشرات أو مئات المعتقلين من الحراك الذين يقبعون في سجون المخابرات والأجهزة الأمنية اليمنية في صنعاء وعدن وحضرموت ولحج وغيرها من المحافظات، حسبما يقول القياديون في الحراك الجنوبي.

وفي المقابل، خرج حشد من أنصار الرئيس علي عبد الله صالح في ذات الجمعة ولذات المناسبة وبنفس الاسم، حيث احتشد الموالون في «ميدان السبعين» في جنوب العاصمة وبالقرب من دار الرئاسة اليمنية التي شهدت محاولة الاغتيال التي تعرض لها الرئيس علي عبد الله صالح في الـ3 من يونيو (حزيران) الماضي والتي نجا منها، لكن أكثر من 11 من أفراد حراسته من الضباط والجنود قتلوا في الحادث على الفور، إضافة إلى مقتل رئيس مجلس الشورى، عبد العزيز عبد الغني في السعودية التي أسعف إليها المصابون، بعد أكثر من شهرين من المعاناة، وقبل عبد الغني توفي محمد الفسيل وكيل وزارة الأوقاف، متأثرا بجراحه أيضا.

ويتعرض نظام الرئيس علي عبد الله صالح لضغوط للرحيل عن السلطة داخليا عبر الاحتجاجات وضغوط المعارضة وخارجيا عبر الأطراف الإقليمية والدولية التي تسعى إلى تجنيب اليمن الدخول في نفق الحرب الأهلية التي باتت تلوح في الأفق وتتمثل في الحشود العسكرية والمتاريس والاستعدادات من قبل القوات الموالية للرئيس صالح ومن قبل القوات العسكرية التي أعلنت تأييدها للثورة الشبابية، كما تسمى وأيضا من قبل القوى القبلية المؤيدة للثورة.