لبنان: ميقاتي يسير في حقل ألغام تمويل المحكمة ومصادره تجدد الالتزام بالقرارات الدولية

مصدر بالمحكمة الدولية يتوقع لـ انطلاقة المحاكمة أواخر فبراير

TT

بعد أن أزالت الحكومة اللبنانية كابوس الإضراب العمالي من خلال زيادة الأجور والرواتب ولو بشكل متواضع، أصبح الآن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أمام استحقاق أكثر صعوبة وخطورة، ويتمثل بالبحث عن حل سريع لمسألة تمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، بعد الوعود التي قطعها أمام الأمم المتحدة بالتزام لبنان كل القرارات الدولية بما فيها المحكمة، لكن المشهد السياسي الآن يظهر أن ميقاتي يسير في حقل من الألغام في ظل الرفض القاطع لحزب الله والنائب ميشال عون وحركة «أمل» السير في تمويل المحكمة لا من قريب ولا من بعيد، الأمر الذي يطرح علامات استفهام عما سيكون عليه مصير الحكومة برمتها.

وفي هذا الإطار، رفضت مصادر ميقاتي الغوص في أي نقاش يخص المحكمة، واكتفت بالقول لـ«الشرق الأوسط»: «إن موضوع تمويل المحكمة هو محور نقاش مع المعنيين بعيدا عن الأضواء، ويبحث بطريقة علمية وموضوعية وصولا إلى الحل الذي يحفظ مصلحة لبنان، وبما يؤكد التزام لبنان القرارات الدولية بما فيها المحكمة».

من جهته، أكد مصدر بارز في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، أن «محكمة البداية بدأت إجراءات التحضير لمحاكمة المتهمين في اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، وهي الآن منصرفة إلى إتمام التبليغات، سواء للمتهمين أم لمكتب الدفاع في المحكمة». وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط»: «إن التحضيرات لمحاكمة المتهمين الأربعة باغتيال الحريري غيابيا بدأت على قدم وساق، وذلك بالتعاون مع قاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرانسين، ورئيس مكتب الدفاع في المحكمة فرانسوا رو، الذي بدأ تعيين محامين للدفاع عن المتهمين في حال لم يمثلوا ولم يوكلوا محامين للدفاع عنهم». وتوقع أن تنطلق المحاكمات في أواخر شهر فبراير (شباط) أو مطلع مارس (آذار) المقبلين ما لم يطرأ أي جديد». ولفت المصدر إلى أن «امتناع الحكومة اللبنانية عن دفع متوجباتها من ميزانية المحكمة لن يعطلها ولن يؤثر على سير المحاكمة، الأمين العام للأمم المتحدة (بان كي مون) سيطلب حينها من الدول المتبرعة تأمين المبالغ المتبقية». وردا على سؤال عما إذا رفضت الحكومة اللبنانية تجديد اتفاقية المحكمة، سيؤثر على استمرارها، أجاب المصدر «كلا لن يؤثر بشيء، فرأي الحكومة اللبنانية بهذا الشأن هو استشاري وغير ملزم على الإطلاق»، مذكرا بأن «مجلس الأمن الذي أنشأ هذه المحكمة من أجل وضع حد للقتل السياسي في لبنان، لم يترك هذه المحكمة تحت رحمة طرف، ولذلك فإننا نطمئن اللبنانيين وأهالي الضحايا إلى أن المحكمة مستمرة والعدالة آتية لا محالة».

أما على الصعيد السياسي، فرأى عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب زياد أسود، أن «العصا الوحيدة التي يمكن لواشنطن رفعها في وجهنا في حال قررنا وقف التعاون مع القرارات الدولية الجائرة هي وقف أرصدة المصارف اللبنانية بالخارج، وهو تصرف كيدي». وسأل «ما هو سبب عزم أميركا على القيام بذلك والتسبب في حرب أهلية وفتنة طائفية تخرب لبنان مقابل الكشف عن قتلة (الرئيس) رفيق الحريري؟ وهل الشخص (الحريري) مقابل حياة أربعة ملايين لبناني؟». وأضاف أن «(التيار الوطني الحر) يريد أن يعلم قبلهم (الأميركيين) من قتل بيار الجميل وأنطوان غانم ورفيق الحريري وجورج حاوي وكل هؤلاء الشباب، لكن هناك قواعد وأصول ودستور يجب احترامها»، مؤكدا أن «سقوط أو بقاء الحكومة ليس مرتبطا بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان». وإذ لفت إلى أن «الهدف من المحكمة إسقاط المقاومة، لكن رأس المقاومة لن يقطع بمحكمة دولية ولا بغيرها».

من جهته، أوضح عضو كتلة المستقبل النائب أحمد فتفت، أن «لا ضرورة لقرار من مجلس النواب في موضوع تمويل المحكمة، لأن الأمر يعود للحكومة، كما أن التمويل قرار ملزم للبنان»، لافتا إلى أن «كلام (رئيس الحكومة نجيب) ميقاتي عن التمويل محاولة منه لتحسين صورته في الخارج في وقت يدرك فيه أن من معه في الحكومة يقف ضد التمويل»، ومؤكدا أن «الحكومة ستبقى، وبالتالي ميقاتي سيبقى خاضعا لمشيئة حزب الله، كما أن هذه الحكومة لن تدفع حصة لبنان في التمويل».