سلفيو مصر.. من صناعة الفتنة الطائفية إلى محاولة إطفائها

الداعية أسامة سليمان لـ «الشرق الأوسط»: رفضنا النزول إلى «ماسبيرو» للاعتداء على المسيحيين

مصريون يرسمون الهلال متعانقا مع الصليب على أكفهم في مسيرة للوحدة الوطنية أمس بالقاهرة (أ.ف.ب)
TT

كشف الداعية السلفي الدكتور أسامة سليمان عن رفض التيار السلفي النزول إلى «ماسبيرو» (محيط مقر التلفزيون الرسمي) خلال الاشتباكات الأخيرة التي تخللت مسيرة للمسيحيين، والتي أسفرت عن مقتل وإصابة نحو 400 شخص، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «رفضنا الاعتداء على المسيحيين على الرغم من الدعوات الكثيرة التي وجهت لنا من داخل التيار السلفي وخارجه للمشاركة في الاعتداءات»، مضيفا: «خفنا من حصد آلاف الضحايا حال نزولنا».

ووحد شيوخ السلفية، المتهمون بصناعة جزء كبير من الفتنة الطائفية بين المسلمين والمسيحيين في مصر، خطبتهم أمس (الجمعة) على موضوع الفتنة الطائفية ومخاطرها. وأكد الداعية السلفي الشيخ محمد حسان على أنه «لن يظلم قبطي قط، وأن الأمة أجمعت على وجوب حماية المسيحيين».

ويرى مراقبون أن التيار السلفي أسهم في استمرار الاحتجاجات في البلاد عقب سقوط النظام السابق، وحصل على مساحة رسمية من العمل في الشارع لم تكن متاحة في ظل حكم مبارك مع تيارات إسلامية أخرى كجماعة الإخوان والجهاد والجماعة الإسلامية.. وهو أمر أصاب قطاعا واسعا من المصريين المسيحيين بالقلق، خصوصا بعد أن تزامن مع ذلك دعوات لتطبيق الشريعة الإسلامية واعتداءات على كنائس. وهو الأمر الذي نفاه سليمان تماما، مؤكدا على أن «المسيحيين يعيشون إلى جانب المسلمين منذ زمن طويل، وليست هناك مشكلة على الإطلاق».

وقال سليمان إن جميع دعاة السلفية دعوا أمس إلى الحد من الفتنة خلال خطبة الجمعة، وبينوا حقوق المسيحيين وواجباتهم ووجهوا الدعوة إلى التهدئة للحد من الفتنة، وعرفوا الجميع بأكذوبة أن المسيحيين مضطهدون في مصر.

لكن سليمان رغم ذلك قال: «هناك مشكلة تقابلنا تتمثل في وجود كراهية داخل شباب التيار السلفي منذ عقود طويلة على عدم قبول الآخر»، لافتا إلى «أننا نحاول الحد من هذا الأمر».

من جانبه، أضاف الداعية السلفي الشيخ إبراهيم عوض لـ«الشرق الأوسط»: «أكدنا في خطبة (الجمعة) أمس على أن الفتنة الطائفية شر يجب أن ننتصر عليه بالرجوع إلى القرآن الكريم والسنة النبوية، والتركيز على ما أمرنا به الله في تعاملنا مع أصحاب الديانات السماوية الأخرى، خاصة المسيحيين، مصداقا لقول الله تعالى (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون)».

وانتهج أئمة وزارة الأوقاف المصرية نفس النهج وتوحدوا حول خطبة واحدة، وقال الشيخ شوقي عبد اللطيف وكيل وزارة الأوقاف للشؤون الدينية، لـ«الشرق الأوسط» إنه تم إخطار مديريات الأوقاف بمحافظات مصر بتحديد خطبة الجمعة عن الفتنة الطائفية ومخاطرها، وتوعية الشعب بالمؤامرات التي تحاك ضده من الداخل والخارج، لضياع مكتسبات ثورة 25 يناير (كانون الثاني) وإدخال مصر في حرب أهلية لا يعلم مداها إلا الله.

وفي خطبته بمحافظة سوهاج، دعا الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية لدرء الفتنة، مؤكدا أن الفتنة نائمة ولعن الله من أيقظها. وأشار جمعة إلى أن الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنه من آذى ذميا فقد آذاني»، لافتا إلى أن مصر على مر التاريخ تصدت لكل أشكال الفتن.

وفيما يؤكد مراقبون على أن التيار السلفي لعب دورا كبيرا في الحد من الفتنة الطائفية التي وقعت خلال الفترة الماضية بين مسلمين ومسيحيين، خاصة في الأحداث التي أعقبت إحراق كنيسة «الشهيدين» بقرية صول بمركز أطفيح بالقاهرة في مارس (آذار) الماضي، انتقد حقوقيون دعوات بعض مشايخ التيار السلفي لهدم التماثيل داخل المتحف المصري، وإزالة علامة تجارية لإحدى السيارات على شكل «صليب»، وحظر «المايوه البيكيني» في منتجعات سياحية، وإلغاء البنوك، وإقامة دولة الخلافة الإسلامية.

لكن الناشط الحقوقي صفوت جرجس أكد أن التيار السلفي يحاول أن يعبر عزلته، والخروج للمجتمع من جديد بعد مواقف بعض شيوخه المتشددة. وقال جرجس لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا التحول يأتي نتيجة المرحلة الجديدة للتيار السلفي الذي يبحث فيها عن مكانة سياسية»، لافتا إلى أن هذه المكانة لا بد أن يسبقها تصدره للمشهد الديني.

وتابع جرجس أن «بعض رموز التيار السلفي يثيرون خوف المسيحيين منهم في بعض القنوات الفضائية، وعليهم أن ينتبهوا لذلك». وهو ما دعا إليه الشيخ حسان، مطالبا عقلاء المسلمين والمسيحيين بالحكمة والتأني، قائلا: «لا نريد تحريضا أو إشعالا للنار، بل الحكمة فقط من الطرفين».

وكان الداعية السلفي ياسر برهامي قد دعا إلى نزع علامة تجارية على شكل «صليب» لإحدى السيارات، قائلا: «كل من أمكنه أن يزيل شيئا فيه تصاليب، لزمه ذلك». واستند في ذلك إلى أن السيدة عائشة - رضي الله عنها - قالت: «إن النبي لم يكن يترك في بيته شيئا فيه تصاليب إلا نقضه».

وفي السياق، أكد الشيخ محمد حسان، على أن الفتنة الطائفية ملف قديم جديد، مشيرا إلى أن رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية قال: «لقد استطعنا إشعال نار الفتنة الطائفية، كما أن هناك صهيونيا تقدم بمشروع إلى الكونغرس الأميركي لتقسيم مصر والسودان والعراق وفلسطين، وإن ذلك لن يتم، إلا من خلال إشعال نار الفتنة الطائفية».

وانتقد حسان الإعلام المصري، لكونه سبب إثارة الفتنة وثقافة الضجيج وإعلام الهدم والتحريض.