فرحة وخيبة أمل تسودان الشارع الفلسطيني بعد نشر قوائم الأسرى

هنية في وصفه الإفراج عن المحكومين بالمؤبد: نحن كمن أخرج الناس من قبورهم

اسماعيل هنية يلقي خطبة الجمعة في أحد مساجد غزة أمس (إ.ب.أ)
TT

على الرغم من الفرحة التي طالت مئات العائلات الفلسطينية التي قرأت أسماء أبنائها في القوائم النهائية التي نشرتها حماس ولجان المقاومة الشعبية، لصفقة تبادل الأسرى مع إسرائيل، فإن خيبة أمل كبيرة أصابت مئات العائلات الأخرى، وشرائح واسعة من الفلسطينيين، بعد التأكد من أن الصفقة استثنت ليس فقط أبرز الأسماء القيادية وحسب، بل أبرز الناشطين العسكريين الميدانيين أيضا، في مختلف الفصائل الفلسطينية، بالإضافة إلى أنها تتضمن إبعاد 203 من الأسرى مباشرة إلى غزة، 40 منهم إلى تركيا. وفي غضون ذلك، وصف رئيس الحكومة المقالة إسماعيل هنية، أمس في خطبة الجمعة، الصفقة بالمباركة، وقال «غزة ستعيش الفرحة والضفة والقدس وأراضي 48 والجولان السوري المحتل». وتابع القول «إن الصفقة التي تشمل 320 أسيرا محكوما بالمؤبد ومدى الحياة معناها أننا نخرج الناس من قبورهم». وإذا كانت الصفقة لم تضم القيادي في فتح مروان البرغوثي، وأمين عام الجبهة الشعبية أحمد سعدات، وقادة حماس العسكريين، عبد الله البرغوثي وعباس السيد وإبراهيم حامد وحسن سلامة، فإنها لم تضم كذلك عشرات الأسماء من أبرز الناشطين العسكريين في حماس وفتح والجهاد والجبهة الشعبية، وبعض الأسرى القدامى، إضافة إلى النواب والمسؤولين السياسيين.

ولعل الصدمة وخيبة الأمل الكبرى، اللتين أصابتا العديد من الفلسطينيين، كان مردهما حماس نفسها، التي أعلنت مرارا أنها لم تتنازل قيد أنملة عن قائمة سابقة ضمت معظم القياديين السياسيين والعسكريين للفصائل، وأعطت وعودا بذلك لعائلاتهم، قائلة إنها ستحتفظ بشاليط 100 عام أخرى قبل أن تتنازل، وإذ بها توقع صفقة تتنازل فيها عن أبرز الأسماء الأسيرة على الإطلاق، حتى في الجناح العسكري لحماس نفسها حسب قول مصدر فلسطيني.

وحاولت حماس التخفيف من وطأة عدم الرضا، بقولها إن الصفقة وصلت إلى طريق مسدود، فإما إبقاء الجميع في السجن أو الظفر بنحو ألف أسير، كما قال القيادي البارز في الحركة صالح العاروري، بل ذهبت مصادر حماس إلى حد القول إن قيادات الأسرى الذين لم تشملهم الصفقة، وافقوا على ذلك، وآثروا على أنفسهم. غير أن ذلك لم يقنع كثيرين، وزاد الجدل واحتد في الشارع الفلسطيني، حول الصفقة وتفاصيلها بعد نشر كامل الأسماء.

وقال المحلل والناشط السياسي يوسف شرقاوي، الذي أصيب بخيبة أمل «لا أعرف لماذا عادة لا ننتصر في معاركنا كما يجب». وأضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «نفشل في كل مرة.. للأسف، بصمات (جهاز المخابرات الإسرائيلي العامة) الشاباك موجودة في الصفقة، أقصد أنه فرض شروطه، كنت أتمنى وأتوقع صفقة أفضل». وتابع «هذا جزء من العلة، التي تعانيها الحركة والوطنية والإسلامية كلها، إنهم يأخذون الشعب رهينة، ويرفضون أي صوت ينتقدهم، وجميعهم يبحثون عن سلطة وهمية وينطلقون من منطلق النكاية في بعضهم بعضا».

وفوجئ كثير من العائلات الفلسطينية بعدم شمول الصفقة أسماء أبنائهم. وقال أبو أحمد المغربي، الذي ورد اسمه ابنه علي المحكوم بمؤبدين في قائمة المفرج عنهم بينما لم يرد اسم ابنه أحمد المحكوم بـ18 مؤبدا «أعتقد أنها صفقة أخذ مكان. حماس تزاحم أبو مازن على مكان في الشارع وهذه هي كل الحكاية». وأضاف «أين هي الثوابت؟ أسأل وأنا مستفيد من الصفقة، وسيخرج أحد ابنيّ، لكن أين الثوابت؟ هذه صفقة كان يمكن أن تتم قبل 5 سنوات، وفورا». وأردف «لقد تراجعوا حتى عن وعودهم». وقال ناشط حمساوي طلب عدم الكشف عن اسمه لـ«الشرق الأوسط»: «ما زلت لا أصدق أن الصفقة لم تشمل حسن سلامة وعبد الله البرغوثي والسيد وحامد، هناك شيء لا أفهمه».

وانتقل الجدل إلى صفحات موقعي التواصل الاجتماعي «فيس بوك» و«تويتر»، والمنتديات الأخرى. وقال الناشط والمدون منير الجاغوب على صفحته «مبعدو كنيسة المهد ومبعدو صفقة شاليط.. الله المستعان». وأضاف «بعد الاطلاع على صفقة الإخوة في حماس، والأسماء المفرج عنها، وتفاصيل الصفقة، أقترح عليهم بدل إطلاق اسم (صفقة الوفاء للأحرار)، أن يسموها بـ(صفقة الوفاء... للمبعدين). القائمة الرسمية معظمها من المبعدين للخارج، وشاليط روح لحضن أمه».

وتساءل محمد أكرم «نحن مع خروج أي أسير فلسطيني، ولكن من حقنا أن نسأل هل هذا معيار الصفقات؟ فكيف لا يخرج قيادات الفصائل، وكيف لنا أن نقبل أن يهجروا من السجن للخارج يعني من سجن لغربة؟ وهناك مشكلة أن حماس نعتت أبو عمار بالخيانة عندما قبل مضطرا لإبعاد (مبعدي المهد).. والله عيب».

أما حميد مزهر، فوجه سؤالا لحماس «جنرال الصبر عيسى عبد ربه المسجون منذ أكثر من 28 عاما يسقط بالفيتو مرتين.. لماذا؟».

ولم يتوقف الجدل عند حدوده الجماهيرية فقط، بل انتقل إلى المستوى الرسمي، بعدما انتقد وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، صفقة التبادل مع إسرائيل لأنها تشمل إبعاد بعض الأسرى. وقال المالكي، «نحن مسرورون للإفراج عن 1027 أسيرا، لكننا شعرنا بخيبة أمل كبيرة من أن عددا منهم سينقلون إلى غزة ولن يسمح لهم بالبقاء في منازلهم مع عائلاتهم في الضفة وبعض سينفى للخارج». وأضاف متسائلا «هل الهدف من توقيت الصفقة تعزيز شعبية الحكومة الإسرائيلية وحماس في مواجهة السلطة والرئيس عباس؟.. هذا سؤال مشروع نطرحه».

ورفضت حماس ما وصفته بـ«تشكيك» المالكي في توقيت الصفقة، وقال مصدر مسؤول فيها «انه (المالكي) يضع نفسه بذلك خارج الصف الوطني الفلسطيني الذي عبر بالإجماع عن سعادته بتحقيق هذه الصفقة».

ورد إسماعيل رضوان، أحد الناطقين باسم حماس «المبعدون سيبعدون بموافقتهم شخصيا وبمحض إرادتهم، وسيكون لهم الخيار في العودة لاحقا إلى غزة متى شاءوا، أما باقي المبعدين فسينقلون إلى غزة وهي جزء محرر من الوطن».