أزمة «علم خانقين» تهدد بإعادة ترتيب أولويات الأزمات بين بغداد وأربيل

بارزاني يجتمع بالأحزاب الكردستانية غدا للتشاور حول نتائج زيارة الوفد الكردي إلى بغداد

TT

على الرغم من النبرة الهادئة التي تكلم بها نائب رئيس كتلة التحالف الكردستاني في البرلمان العراقي محسن السعدون، بشأن الأزمة الجديدة والطارئة بسبب إنزال علم إقليم كردستان من فوق المباني الحكومية في مدينة خانقين المتنازع عليها، وذلك في تصريحه لـ«الشرق الأوسط»، فإن لغة ما بين السطور تشير إلى نوع من الاستياء حيال مسألة «يمكن أن تكون نتجت عن تصرف فردي قام به مسؤول محلي»، على حد قوله.

ولم يصدر تعليق رسمي من بغداد على القرار الذي اتخذته الحكومة المركزية بإنزال العلم الكردستاني في خانقين التي تقع الآن تحت إدارة الحكومة الاتحادية على الرغم من خضوعها للمادة 140 من الدستور العراقي بشأن المناطق المتنازع عليها، لكن عددا كبيرا من المواطنين الكرد في خانقين ردوا على القرار برفع علم إقليم كردستان على أسطح منازلهم. وفي محافظة دهوك قامت جماعة تسمي نفسها «جماعة حماية العلم الكردستاني» بإنزال العلم العراقي من فوق البنايات الرسمية من دوائر المحافظة.

ومن شأن هذا التوتر أن يعيد ترتيب أولويات الأزمات بين حكومتي إقليم كردستان والحكومة الاتحادية قبل أولويات الحلول. ففيما أنهى وفد سياسي كردي مباحثات وصفت بالناجحة في بغداد مع قادة الكتل السياسية المختلفة وآخرها لقاء وصف بالمثمر والصريح مع رئيس الوزراء نوري المالكي وهو ما يمكن أن يمهد لزيارة وشيكة لرئيس حكومة إقليم كردستان برهم صالح إلى بغداد لبحث النقاط العالقة ومنها المادة 140 وقانون النفط والغاز والتوازن الحكومي وسواها من المسائل العالقة وفقا لقاعدة التفاهم السياسي التي أرساها الوفد الكردي، فإن القرار الذي تم اتخاذه من قبل الحكومة المركزية أو الإيحاء باتخاذه والقاضي بإنزال علم إقليم كردستان من فوق الدوائر الحكومية في خانقين صب زيتا جديدا على نار الخلافات التي لم تهدأ طبقا لتعدد الأزمات بين الطرفين.

نائب رئيس كتلة التحالف الكردستاني في البرلمان العراقي الاتحادي محسن السعدون، عبر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» عن قناعته بـ«عدم انجرار الكرد تحت أي ظرف إلى أزمة سياسية بسبب العلم على الرغم من أنه كان بالإمكان عدم إثارة مسألة حساسة من هذا النوع مهما كانت ذات طابع شكلي في هذا الظرف». وأضاف السعدون أن «خانقين وبعض المناطق المتنازع عليها هي من الناحية العملية تعود إدارتها ومسؤوليتها للحكومة المركزية وهي بالتالي تختلف عن المناطق الأخرى، ومع أنها تثير حساسيات معروفة، فإن قضايا العلم وغيرها تظل مهما كانت تدخل في باب الشكليات التي ينبغي ألا تثير ردود فعل متشنجة ومتسرعة من أي طرف». وأشار السعدون إلى أن «الكرد ملتزمون بالدستور العراقي وهم جزء من العراق، والعلم العراقي علمنا ونرفعه فوق أعلى جبال كردستان، وعلم كردستان هو الآخر علم عراقي إلا أنه يمكن أن تظهر بعض التصرفات الإدارية الخاطئة من قبل هذا المسؤول أو ذاك في هذه البلدة أو تلك، والتي يجب ألا تقودنا إلى التفكير بنظرية المؤامرة أو الانجرار إلى أزمة ما دام الجميع يعلن احترامه للدستور»، مشيرا إلى أن «تطبيق الدستور يحتاج إلى آليات معروفة وزمن، وهو أمر معروف لجميع الأطراف». وحول النتائج التي تمخضت عنها زيارة الوفد السياسي الكردي وفيما إذا كان الوفد الحكومي سيأتي إلى بغداد قريبا، قال السعدون «نحن لا نريد أن نسبق الأحداث، فالوفد السياسي الكردي سيقدم خلال الأسبوع المقبل تقريره إلى رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، وستتقرر على ضوئه الخطوات اللاحقة».

إلى ذلك، كشف الدكتور فؤاد حسين رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان، عن أن مسعود بارزاني رئيس الإقليم سيجتمع غدا مع قادة وممثلي الأحزاب الكردستانية من أجل التشاور حول نتائج الزيارة التي قام بها وفد سياسي كردي إلى بغداد، والاتفاق على موقف موحد تجاه تطورات العملية السياسية في العراق.

وقال حسين في تصريح تلقت «الشرق الأوسط» نصه «إن بارزاني سيدعو أعضاء الوفد السياسي الكردي إلى الاجتماع لتقديم شرح مفصل لمجمل اللقاءات التي أجراها في بغداد مع رؤساء الجمهورية والوزراء والبرلمان والقادة السياسيين والكتل العراقية المختلفة، والتشاور مع ممثلي الأحزاب الكردستانية للاتفاق على موقف موحد لجهة التعاطي مع تطورات العملية السياسية في العراق على ضوء نتائج المحادثات التي أجراها الوفد في بغداد». وبحسب المصادر السياسية في كردستان، يتوقع أن تحدد المشاورات التي يجريها بارزاني مع ممثلي الأحزاب الكردستانية مصير الزيارة التي كان مقررا إجراؤها لوفد حكومة الإقليم برئاسة برهم صالح إلى بغداد لوضع آليات تنفيذ الالتزامات التي تعهد بها قادة العراق والأحزاب السياسية العراقية فيما يتعلق بالمشاكل العالقة بين أربيل وبغداد والتي تتمحور حول قضايا قانون النفط والغاز والمادة 140 الدستورية المتعلقة بتطبيع أوضاع المناطق المتنــــازع عليهـــــا، وموازنة البيشمركة.