الجيش الأميركي يتكتم على خططه بشأن تسليم قواعده للحكومة العراقية

حتى لا يستخدم المسلحون المعلومات لشن هجمات عليه

TT

كشف مسؤول عسكري أميركي كبير في العراق عن أن الجيش الأميركي قرر التكتم على خططه بشأن تسليم منشآت عسكرية إلى الجيش العراقي بسبب مخاوف من احتمال أن تستخدم الجماعات المسلحة هذه المعلومات لشن هجمات.

وقال الميجر جنرال توماس سبوير، نائب قائد القوات الأميركية في العراق، في مؤتمر صحافي عبر الهاتف «مع غلق قواعد يستغل بعض الخصوم الفرصة ويهاجموننا.. بعض الهجمات وقعت في يوم التسليم». ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن سبوير قوله، إن جدول المغادرة الذي كان يعلن في السابق لطمأنة العراقيين إلى رحيل القوات الأميركية «أصبح الآن سريا».

يذكر أنه من مجموع 500 قاعدة عسكرية، كانت تشغلها القوات الأميركية، بقيت الآن 22 قاعدة فقط. وهناك حاليا في العراق نحو 41 ألف جندي أميركي يتعين انسحابهم بنهاية العام الحالي بموجب الاتفاقية الأمنية الموقعة بين الولايات المتحدة والعراق. وتجري حاليا مفاوضات بشأن إبقاء نحو 5 آلاف عسكري أميركي بصفة مدربين بعد موعد الانسحاب النهائي.

وقال سبوير إن نقل الجنود والمعدات والممتلكات من العراق هي أعقد عملية لوجيستية يواجهها الجيش الأميركي منذ الحرب العالمية الثانية. وحسب الناطق باسم القوات الأميركية في العراق، الميجر جنرال جيفري بيوكانن، تم استخدام 13.900 شاحنة في 399 قافلة لنقل معدات ووقود ومواد غذائية من العراق. وكشف سبوير عن أن 520 عسكريا في المتوسط يغادرون العراق يوميا.

إلى ذلك، تزداد القناعة لدى العراقيين خصوصا بعد سلسلة الانفجارات التي ضربت مدينة الصدر مساء الخميس وأودت بحياة 18 شخصا، أن انسحاب القوات الأميركية من العراق قد لا يوقف موجة العنف المتواصلة بسبب عدم قدرة قوات الأمن على مواجهة الفلتان الأمني المستشري، حسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.

وذكر مصدر في وزارة الداخلية أن الحصيلة النهائية لضحايا الانفجارات التي وقعت مساء أول من أمس في مدينة الصدر «بلغت 18 قتيلا و43 جريحا بينهم عدد كبير من النساء والأطفال». وأشار إلى انفجار ثلاث عبوات ناسفة على التوالي في المنطقة المحيطة بسوق الحي الشعبي وسط مدينة الصدر، شرق بغداد. وخيم الحزن على مدينة الصدر التي شيعت في ساعة مبكرة من صباح أمس ضحايا الانفجارات».

وقال عبد العزيز سلطان (36 عاما) أحد العاملين في مكتب مسؤول في التيار الصدري «توجه الجميع وبينهم أخي، إلى موقع الانفجار الأول لإنقاذ الضحايا بعدها وقع انفجار ثان فقتل أخي عبد الرحمن (21 عاما)». واستذكر عبد العزيز بألم حديثه مع شقيقه عبد الرحمن الذي قضى وستة آخرون من نفس الحي الذي يعيش فيه إضافة لإصابة نحو عشرين آخرين جراء الانفجار. ويرى عبد العزيز أن «قوات الأمن غير قادرة على حماية الناس وعلى الجهات الحكومية أن تعمل بجد أكثر لوقف موجة العنف». وأشار إلى أن إطلاق تصريحات كثيرة، بعضها يقول إن أسباب الانفجار طائفية وبعضها الآخر يقول إنها مفتعلة، كما سيقول آخرون إنها جهات تسعى لإبقاء القوات الأميركية في العراق، إلا أن النتيجة تؤكد مواصلة أعمال العنف.

من جانبه، أكد الطبيب أحمد مجيد من مستشفى الشهيد الصدر في مدينة الصدر، أن «المستشفى استقبل ثمانية قتلى وأكثر من عشرين جريحا وانطلق الجميع لإنقاذ الجرحى». وقال محمد نصار (16 عاما) وهو طالب في الصف الثاني متوسط، فقد ساقه اليسرى جراء الانفجار من على سريره في المستشفى «كنت أقف قرب موقع الانفجار الأول وحاولت الهرب إلى البيت لكن انفجارا ثانيا وقع بعدها ووجدت نفسي على فراش المستشفى وقد بترت ساقي». وقال حيدر صباح (30 عاما) وهو يرقد في سريره في المستشفى «أصبت بجروح في كتفي ورجلي إثر الانفجار الثاني الذي وقع لدى تجمع الناس».

ويرى ثامر خالد (36 عاما) وهو عامل بأجر يومي، فقد ابن عمه محمد (12 عاما)، أن «القوات الأمنية قادرة على حفظ الأمن لكن المشكلة فينا». وتابع «لا نفعل شيئا لوقف العنف، الخلل بيننا»، في إشارة لعدم التعاون مع قوات الأمن.

وتعد أعمال العنف التي شهدتها العاصمة بغداد خلال اليومين الماضيين، الأكثر دموية منذ الاعتداء الذي استهدف مسجدا في 28 أغسطس (آب) الماضي موقعا 28 قتيلا. وردا على تكرار الهجمات قال أحمد الصافي ممثل المرجع الكبير آية الله علي السيستاني في خطبة صلاة الجمعة في مدينة كربلاء أمام مئات المصلين «هناك عمليات إرهابية تزداد واغتيالات وأياد زكية (...) وتحصد أرواحا كثيرة وعمليات إرهابية تدل على تدريب ودرجة عالية من الاستعداد لإرباك الوضع الأمني». وخاطب المسؤولين قائلا «هل هناك استعداد بالمقابل عند الأجهزة الأمنية أم لا؟». وتابع «إلى هنا نقول يكفي لا بد أن نصل لحل لوقف العنف». بدوره، دعا رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي الأجهزة الأمنية إلى «أخذ دورها الحقيقي والفاعل من أجل وضع حد لهذا المخطط الإجرامي البشع، والذي يهدف إلى زعزعة الأمن وبث الرعب وتكريس الفكر الطائفي وتمزيق النسيج الاجتماعي العراقي».