طريقة إطلاق الأعيرة النارية تحمل معاني خاصة للثوار في ليبيا

الثورة أكسبت الليبيين خبرة استخدام الأسلحة وتحديد نوع المقذوفات بمجرد سماعها

أحد الليبيين يطلق النار في الهواء احتفالا بانتصار الثوار في إحدى المعارك (نيويورك تايمز)
TT

أصبح من المتعارف عليه والمألوف بالنسبة للشارع الليبي، سماع إطلاق الأعيرة النارية طوال أوقات اليوم دون تفرقة بين ليل ونهار، لكن المثير أن إطلاق الأعيرة النارية يمثل رسائل ومعاني خاصة لا يفهمها إلا الليبيون.

وتختلف إشارات إطلاق الأعيرة النارية من طريقة لأخرى، فإطلاق الطلقات النارية بكثرة وبشكل عشوائي وسماع التكبير في المساجد في غير وقت الصلاة، يعني أن هناك نصرا تمكن الثوار من إحرازه على جبهات القتال ضد كتائب العقيد الهارب في المناطق التي ما زالت قوات القذافي تسيطر عليها وهي أحياء من مدينة سرت مسقط رأس القذافي ومدينة بني وليد (250 كيلومترا من طرابلس).

وعند تحقيق نصر، تقوم مجموعة من الشباب التابعين لأمن الثوار والشباب الليبيين المقاتلين بإطلاق أعيرة نارية في الهواء وقت وصولهم من على الجبهة لإذاعة نبأ النصر، وذلك ليطمئنوا أهالي المدن بأن هناك نصرا كبيرا حدث على إحدى الجبهات، ويعقب سماع هذه الطلقات التكبير والتهليل في المنازل فرحة بالنصر، كما يقوم العديد من الشباب الليبي بالخروج إلى الساحات والميادين يجولون الشوارع ويرددون شعارات ثورتهم وإلقاء الخطب والأشعار الحماسية من على المنصات في الشوارع.

أما إطلاق عدد محدود من الطلقات فهو يعني أن جثمان أحد الشهداء قد وصل من إحدى جبهتي القتال، وبعد سماع هذه الطلقات يخرج بعض الشباب لكي يتعرفوا على صاحب الجثمان وذلك لكي يشارك أهالي المدن في تشييع جثمانه.

ويقول محمد عصام (27 عاما)، وهو صاحب محل للمفروشات، وأحد شباب الثوار الذين شاركوا في جبهات القتال، لـ«الشرق الأوسط»: «إن إطلاق النار في ليبيا يكون في ثلاث حالات؛ إما مواجهة قوات وكتائب القذافي، أو أن هناك نصرا على الجبهة لا بد من إخبار أهالي المدن به، أو أن الثوار حملوا جثمان شهيد إلى مدينته ليشارك الأهالي في تشييع جثمانه».

وقالت مصادر ليبية بالمجلس الانتقالي الوطني الليبي لـ«الشرق الأوسط» إنه بمعدل كل يومين تقريبا تستقبل المدن المختلفة ما يقرب من جثمان شهيدين أو ثلاثة، يتم نقلهم من الجبهة إلى منازلهم، وأشارت المصادر إلى أن جميع المدن في ليبيا تشارك على كل الجبهات بعدد من الشباب ولا يكون الأمر مقصورا على المدن المحيطة فقط بمدينتي سرت وبني الوليد.

اللافت، أنه منذ قيام الثورة الليبية في 17 فبراير (شباط) الماضي، ونتيجة المواجهات الدامية التي حدثت بين الكتائب والمرتزقة التابعين للعقيد من جهة والثوار الليبيين من جهة أخرى، والتي كانت جميع المدن الليبية أرضا لها خلال الثمانية أشهر الماضية، أصبح لدى الشعب الليبي الخبرة الكافية في استخدام شتى أنواع الأسلحة وكيفية تفكيكها وتركيبها، ليس هذا فقط بل إن الثوار الليبيين يستطيعون تمييز صوت المقذوفات وتحديد أنواعها وطرازها ونوع السلاح الذي تم إطلاقها منه، حتى وإن كان على بعد مسافات كبيرة.

ويقول فراس أحد شباب الثورة الليبية: «خلال الثمانية أشهر الماضية تعاملنا مع أنواع عدة من الأسلحة، وهو ما أعطانا الخبرة الكافية في تمييز أنواع المقذوفات والانفجاريات ونوعية الطلقات التي تطلق، حتى وإن كانت على بعد كبير منا».

وأوضح فراس أن ثورة 17 فبراير استطاعت أن تكسب الشعب الليبي خبرة كبيرة في الأمور العسكرية من تحديد أنواع المقذوفات عند سماعها واستخدام شتى أنواع الأسلحة، مؤكدا أن الطفل الليبي أصبحت لديه هذا الخبرة أيضا.