قلق في واشنطن حول انتشار تهريب الأسلحة من ليبيا إلى مصر

مسؤول بالجيش المصري: الأسلحة التي تم العثور عليها ضمت ذخيرة حية ومتفجرات وأسلحة أوتوماتيكية وثقيلة

TT

أبدت واشنطن انزعاجا من التقارير التي أشارت إلى انتشار أسلحة مهربة من ليبيا إلى مصر عبر الحدود، حيث يتم بيع هذه الأسلحة في السوق السوداء بسيناء. وزاد القلق في الأوساط الأميركية والإسرائيلية في أعقاب قيام وزارة الداخلية المصرية بإلقاء القبض على خمس مجموعات من مهربي الأسلحة قاموا بتهريب صواريخ مضادة للطائرات من ليبيا إلى مصر عبر الحدود وكانوا ينوون تهريبها عبر الحدود المصرية - الإسرائيلية.

وقال مصدر مسؤول بالخارجية الأميركية في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إن «المجتمع الدولي مهتم بمنع انتشار هذه الأسلحة، ونحن ملتزمون بالعمل مع المجلس الوطني الانتقالي الليبي ومع الدول المجاورة، والمجتمع الدولي لبناء نهج متحد لمواجهة هذا التحدي الأمني المشترك». وأشار إلى التعاون مع السلطات المصرية في مواصلة التحقيقات حول كيفية تسرب هذه الأسلحة من ليبيا إلى السوق المصرية، وقال المسؤول الأميركي إن «مصر هي واحدة من عدة دول في المنطقة نقوم معها بمناقشات حول احتمال انتشار الأسلحة التقليدية من ليبيا في الأشهر الأخيرة». وأضاف «من الواضح أن الحكومة المصرية تتشارك معنا في المخاوف بشأن تهريب الأسلحة».

ولمح المسؤول الأميركي إلى خطة لإرسال عشرات من العسكريين الأميركيين إلى ليبيا للمساعدة في تعقب وتدمير صواريخ أرض - جو من مخزونات معمر القذافي التي تثير القلق من وقوعها في أيدي الإرهابيين واستخدامها في الهجوم على الطائرات. وأشار إلى ما قامت به الولايات المتحدة خلال الأيام الماضية لحث الدول المجاورة لليبيا على تشديد الرقابة على الحدود ومنع تسلل أشخاص متورطين في جرائم ضد الإنسانية وعدم تسلل المهربين بأسلحة وذخائر ومواد تستخدم في صناعة الأسلحة الكيماوية.

وكان أعوان أمن مصريون اعترضوا طريق سيارة تحمل شحنة صواريخ أرض - جو (تحمل على الكتف) في طريقها إلى سيناء ثم إلى الأنفاق التي تربط مصر بقطاع غزة. وقال مسؤول أمني بالجيش المصري إن الأسلحة التي تم العثور عليها ضمت ذخيرة حية ومتفجرات وأسلحة أوتوماتيكية وأسلحة ثقيلة من بينها أسلحة «ستريلا2» و«ستريلا3» روسية الصنع.

وعلى الرغم من انتشار بنادق «الكلاشنيكوف» على كلا الجانبين من الحدود في سيناء، فإن وجود صواريخ مضادة للطائرات وأسلحة ثقيلة أخرى يشكل تطورا مقلقا للإسرائيليين لأنه يمكن أن يهدد الطائرات الإسرائيلية التي تقوم بدوريات مراقبة على قطاع غزة.

وأشارت صحيفة «واشنطن بوست» إلى الحادث، واعتبرته مثيرا لمخاوف جديدة حيال قدرات الأمن المصري في منطقة سيناء وإحكام السيطرة على الحدود بين العريش وغزة. وقالت الصحيفة إن اتساع مساحة سيناء بصحرائها وجبالها تفرض تحديا كبيرا لجهود السلطات المصرية للحفاظ على الأمن هناك.

وقد أرسلت السلطات المصرية تعزيزات أمنية بلغت 20 ألف جندي لاستعادة السيطرة على المنطقة التي يقطنها البدو. وتواجه الحكومة المصرية تحديات في استقطاب البدو الذين لا يثقون في الحكومة، وتحديات في إحكام السيطرة على الغضب والاضطرابات التي تعم أنحاء كبيرة داخل مصر في وقت تجتاح فيه الاضطرابات المنطقة بأكملها.

وتخوفت الصحيفة من وصول الصواريخ المضادة للطائرات المهربة من ليبيا إلى ترسانة الأسلحة التي يملكها الفلسطينيون في غزة مما يزيد من خطورة التهديدات ضد إسرائيل التي تراقب القطاع الخاضع لسيطرة حماس، بمروحياتها.

وكشفت مصادر مسؤولة عن أن كلا من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا قد طلبت عبر قنوات دبلوماسية من الجزائر ومصر وتشاد والنيجر تشديد المراقبة على الحدود لمنع تهريب الأسلحة والأموال والأشخاص. وأشارت تقارير مخابراتية إلى أن مئات الملايين من الدولارات واليوروات والسبائك الذهبية يتم تهريبها إلى خارج ليبيا لصالح أشخاص على صلة بنظام العقيد القذافي إلى جانب تهريب مواد كيميائية خطيرة تم نهبها من مستودعات وزارة الصحة الليبية يمكن أن تكون قد وصلت إلى أيدي المتطرفين من تنظيم القاعدة. ويبحث المحققون في الولايات المتحدة في مسار بعض قذائف المدفعية والصواريخ التي تم نهبها من مستودعات الجيش الليبي والتي تندرج تحت تصنيف أسلحة شديدة الفتك وتحوي متفجرات وصواعق وأجهزة توجيه لم تصل إليها يد تنظيم القاعدة من قبل.

وقال أندرو شابيرو مساعد وزيرة الخارجية للشؤون السياسية والعسكرية «لم نر أي هجمات من الصواريخ المهربة التي خرجت من ليبيا حتى الآن، ونحن نبذل كل ما في وسعنا للتصدي لهذا التهديد». فيما أكد مسؤولون متابعة الرئيس أوباما لهذه القضية باستمرار مع المجلس الانتقالي، وأشاروا إلى أن واشنطن منحت 3 ملايين دولار لاثنتين من المجموعات غير الحكومية لتأمين مواقع الأسلحة في شرق ليبيا كما قامت فرق أميركية بزيارة ثمانية بلدان مجاورة لليبيا لتقديم المساعدة في تحسين الرقابة على الحدود وتأمين المطارات وتوزيع كتيبات حول الأنواع المختلفة من الصواريخ، وأن هذه الفرق هي جزء من «قوة الرد السريع» التي تشرف عليها وزارة الخارجية الأميركية.

وكان العقيد القذافي واحدا من كبار المقتنين في العالم لهذه الصواريخ التي تطلق من فوق الكتف وقام بشراء نحو 20 ألف صاروخ في الفترة ما بين السبعينات والثمانينات وفقا لتقديرات الولايات المتحدة، لكن هذه الصواريخ تعد ذات فاعلية محدودة ضد الطائرات العسكرية الحديثة، لكنها لا تزال تشكل تهديدا لطائرات الركاب والطائرات التجارية. وقد دمرت هجمات حلف الناتو عددا كبيرا من مستودعات الأسلحة في ليبيا خلال الحرب وحصل المجلس الانتقالي الليبي على جانب من هذه الأسلحة، لكن عددا غير معروف من تلك الصواريخ حصل عليه المتمردون والمدنيون بعد هزيمة قوات القذافي.

ولا يملك الجيش الأميركي قوات عند الحدود الليبية سواء مع مصر أو الدول الأخرى، بعد أن رفض الرئيس أوباما نشر القوات العسكرية الأميركية في ليبيا تجنبا لإثارة غضب دول في الشرق الأوسط وغضب الكونغرس الأميركي، لكن التقارير الأخيرة لتهريب الأسلحة الليبية إلى مصر أثارت بعض نواب الكونغرس، ودعا رئيس لجنة الاستخبارات مايك روجرز إلى استخدام الجنود لتأمين مخزونات ليبيا من الأسلحة وضمان عدم تهريب الصواريخ التي تطلق من فوق الكتف.

وأشارت راشيل ستون الخبيرة في تجارة الأسلحة الدولية بمركز أبحاث «ستيسون» إلى أن الصواريخ التي تطلق من فوق الكتف تشكل تهديدا عالميا وقد تم استخدامها مع أكثر من 40 طائرة مدنية ضربتها هذه الأسلحة منذ السبعينات، وهي معروفة باسم نظام الدفاع الجوي المحمول، وقالت «يتعين على المسؤولين الأميركيين تعلم الدرس بعد آلاف الصواريخ التي تم تهريبها من مستودعات صدام حسين في العراق».