الناطق العسكري باسم «الانتقالي» لـ «الشرق الأوسط»: سحقنا تمرد أبو سليم.. والعملية لا علاقة لها بالقذافي

الثوار يطلقون حملة تطهير في طرابلس.. ويرجئون هجوما شاملا على جيبين في سرت

ثوار ليبيون يعثرون على صور للقذافي في شقة اختبأ فيها موالون للعقيد الهارب بحي أبو سليم بطرابلس أمس أثناء عمليات تمشيط (أ.ف.ب)
TT

قلل العقيد أحمد باني، الناطق العسكري باسم المجلس الوطني الانتقالي الليبي، من حجم العمليات التي زعم أنصار العقيد الليبي الهارب معمر القذافي أمس أنهم قاموا بها ضد الثوار الليبيين، وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف إن قوات المجلس الانتقالي تمكنت من «سحق» المجموعة التي حاولت إرهاب المواطنين في حي أبو سليم في العاصمة أول من أمس الجمعة، مشيرا إلى أن هذه العمليات ذات طابع جهوي ولا علاقة لها بالقذافي. وأعلن الثوار أمس إطلاق حملة لتطهير طرابلس من المسلحين الموالين للقذافي، بينما يحاصرون ما تبقى من الموالين للعقيد الفار في جيبين في سرت.

وتحدث أنصار القذافي أمس عن استجابتهم لدعوة أطلقها العقيد أخيرا بشن عمليات ضد حكام ليبيا الجدد، وأنهم تمكنوا، من خلال مجموعات مسلحة صغيرة، من تكبيد قوات الثوار خسائر فادحة واستعادة عدد من المواقع التي سيطر عليها الثوار في الأسابيع الماضية في مناطق في العاصمة طرابلس وعدة مدن في الوسط والجنوب وصولا إلى منطقة المعبر الحدودي بين ليبيا وتونس، وبث أنصار القذافي أمس عشرات الرسائل المسجلة بالفيديو حول عمليات نوعية زعموا القيام بها في العاصمة وفي مناطق بالجنوب، لكن لم يتم تأكيدها من مصادر مستقلة، في ما عدا بعض العمليات التي أقر بها الثوار أنفسهم.

وردا على ما بثه أنصار القذافي وإفادات من مصادر متفرقة حصلت عليها «الشرق الأوسط» أمس من عمليات نوعية في عدة مناطق في ليبيا، قال العقيد أحمد باني إن إعلام القذافي أصبح «إعلام اليائس»، وأضاف «نحن ثورة المنتصرين». وحول مزاعم أنصار القذافي عن مواجهات في حي أبو سليم في طرابلس، قال العقيد باني إن «إعلام القذافي إعلام اليائس، ويعمل من الحبة قبة، ويختلق الأكاذيب للتشويش على ثورة 17 فبراير (شباط).. نحن ثورة المنتصرين وثورة الواثقين».

وأضاف باني أن ما حدث في أبو سليم «هو أن مجموعة من أنصار الطاغية (القذافي)، من هؤلاء المرضى الذين يحتاجون لعلاج نفساني حقيقة، يظنون بعد كل هذه التضحيات أنه يمكن عودة ذلك الآبق (يقصد القذافي) إلى السلطة». وتابع قائلا إن «هذه المجموعة المأجورة من القتلة كانت موجودة في حي أبو سليم.. وكنا نعرف منذ البداية أن هؤلاء الناس موجودون في الداخل، ولكن احتراما منا لحقوق الإنسان، ولأننا لم تكن بيننا وبينهم عداوة، أطلقناهم في حال سبيلهم، إلا أن البعض منهم انتهزوا الفرصة وحاولوا مهاجمة الناس، وحاولوا بث الرعب وإقلاق راحة المواطنين». وأضاف عن الإجراءات التي اتخذتها قوات المجلس الانتقالي أنه «تم تطويق المنطقة بالكامل، وتم التعامل معهم، وتمت السيطرة عليهم، أو سحقهم بالكامل.. الآن الوضع في المنطقة تحت السيطرة بالكامل.. ولا أساس لكل هذه الخزعبلات من الصحة».

وبالنسبة للمناطق الجنوبية التي تحدث أنصار القذافي عن قيامهم بعلميات فيها، قال العقيد باني إن مجموعة أخرى مماثلة لمجموعة أبو سليم حاولت القيام بعلمية في مدينة تراغن، الواقعة في أقصى الجنوب، وأضاف أنه «مع الأخذ في الاعتبار كبر رقعة ليبيا، لكن دعونا نتحدث بصراحة.. ما هي المدينة التي يتحدثون عنها في الجنوب؟ إنها فقط مدينة تراغن التي ظهرت فيها مجموعة من نفس المجموعة التي ظهرت في أبو سليم، وتمت السيطرة عليها بالكامل. هناك أناس مناوئون، لكن جل أهل تراغن هم مع ثورة 17 فبراير. وأهل تراغن حسموا الموقف (لصالح الثورة)».

وعما إذا كانت هناك أماكن أخرى حدثت فيها مثل هذه المناوشات، قال باني إنه «لا توجد منطقة معينة أو محددة.. لكن مرة بعد مرة نسمع عن بعض الخروقات التي تحدث»، معربا عن اعتقاده أن السبب وراء هذه الخروقات خلافات بين ثوار من مناطق مختلفة.. وقال «الموضوع موضوع شخصي لا يخص القذافي ولا غيره.. أحيانا يأخذ طابعا قبليا أو بالأحرى طابعا جهويا.. أنت شخص من المنطقة الفلانية ودخلت منطقتي كثائر وكمحرر. أنت لا (ينبغي أن) تبقى في منطقتي.. منطقتي أنا أحميها».

وعما إذا كان المجلس الانتقالي الليبي يتعامل مع الرسائل التي يطلقها أنصار القذافي بين حين وآخر على محمل الجد، وكانت آخرها رسائل من موسى إبراهيم المتحدث باسمه، قال باني «نعم.. نتعامل معها بجدية، ولكن نحن نقول لك إن هذه الرسائل فقط لبث الرعب.. يعتقدون (أنصار القذافي) أنهم يستطيعون بث الرعب وإثارة البلبلة والفوضى، لكن ذلكم لم ولن يحدث، ونحن نأخذ بعين الاعتبار كل هذه الرسائل والتهديدات».

وفي غضون ذلك، أعلن الثوار عن القيام بمهمة لتطهير طرابلس من بقايا القذافي، وقال أحد مقاتلي المجلس، ويدعى حمد (40 عاما)، أمس أثناء وجوده بإحدى نقاط التفتيش التي أقيمت في حي أبو سليم «المقاتلون يقومون بتطهير المباني في المنطقة من الموالين للقذافي»، وقال إن قوات المجلس وجدت ما يدل على أن الموالين للقذافي كانوا يعدون للاشتباكات، حيث عثرت على أكياس رمل وسترات واقية على أسطح البنايات السكنية.

وجاءت أحداث يوم الجمعة ويوم أمس (السبت) والتي زعم أنصار القذافي أنهم نفذوها و«سيستمرون في تنفيذها لخلق حالة من عدم الاستقرار في ليبيا»، بالتزامن مع تضييق قوات المجلس الانتقالي الخناق على مدينتي سرت وبني وليد آخر معقلين للقذافي وأنصاره، إذ يعتقد أن سرت وبني وليد يتحصن فيهما قيادات كبيرة من أقارب ومسؤولي القذافي.

وقال باني، في ما يتعلق بالوضع على جبهة سرت، إن القتال الضاري «أصبح يدور على كيلومتر مربع فقط»، وأضاف «يقال إن المدعو أحمد إبراهيم، وكان وزيرا للتعليم سابقا، وهو ابن عم للطاغية، موجود هناك.. ويقال أيضا إن المدعو أبو بكر يونس جابر، وكان القائد العام السابق للقوات المسلحة، موجود هناك أيضا بداخل هذا المربع»، مشيرا إلى أن «قتالا ضارا وشرسا يدور في مربع لا تزيد مساحته على كيلومتر، لكني أؤكد لك أنه تم قضم حواف سرت بالكامل، ووصلنا إلى قلب المدينة حيث يدور القتال، وسيحسم خلال فترة قريبة، ويمكن القول إن الموضوع في سرت يعتبر قد حسم».

وعن الوضع على جبهة بني وليد قال العقيد باني إن الثوار تمكنوا من الدخول إلى بعض الأجزاء.. «بني وليد تم اقتحامها، لكن الموضوع لم يحسم بعد، الموضوع يحتاج لإعادة ترتيب». وأضاف أنه جرت بالفعل إعادة ترتيب الأوراق «لأن طبيعة بني وليد وجغرافيتها تختلف عن سرت وعن سبها، بسبب الجبال.. لكن نحن نعرف كيف نتعامل مع هذه التضاريس، خاصة بعد ما حققه الثوار من نجاحات قي الأشهر الماضية في جبل نفوسة ذي التضاريس الأصعب من بني وليد». وقال «لكن هناك حسابات أخرى وإعادة ترتيب لخطط العمليات من أجل تحرير كامل بني وليد في الأيام القادمة».

ومما يثير مخاوف من حدوث تمرد ضد الحكام الجدد لليبيا، كما حدث على مدى اليومين الماضيين، قول أنصار القذافي إنهم تمكنوا من مفاجأة الثوار في أكثر من موقع. وظهر شريط فيديو للثوار وهم يشكون أمس من اقتحام مجموعات من المناصرين للقذافي، صغار السن، معسكرهم قرب مدينة زليطن الذي لم يكن فيه إلا أربعة جنود. وقال أحد الثوار إن عدد المهاجمين كان يبلغ عدة آلاف.

وأعلن أنصار القذافي أن الثوار ردوا على مظاهرات مناوئة للمجلس الانتقالي بالقمع وارتكاب مجازر ضد عائلات في مناطق «بوهادي والغربيات وجارف». كما زعم أنصار القذافي أن قناصة من جنسيات فرنسية وقطرية شاركوا في سحق الموالين للعقيد الهارب في أبو سليم.

وقال محمد حسونة، وهو ناشط إعلامي في بني وليد، لـ«الشرق الأوسط» عبر الإنترنت إن قوات المجلس الانتقالي استخدمت صواريخ غراد وكل أنواع الأسلحة لقمع مظاهرة كانت موالية للقذافي في أبو سليم، قام بها من وصفهم بالمجاهدين (أنصار العقيد) في طرابلس.

ومنذ الإطاحة به من الحكم في 23 أغسطس (آب) الماضي، دعا القذافي أنصاره في عدة تسجيلات صوتية إلى محاربة قوات المجلس الانتقالي. والأسبوع الماضي، اشترط القذافي للظهور على الملأ قيام أنصاره بتنفيذ علميات تخريبية واسعة في البلاد. ووفقا للمصادر الموالية للقذافي، فقد وقعت اشتباكات أيضا في مناطق بنقردان وبن غشير، وأن ما يسمى بـ«كتائب سرايا الحق بطرابلس»، شاركت في تنفيذ العديد من العمليات خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية بالتعاون مع مجموعة اتصال تسمى «لجنة نصر 44 الإعلامية».

وقال أنصار القذافي في بني وليد إن قوات القذافي تمكنت من استدراج كتيبة كاملة من الثوار كانت قادمة للمدينة من بلدة الزاوية.. «حتى إذا دخلت بني وليد من الجهة الجنوبية تم إطلاق القذائف عليها وإبادتها بالكامل».

إلى ذلك، قرر قادة المجلس الانتقالي بعد اجتماع، أمس، إرجاء الهجوم الشامل على حيين في سرت يعتقد أن موالين بارزين للقذافي يختبئون فيهما، في مسعى للقبض على أقطاب النظام السابق أحياء، حسبما قال وسام بن حميد، قائد عمليات الجبهة الشرقية، عقب الاجتماع. وأضاف أن «المقاومة من هذين الحيين شديدة لأننا نعتقد أن هناك أربعة إلى خمسة أشخاص مهمين داخلهما»، وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية بأن قوات النظام الليبي الجديد أبقت الضغط على آخر جيبين من جيوب المقاومة في سرت، أمس، حيث أحاط مئات المقاتلين بحي الدولار والحي رقم 2.