قرابة 30 قتيلا في قمع مظاهرات ومواجهات مسلحة في صنعاء

صالح في اجتماع مع قيادات حزبه: شوط إيجابي قطع في الحوار بين الأطراف الموقعة على المبادرة الخليجية

جانب من مسيرة مطالبة برحيل نظام الرئيس صالح في صنعاء أمس (رويترز)
TT

شهد اليمن، أمس، أحداثا دامية سقط فيها عشرات القتلى والجرحى على يد قوات الأمن التي قمعت مظاهرة حاشدة في صنعاء، وفي مواجهات مسلحة بين القوات الموالية للرئيس علي عبد الله صالح والمسلحين المعارضين لنظامه، في وقت رأس صالح اجتماعا موسعا لحزبه.

وقتل قرابة 16 متظاهرا في قمع قوات الأمن المركزي والمجاميع التي تسمى «البلطجية» للمظاهرة التي انطلقت من «ساحة التغيير» نحو «شارع الزبيري»، وعند وصول المتظاهرين إلى «جولة كنتاكي»، أطلق عليهم الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع التي يقول المتظاهرون إنها قنابل شديدة السمية، وحسب مصادر طبية في المستشفى الميداني بـ«ساحة التغيير»، فإن عشرات المتظاهرين أصيبوا بالرصاص الحي وإن المئات أصيبوا بحالات اختناق.

وتعد «جولة كنتاكي» بوسط «شارع الزبيري» منطقة تماس تفصل بين المنطقة التي يسيطر عليها الثوار في «شارع الدائري» والمنطقة الجنوبية التي تسيطر عليها القوات الأمنية التابعة لصالح والتي أحرق المتظاهرون فيها، أمس، عددا من الآليات العسكرية، وقد حيت اللجنة التنظيمية لشباب الثورة ما وصفته بـ«صمود» الشباب المتظاهرين ودعت إلى مواصلة المظاهرات اليوم الأحد.

وفي الجانب الآخر من العاصمة صنعاء، دارت مواجهات عنيفة بين قوات الحرس الجمهوري والمسلحين المؤيدين لزعيم قبيلة حاشد، وحسب شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» فإن القوات الموالية لصالح قصفت مدينة صوفان وأحياء الحصبة والنهضة، وأكدت مصادر محلية أن دمارا كبيرا حل بعدد من المنازل في المنطقة التي سمع فيها دوي انفجارات عنيفة وشوهدت الأدخنة في سمائها.

واستهدف القصف منزل الشيخ حمير الأحمر، نائب رئيس مجلس النواب وعددا من منازل أتباعه، في حين قالت مصادر محلية إن مواجهات دارت بين أنصار الأحمر وأنصار الشيخ عزيز بن زغير، الموالي للنظام والمتواجدين بالقرب من ذات المنطقة.

وفي إحصائية أولية، فقد قتل ما لا يقل عن 10 مسلحين من أنصار الأحمر، في الوقت الذي قالت وزارة الداخلية اليمنية إن عددا من الجنود قتلوا وجرحوا، وقد شوهدت سيارات إسعاف عسكرية وهي تتجه إلى المستشفى العسكري بصنعاء وعلى متنها عدد من الجنود.

وأكدت مصادر متطابقة تعرض منزل رئيس الوزراء الأسبق، الراحل فرج بن غانم للقصف الذي أدى إلى مقتل نجله، عامر فرج بن غانم، كما تعرض منزل رئيس الوزراء السابق عبد القادر باجمال للقصف، لكن لم تتوفر معلومات دقيقة بشأن الخسائر التي تعرض لها، وبحسب المصادر فإن منزل الفريق الراحل حسن العمري، قائد الجيش في السبعينات، تعرض للقصف أيضا.

وتبادل الطرفان الاتهامات بشأن خرق هدنة وقف إطلاق النار بين قوات صالح وأنصار الأحمر، وهي الهدنة التي تم التوصل إليها في ضوء وساطة سعودية، ووصف مصدر مسؤول في وزارة الداخلية اليمنية التطورات العسكرية بأنها «خطوة تصعيدية غير مسؤولة» تهدف إلى «تأزيم الموقف عسكريا ونشر الفوضى والقيام بأعمال التخريب والعنف والقتل والاعتداء على المواطنين الآمنين وأفراد الأمن والإضرار بالممتلكات العامة والخاصة وزعزعة الأمن والاستقرار ونشر الذعر بالعاصمة صنعاء والمحافظات الأخرى»، وقال إن «عصابات وميليشيات الفرقة التابعة لعلي محسن الأحمر والميليشيات المسلحة التابعة لحزب الإصلاح (الإخوان المسلمين) وعصابات أولاد الأحمر اليوم بتسيير مظاهرات غير مرخص لها في الوقت الذي قامت فيه قيادة الفرقة الأولى بقصف الأحياء السكنية في حي عصر وشارع هائل بالعاصمة صنعاء والاعتداء على رجال الأمن، وإطلاق قذائف الهاون على حارتي ياسر وخضير في صنعاء القديمة وأصابت منزلين بأضرار كبيرة، كما قامت تلك العصابات بقصف منازل المواطنين في حي الجراف مما أدى إلى استشهاد وجرح عدد من المواطنين وإلحاق أضرار كبيرة بمنازلهم».

وأضاف المصدر الأمني أن «قناصة من ميليشيات الإصلاح والفرقة وأولاد الأحمر اعتلوا عددا من المنازل والعمارات في شارع الزبيري وقاموا بإطلاق النار بكثافة على رجال الأمن والمواطنين، فيما قامت العناصر المندسة في صفوف المتظاهرين بقتل أحد جنود الأمن وجرح 10 آخرين وإعطاب 3 عربات تابعة لمكافحة الشغب بالتزامن مع قيام قوات من الفرقة باقتحام منزل الراحل الفريق حسن العمري قائد النصر في ملحمة السبعين يوما واحتلال مدرسة الفرات في شارع الزراعة وأقامت فيه عددا من الحواجز ونقاط التفتيش بعد أن قام أفراد من الفرقة بالانتشار بالآليات والمدرعات على امتداد الشارع، كما قامت تلك العناصر الإجرامية بقصف معسكر النجدة والأحياء السكنية المجاورة مما أدى إلى استشهاد أحد المواطنين وإصابة 10 آخرين، كما أصيب 6 من أفراد شرطة النجدة بجراح مختلفة».

وحملت السلطات اليمنية قيادات المعارضة في تكتل «اللقاء المشترك وعلي محسن الأحمر وأولاد الأحمر والعصابات التابعة لهم مسؤولية كل الجرائم التي ارتكبت بحق المواطنين وأفراد الأمن والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة في صنعاء وغيرها من المدن»، وعبر عن «أسفه على إصرار تلك القيادات الانقلابية على المضي في نهجها التصعيدي للوصول إلى السلطة على حساب دماء الأبرياء من المواطنين وأفراد الأمن والقوات المسلحة وعلى حساب أمن واستقرار الوطن»، وأكد أن قوات الأمن لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء ما يجري.

إلى ذلك، قال الرئيس علي عبد الله صالح إن شوطا إيجابيا قد قطع في سياق الحوار بين الأطراف الموقعة على المبادرة الخليجية للاتفاق على تنفيذها وعلى آلية متزامنة للتنفيذ، وأشار صالح، في اجتماع لقيادات حزبه والأحزاب المتحالفة معه، إلى أن اليمن يمر في الوقت الراهن بـ«ظروف تاريخية بالغة الأهمية والخطورة تكتنفها التحديات الكبيرة والمخاطر التي تستهدف الوطن اليمني في ظل تفاقم الأزمات المتداخلة السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي يتم توظيفها من قبل القوى الانقلابية والعناصر الخارجة على النظام والقانون ضد أمن واستقرار الوطن اليمني ومحاولة المساس بوحدته وتعطيل مسيرته الديمقراطية والتنموية».

وحسب المصادر الرسمية، فإن الاجتماع ناقش «مستجدات الأزمة السياسية في ضوء المشاورات التي تجري في الأروقة الدبلوماسية ومقر الأمم المتحدة حول المقترحات التي أعدها سفير المملكة المتحدة ومندوبها في مجلس الأمن بشأن الأزمة المتفاقمة»، وشدد على «حتمية الرؤية الصحيحة والدقيقة لها وتبعات المواقف التي تتخذ بشأنها حاضرا ومستقبلا وفي مقدمة ذلك الخطوات التي يتم اتخاذها من أجل وضع المبادرة الخليجية موضع التنفيذ حسب ما نص عليه القرار الذي اتخذناه بتفويض نائب رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي بالصلاحيات الدستورية اللازمة لإجراء حوار مع الإطراف الموقعة على المبادرة والاتفاق على آلية مزمنة لتنفيذها والتي تم قطع شوط إيجابي بشأنها، وكذا التوقيع عليها والبدء بمتابعة التنفيذ برعاية إقليمية ودولية وبما يفضي إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة يتفق على موعدها وتضمن انتقالا سلميا وديمقراطيا للسلطة»، حسبما نسب لصالح. إلى ذلك، أعلنت «الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال» توقف العملية الإنتاجية للغاز الطبيعي المسال في محطة التسييل في بلحاف بمحافظة شبوة، جراء تعرض خط أنبوب الغاز الرئيسي الذي يربط بين القطاع 18 ومحطة التسييل في بلحاف لاعتداء تخريبي. وقالت الشركة في بيان لها حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه إن الانفجار الذي تعرض له خط أنبوب الغاز وقع في تمام الساعة الثانية عشرة والنصف من ظهر أمس، في منطقة صحراوية على بعد 75كلم شمال محطة تسييل الغاز في بلحاف.

وأكدت الشركة أن الانفجار لم يسفر عن وقوع أي ضحايا، ولكنه تسبب في توقف العملية الإنتاجية، غير أن الشركة قالت إن الخسارة الناتجة عن هذا التوقف للإنتاج من المتوقع أن تكون محدودة، حيث كان من المقرر أن توقف المحطة عملها في 23 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري لتنفيذ أعمال الصيانة السنوية لها.