جدل في لبنان حول الخروقات السورية المتكررة للأراضي اللبنانية.. وسط غياب موقف رسمي

النائب عراجي لـ «الشرق الأوسط»: صمت الحكومة مستغرب

TT

تكررت منذ بداية مطلع شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي حوادث توغل جنود سوريين داخل الأراضي اللبنانية عند بلدة عرسال البقاعية، على الحدود الشرقية مع سوريا، من دون أن يصدر عن الحكومة اللبنانية أي موقف رسمي، باستثناء ما عبر عنه وزير الخارجية عدنان منصور لناحية اعتباره أن «موضوع توغل الدبابات السورية جرى تضخيمه عبر الإعلام من خلال محاولة إعطاء الخبر أكثر بكثير من حجمه». ودعا إلى «ضرورة النظر إلى الأمور بواقعية وروية وهدوء بعيدا عن تصفية الحسابات من خلال حادث معين، فلبنان تربطه بسوريا علاقات أخوية متينة تصونها اتفاقيات أمنية ولا يرضى أن تكون أرضه مركز توتر لدولة شقيقة أو العكس».

وكانت دبابات تابعة للجيش السوري توغلت في الرابع من الشهر الحالي في بلدة عرسال ودخلت إلى محلة خربة داود حيث أطلق الجنود أعيرة نارية من أسلحة فردية ومتوسطة، قبل أن ينسحبوا عائدين إلى مواقعهم التي جاءوا منها. وفي السادس من الشهر الحالي، دخلت قوة من الجيش السوري محلة الصعدة في جرود بلدة عرسال وأطلقت النار على المواطن السوري علي الخطيب فقتلته على الفور، ثم عادت وانسحبت إلى الأراضي السورية. ثم تكررت عملية اختراق الحدود اللبنانية في التاسع من الشهر الحالي، وفي الثاني عشر منه، إذ اجتاز نحو عشرين جنديا سوريا الحدود اللبنانية لبضعة أمتار قبالة بلدة مجدل عنجر، من دون أن يقوموا بأي عمل عسكري أو أمني، واقتصرت مهمتهم على المراقبة.

ولاقت حوادث التوغل هذه، بالتزامن مع امتناع مجلس الوزراء عن التطرق إلى الموضوع وموقف وزير الخارجية لناحية تأكيده أن ما جرى هو عابر ولدواع أمنية، سيلا من ردود الفعل من قوى «14 آذار»، التي اعتبرت أن «اختراق الحدود، أيا كان مصدره، هو تعد على السيادة اللبنانية»، في وقت سارعت فيه قوى «8 آذار» إلى التقليل من أهمية ما حصل، ملمحة إلى ارتباطه بعمليات تهريب للسلاح من بلدة عرسال السنية إلى سوريا. وفيما سارع نواب حزب الله إلى انتقاد مواقف الأقلية ومحاولتها المساواة «بين الخرق السوري للحدود والخروقات الإسرائيلية جنوبا»، برز موقف لافت للنائب زياد أسود، عضو في كتلة النائب ميشال عون، الذي أشار إلى أنه «لا يلوم سوريا على خرقها للسيادة اللبنانية كما حصل في عرسال». وقال: «لا أعرف إلى أي مدى باستطاعتنا أخذ موقف من التوغل السوري، في حين نعاني ما نعانيه من مسألة تهريب السلاح، ولا نجد أي جهاز أمني أو قضائي يتحرك لضبط الوضع».

في موازاة ذلك، استغرب النائب عن تيار المستقبل في منطقة البقاع عاصم عراجي لـ«الشرق الأوسط»، «صمت الحكومة اللبنانية وعدم صدور أي موقف رسمي منها، رغم تكرار حوادث التوغل في الفترة الأخيرة»، آملا أن يكون «قد تم وضع الجانب السوري في ضوء وجوب عدم تكرار مثل هذه الحوادث». وشدد على أنه «في حال ثبت وجود عملية تهريب سلاح إلى سوريا، فالجهة المخولة ضبط ذلك داخل الأراضي اللبنانية هي القوى الأمنية والجيش اللبناني لا السوري».

وأكد عراجي «أننا لم نساوِ بين الخروقات السورية والإسرائيلية، ونحن نعارض أي خرق للحدود بغض النظر عمن قام به»، مشددا على «أننا لسنا بوارد وضع العدو الإسرائيلي وسوريا في الخانة نفسها، لكننا ما داموا يعتبروننا أشقاء فليظهروا ذلك عمليا وليتوقفوا عن اختراق حدودنا لأن ذلك أمر غير مقبول».

وكان احتجاج السفير السوري في بيروت علي عبد الكريم علي لدى وزير الخارجية أول من أمس، لناحية اعتراضه على مواقف أعلنها المدير العام للأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي في جلسة لجنة حقوق الإنسان النيابية الأسبوع الماضي حول مسؤولية السفارة السورية في اختطاف معارضين سوريين من لبنان منهم شبلي العيسمي، قد أثار أمس سلسلة ردود لبنانية منتقدة. وفي هذا الإطار كشف عراجي عن أن ريفي سلم القضاء العسكري ملفا أمنيا متكاملا»، وقال: «لم يكن اللواء ريفي ليقدم على التصريح بمواقف مماثلة أمام لجنة نيابية لو لم تكن لديه معطيات وأدلة وبراهين».

وجاء الرد الأقوى على موقف السفير السوري أمس على لسان عضو كتلة النائب وليد جنبلاط النائب أكرم شهيب، الذي قال: «أنْ يعتبر السفير السوري شجاعة اللواء ريفي بتسمية الأسماء بأسمائها في جلسة لجنة حقوق الإنسان النيابية الأسبوع الماضي في قضية أمنية تدخل في صلب اختصاص قوى الأمن (مواقف مستغربة)، فهذا حقه إذا كان الاتهام مصوبا إلى السفارة في قضية اختفاء المناضل العربي شبلي العيسمي، لكن المستغرب أكثر أن السفارة السورية لم تعِر اهتماما مناسبا لخطف مواطن سوري غير عادي، صاحب موقع فكري ونضالي عربي كبير ونائب سابق للرئيس السوري، والمستغرب أكثر أيضا، استغراب السفير في وقت يؤكد فيه هو نفسه، أن الاتهام في اختفاء العيسمي كان لعناصر أمنية لبنانية، لكن هذه العناصر نفت هذا الأمر».