بعد مدريد ووول ستريت.. مظاهرات «الغاضبين» تعم العالم.. والاحتجاجات الأعنف في إيطاليا

إحراق مبنى تابع لوزارة الدفاع وتهشيم واجهات مصارف في روما

متظاهر يقذف قنبلة على هامش مظاهرات روما أمس (أ.ب)
TT

أخذت حركة الاحتجاجات على الأزمة المالية العالمية بعدا آخر أمس، تمثل في اتساع نطاق المظاهرات إلى مئات المدن عبر العالم، استجابة لدعوة «الغاضبين» المحتجين على تدهور أوضاعهم الاقتصادية نتيجة الأزمة ونفوذ سلطات المال. فتحت شعار «متحدون من أجل تغيير عالمي» نظمت مظاهرات في عشرات الدول (82 بلدا حسب موقع «15 اكتوبر. نت»، تأثرا واستلهاما بحركة «احتلوا وول ستريت» التي تنشط في الولايات المتحدة منذ الشهر الماضي، ومظاهرات مدريد قبلها.

وبدأت احتجاجات أمس بنيوزيلندا قبل أن تنتقل إلى أوروبا ثم تعود إلى نقطة انطلاقها في نيويورك.

وذكرت تقارير إعلامية أن متظاهرين غير منضبطين أشعلوا النار في مبنى تابع لوزارة الدفاع في روما على هامش مظاهرة «الغاضبين». وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن النيران بقيت مندلعة في المبنى في حين تجمع أمامه نحو مائة شخص ملثمين أشعلوا النار في سيارتين أيضا في المكان نفسه. ولم يتمكن رجال الإطفاء من الوصول إلى المكان بسبب مظاهرة «الغاضبين» التي ضمت عشرات آلاف الأشخاص والتي كانت تتقدم من دون حوادث. كذلك، قامت مجموعة صغيرة خارجة عن السيطرة بتهشيم واجهات مصرفين في شارع فيا كافور بروما بواسطة أعمدة أشارات المرور قبل أن يلوذوا بالفرار ويختلطوا بالمتظاهرين.

لكن غالبية المتظاهرين كانت لهم رؤية لتحركهم. وقالت نيكلا كريبا، 49 عاما، التي كانت ترتدي قميصا مكتوبا عليه «كفى» لدى وصولها للمشاركة في مظاهرة روما: «على المستوى العالمي لا يمكن أن نظل نتحمل عبء دين عام لم نتسبب فيه بل تسببت فيه حكومات السرقة وبنوك فاسدة ومضاربون لا يعبأون بنا. لقد تسببوا في هذه الأزمة العالمية وما زالوا يتربحون من ورائها.. ينبغي أن يدفعوا ثمنها».

ومع توجه نحو 750 حافلة محملة بالمتظاهرين إلى العاصمة بدأ طلبة في جامعة روما الاستعداد بمظاهرة صغيرة صباح أمس. ورفعوا لافتات تقول «أموالكم أموالنا»، و«نعم نحن معتصمون» في تحوير لشعار «نعم نستطيع» الذي استخدمه الرئيس الأميركي باراك أوباما إبان حملته الانتخابية. وفي مدينة ميلانو هاجم المحتجون أيضا مقار البنوك بالبيض والطماطم.

وبعد خمسة أشهر على ميلاد الحركة الاحتجاجية في مدريد، في 15 مايو (أيار) الماضي، أراد «الغاضبون» وغيرهم من المجموعات مثل «أوكوباي وول ستريت» (احتلوا وول ستريت) جعل 15 أكتوبر، يوما رمزيا يستهدف أعلى السلطات المالية مثل وول ستريت في نيويورك وحي «سيتي» المالي في لندن والبنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت. وقال بيان حركة 15 أكتوبر: «من أميركا إلى آسيا وأفريقيا وأوروبا، تنتفض الشعوب مطالبة بحقوقها وبديمقراطية حقيقية» وإن «القوى تعمل لمصلحة أقلية متجاهلة إرادة الأغلبية الكبيرة ولا بد أن يزول هذا الوضع الذي لا يطاق».

واعتبر الاقتصادي الفرنسي توما كوترو أحد رؤساء منظمة «اتاك» (التي تدعو إلى عولمة بديلة) «إنها ظاهرة واعدة جدا، حيث إن المواطنين أصبحوا لا يريدون تفويض رجال السياسة والأحزاب ويريدون أن يرموا بثقلهم، كل في مكانه. وبالإمكان القول إنها عودة إلى أصول الديمقراطية».

وفي مدريد كان مقررا أن تتجه خمس مسيرات تنطلق من ضواحي العاصمة الإسبانية إلى ساحة بويرتا ديل صول الرمزية التي احتلوها على مدى شهر في الربيع وينوون قضاء الليلة فيها. وقالت أوديل الناطقة باسم الحركة في إسبانيا والعضو في جمعية «خوفنتود سين فوتورو» (شباب من دون مستقبل) «نريد أن نجعل من 15 أكتوبر نقطة انطلاق تؤدي إلى سلسلة تحركات في إطار خريف ساخن». وقال خون اغيري سوتش وهو متحدث آخر باسم الغاضبين في إسبانيا إن اتساع الحركة «يدل على أنها مسألة لا تعني إسبانيا فحسب بل العالم بأسره لأن الأزمة عالمية ولأن الأسواق تعمل على الصعيد العالمي».

وفي لندن، هدف المحتجون للتجمع في لندن المركز الدولي المالي الرائد تحت شعار «احتلوا البورصة». وقال سبايرو أحد المشرفين على صفحة على موقع «فيس بوك» في لندن وصل عدد أعضائها إلى نحو 12 ألفا خلال أسابيع قليلة «ينضم إلينا يوميا أناس من كل مناحي الحياة». ولخص سبايرو الذي يعمل في وظيفة يتقاضى منها راتبا جيدا ولا يرغب في الكشف عن اسمه بالكامل الهدف الرئيسي للاحتجاجات العالمية بأنه «النظام المالي». ومعربا عن غضبه من حزم إنقاذ البنوك التي اعتمدت على أموال دافعي الضرائب منذ 2008 وعلى المكافآت الضخمة التي لا تزال تقدم لبعض العاملين بنفس البنوك بينما تفسد البطالة حياة العديد من الشباب البريطاني قال سبايرو «الناس من كل أنحاء العالم. تقول كفى يعنى كفى».

وفي بريلن، قال دانيال شريبر وهو محرر يقيم في العاصمة الألمانية «انتظر هذا الاحتجاج منذ فترة طويلة منذ 2008. كنت أتعجب دائما لماذا لم يغضب الناس ولماذا لم يحدث أي شيء وفي النهاية وبعد ثلاث سنوات يحدث ذلك». وفي بروكسل، توافدت صباح أمس أعداد كبيرة من الناس للمشاركة باحتجاجات في الأماكن القريبة من مقر مؤسسات الاتحاد الأوروبي، قادمين من فرنسا وإسبانيا وهولندا، قبل أن ينضم إليهم مئات الغاضبين البلجيكيين في مظاهرات للاحتجاج على السياسات المالية للاتحاد الأوروبي. ووصل المتظاهرون إلى بروكسل سيرا على الأقدام واستغرقت رحلة من جاءوا منهم من بلدان مثل إسبانيا وفرنسا، بضعة أشهر. وكانت احتجاجات أمس قد بدأت في الجزء الشرقي من الكرة الأرضية، حيث احتشد نحو 200 شخص في العاصمة النيوزيلادية ولنغتون و50 آخرون في متنزه بمدينة كرايست تشيرش بجنوب البلاد والتي ضربها زلزال مدمر في وقت سابق هذا العام. وفي سيدني تظاهر نحو ألفي شخص من بينهم ممثلون عن السكان الأصليين وشيوعيون ونقابيون خارج مقر بنك الاحتياطي الاسترالي. وقال نيك كارسون المتحدث باسم حملة «احتلوا ملبورن.أورغ» بينما كان نحو ألف شخص يحتشدون في المدينة الاسترالية «أعتقد أن الناس تريد ديمقراطية حقيقية. لا يريدون نفوذا للشركات على ساستهم. يريدون أن يخضع ساستهم للمساءلة». كما تظاهر المئات في طوكيو بمشاركة محتجين مناهضين للطاقة النووية. وفي مانيلا عاصمة الفلبين نظم بضع عشرات مسيرة إلى السفارة الأميركية رافعين لافتات تقول «تسقط الإمبريالية الأميركية» و«الفلبين ليست للبيع».

وتجمع أكثر من ألف شخص عند بورصة تايبه وهتفوا «نحن 99 في المائة من تايوان» وقالوا إن النمو الاقتصادي لم يصب إلا في مصلحة الشركات في حين أن أجور الطبقة الوسطى لا تكاد تغطي تكاليف الإسكان والتعليم والرعاية الصحية الآخذة بالارتفاع.