السفير فورد: ما يحدث في سوريا يذكر بالعراق عام 2004

الخارجية الأميركية تحث مجلس الأمن على الموافقة على إرسال مراقبين دوليين إلى دمشق

TT

حذر السفير الأميركي في سوريا، روبرت فورد، من أن استمرار الاضطرابات في سوريا ربما سيقود إلى حرب أهلية هناك، وقال إن ما يحدث هناك يشبه العراق في عام 2004. وجاء ذلك في وقت قالت الخارجية الأميركية إنها تواصل اتصالاتها لإرسال مراقبين دوليين إلى سوريا، على الرغم من أن مجلس الأمن كان فشل في اتخاذ قرار حول سوريا، الأسبوع الماضي، لأن روسيا والصين استعملتا الفيتو.

وقال فورد في لقاء عبر «سكايب» مع خبراء في معهد واشنطن للشرق الأدنى، إن النظام السوري يتعمد تعميق الخلافات الدينية والإثنية وسط الشعب السوري، وإن إدارة الرئيس باراك أوباما تحث المعارضين على عدم اللجوء إلى العنف حتى لا يتصاعد الموقف. وأضاف: «أقلق كثيرا عندما يقول الناس إن حربا أهلية لا يمكن أن تحدث في سوريا. هذا يذكرني بما حدث في العراق سنة 2004»، بعد سنة من الغزو.

وقال فورد إنه لا يعتقد أن الحرب الأهلية ستأتي حتما، لكنه قال إن الوضع الأمني في سوريا تدهور إلى حد جعل الحرب الأهلية «ممكنة الوقوع، وذلك لأن بعض المعارضين يتحدثون عن حمل السلاح». وقال: «إذا حدث هذا، سيكون خطأ كبيرا», وأضاف أن القوات السورية «قوية جدا»، وأنه «لا توجد معارضة مسلحة تقدر على مواجهة القوات الموالية لنظام الأسد»، وأشار السفير إلى «عصابات مسلحة» اعتدت على موظفين حكوميين، وعلى مدنيين. وإنه، على الرغم من أن أنواع وأهداف هذه الجماعة ليست معروفة، يبدو أن بعضها ينتمي إلى الإسلاميين المسلحين. وقال إن التحدي الذي يواجه المعارضة هو بناء «قاعدة أساسية» في المدن الكبرى بحيث «بدأ العدد يقل».

من جهة أخرى، قالت فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، إن الحكومة الأميركية ترى أن اقتراح المراقبين الدوليين «واحد من أهم الأشياء التي تقدر الحكومة السورية على تنفيذها لإقناع العالم بحسن نواياها، وبأنها مستعدة لحماية مواطنيها»، وأضافت، في مؤتمر صحافي، أن الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين حاولوا أن يكون موضوع المراقبين جزءا من قرار مجلس الأمن الذي فشل في الأسبوع الماضي، وأنهم أحسوا أن «الحد الأدنى الذي ينبغي أن يفعله مجلس الأمن هو إرسال مراقبين دوليين»، وقالت: «واحدة من قضايانا الرئيسية في سوريا أنه ليست لديها صحافة حرة. ولا تسمح بتغطية مفتوحة لما يدور هناك، بينما نحن نريد أن نضمن أن المجتمع الدولي لديه الصورة الحقيقية لما يحدث داخل سوريا».

وفي إجابة عن سؤال حول احتمال قبول سوريا للمراقبين، قالت نولاند: «نحن نشعر بقلق حول ما إذا كانت سوريا سوف تسمح بذلك. إنها لا تسمح بصحافة حرة. ولكن نحن نشعر أن قبول المراقبين سيكون إشارة قوية جدا ومهمة لمجلس الأمن»، وقالت إن الحكومة السورية «سمعت في الماضي هذه الرغبة من جانب الولايات المتحدة، وأيضا من دول في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك بعض دول الخليج، وبعض جيرانها».

وفي إجابة عن سؤال حول «الحكمة» في مخاطبة السفير الأميركي في دمشق، روبرت فورد، مركز واشنطن للشرق الأدنى الذي وصف بأنه «ضد العرب، وضد سوريا»، قالت نولاند إن المركز «من أكثر المؤسسات احتراما في واشنطن بشأن هذه المسائل (مواضيع الشرق الأوسط)»، والمقابلة جرت عن طريق موقع «سكايب» في الإنترنت «الذي صار يستعمله عدد من السفراء الأميركيين»، واعترفت أن حكومة سوريا يمكن أن تستغل الحدث لزيادة نقدها للسفير الأميركي. لكن السفير الأميركي، كما قالت، «يستعمل صفحته في موقع (فيس بوك)، وأي وسيلة أخرى ممكنة لشرح الوضع في سوريا. وإذا تحدث إلى مركز واشنطن للشرق الأدنى، يقدر على أن يتحدث في أي مركز آخر، وحتى في السفارة السورية في واشنطن، أو مع السفير السوري عماد مصطفى».

وكانت الخارجية الأميركية استدعت السفير مصطفى، ووبخته بسبب ما حدث للسفير فورد في دمشق في نهاية الشهر الماضي. وقالت له إن السفير الأميركي في دمشق «هو الممثل الشخصي للرئيس الأميركي»، وإن الهجوم عليه، كما حدث في دمشق، «هجوم على الولايات المتحدة»، وطلبت أيضا الخارجية الأميركية التعويض عن سيارات السفارة الأميركية التي أصيبت.

وكان مجلس الأمن الدولي قد ناقش، أول من أمس، مرة جديدة، الأزمة السورية، من دون التوصل إلى اتفاق. وقال دبلوماسيون لوكالة الصحافة الفرنسية، إن مؤيدي القيام بتحرك للأمم المتحدة ضد سوريا، ومعارضي خطوة كهذه، اختلفوا مجددا، ليل أول من أمس، بعد إعلان المنظمة الدولية أن عدد قتلى قمع النظام للحركة الاحتجاجية في هذا البلد ارتفع إلى ثلاثة آلاف شخص منذ 15 مارس (آذار).

وفي مشاورات مغلقة، تحدث ممثلون عن ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والبرتغال عن الهجوم الدموي الذي يشنه نظام الرئيس بشار الأسد على المحتجين. واستخدمت روسيا والصين العضوان الدائمان في مجلس الأمن، في الرابع من أكتوبر (تشرين الأول) حقهما في النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار للبلدان الغربية يهدد النظام السوري بـ«تدابير محددة الأهداف» لحمله على وقف القمع. ونقل دبلوماسيون عن السفير الفرنسي في الأمم المتحدة، جيرار ارو، قوله خلال الاجتماع، إن «المدافعين عن عدم التحرك في مجلس الأمن الدولي عليهم استخلاص العبر من استمرار القمع». وأضاف هؤلاء الدبلوماسيون أن تعليقات السفير الفرنسي تشكل انتقادا مبطنا لروسيا والصين وكذلك لجنوب أفريقيا والبرازيل والهند، الدول التي امتنعت عن التصويت ضد سوريا، الأسبوع الماضي.

وأوضح الدبلوماسيون أن ممثلي ألمانيا وبريطانيا والبرتغال أكدوا أن مجلس الأمن الدولي يجب أن يتحرك بشأن سوريا.

وتأتي التعليقات الأوروبية الجديدة، أمس، بعدما أعربت المفوضية العليا للأمم المتحدة لحقوق الإنسان عن تخوفها من اندلاع «حرب أهلية» في سوريا. وقالت رئيسة هذه الهيئة، نافي بيلاي، إن «عدد الأشخاص الذين قتلوا منذ بدء أعمال العنف قد تخطى الآن ثلاثة آلاف، بينهم 187 طفلا على الأقل». إلا أن الصين وروسيا أكدتا مجددا أن مجلس الأمن الدولي يجب ألا يتحرك باتجاه عقوبات.

وقال مندوب الصين للاجتماع، أول من أمس، إن بيان بيلاي ما كان يجب أن يبحث في مجلس الأمن الدولي. ورفضت روسيا بدورها مناقشة حول سوريا في المجلس.