مظاهرات طلابية حاشدة تطالب بإسقاط النظام.. والطيران الحربي يحلق فوق مناطق الاحتجاجات

مقتل 8 متظاهرين والسلطات تقطع أوصال الزبداني * القضاء يفرج عن معارض بارز بكفالة

صورتان مأخوذتان من مواقع المعارضة أمس الأولى لتشييع أحد ضحايا الثورة السورية في دير الزور والثانية لطلاب يتظاهرون في تدمر للمطالبة بإسقاط النظام السوري
TT

أعلنت المعارضة السورية، أن مظاهرات طلابية تعد بالآلاف خرجت أمس في دمشق وحلب ودير الزور تطالب بإسقاط النظام و«محاكمته على جرائمه»، كما خرجت مظاهرات مماثلة في مدينة حمص والمناطق القريبة منها، غير أن الأمن السوري أطلق النار على جموع المحتجين في التلبيسة بحمص، مما أدى إلى وقوع عدد من الإصابات، بينهم طفل، في حين أن مجموعات من عناصر الأمن والشبيحة هاجمت مظاهرة في مدينة الرستن القريبة من حمص أيضا، وترافق ذلك مع تحليق كثيف للطيران الحربي السوري فوق حمص وإدلب. وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية لاحقا بمقتل 8 متظاهرين.

وقال ناشطون سوريون إن قوات الأمن مدعومة من الجيش وشبيحة النظام، واصلت أمس حملات المداهمة والاعتقالات في عدد من المدن والبلدات السورية، بعد أقل من 24 ساعة على السبت الدامي الذي سقط فيه ما لا يقل عن 15 قتيلا، وعشرات الجرحى والمعتقلين، خلال مسيرات تشييع «شهداء جمعة أحرار الجيش» الذين سقطوا يوم الجمعة الماضي. وأعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له، أنه في ريف دمشق اقتحمت قوات عسكرية وأمنية مدينة الزبداني، على الحدود مع لبنان، صباح أمس، ونصبت الحواجز في الشوارع، وبدأت حملة مداهمات للمنازل بحثا عن مطلوبين للسلطات السورية.

وقال سكان ونشطاء إن آلافا من القوات السورية تدعمها المدرعات فتحوا النار على بلدة الزبداني بعد يوم من قتال شرس في المنطقة بين منشقين عن الجيش وقوات موالية للرئيس بشار الأسد. وأطلقت عربات مدرعة النار من أسلحة رشاشة ومدافع مضادة للطائرات لدى اقتحامها البلدة، التي تقع على سفوح جبال لبنانية، على بعد 35 كيلومترا إلى الغرب من دمشق.

وحسب وكالة «رويترز»، فقد قال السكان والنشطاء إن القوات مشطت مزرعة بالقرب من المدينة، أول من أمس (السبت)، بحثا عن منشقين، واقتحمت منازل واستولت على سيارات، واعتقلت مائة شخص على الأقل، من بينهم ثلاث طالبات جامعيات، للاشتباه في مشاركتهم في الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية. وقال أحد السكان، ذكر أن اسمه محمد: «الجنود ترافقهم المخابرات العسكرية أقاموا حواجز على الطرق في كل مكان. الزبداني الآن مقطوعة عن دمشق»، وقال سكان إن منشقين عن الجيش اشتبكوا مع قوات موالية للأسد لعدة ساعات، وشوهدت عربتان مدرعتان تابعتان لقوات الأمن وعليها آثار رصاص كثيف. وأشارت لجان التنسيق المحلية إلى أن «قوات الأمن والجيش تقطع أوصال الزبداني ومضايا بالحواجز»، مشيرة إلى «اقتحامات للبيوت وتكسير للأبواب والأثاث واعتقالات عشوائية تترافق مع إطلاق نار كثيف في كل أنحاء المدينة».

وتزايدت عمليات الفرار من الجيش خلال الشهرين الماضيين، مع تصعيد الأسد حملته العسكرية لسحق الاحتجاجات المطالبة باستقالته. وتقول الأمم المتحدة إن الحملة أودت بحياة نحو ثلاثة آلاف شخص، بينهم 187 طفلا على الأقل.

وأنحت السلطات باللائمة في هذه الاضطرابات على عصابات مسلحة، وقالت إن 1100 جندي وشرطي قتلوا. والفارون هم في الغالب من السنة الذين يشكلون غالبية أفراد الجيش والرتب الأدنى، لكن كبار الضباط غالبا ما يكونون من الأقلية العلوية، ويخضعون بشكل فعلي لقيادة ماهر الأخ الأصغر لبشار لأسد. أما في ريف حمص، فأعلنت لجان التنسيق المحلية أن «عناصر أمن وشبيحة قامت بمؤازرة من الجيش، بتنفيذ حملة مداهمات واعتقالات في قرية تير معلة وقرية الغنطو، وسط إطلاق النار عشوائي، كما شنت قوات الأمن حملة مداهمات للمنازل، ونفذت اعتقالات واسعة في بلدة الدار الكبيرة (شمال غربي حمص)، وسط إطلاق نار كثيف عشوائي». ولفتت إلى أن «منطقة درعا شهدت (أمس) إضرابا عاما، حيث أقفلت المحال التجارية وجميع المدارس لليوم الثاني على التوالي احتجاجا على القمع، وحدادا على أرواح الشهداء».

إلى ذلك، قتل اثنان من عناصر حفظ النظام في كمين حسب مصدر رسمي سوري، وأعلنت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) عن مقتل «عنصرين من قوات حفظ النظام، وجرح اثنين آخرين في كمين نصبته مجموعة إرهابية مسلحة في حي الجراجمة بحماه (وسط)». ونقلت الوكالة عن مصدر رسمي في المدينة أن «المجموعة الإرهابية قامت بإطلاق النار على قوات حفظ النظام من بين المنازل مستخدمة البنادق الحربية الرشاشة، مما أدى إلى استشهاد العنصرين وإصابة اثنين آخرين بجروح». كما ذكرت وكالة «سانا» أن «الجهات المختصة في حمص ضبطت اليوم (أمس) سيارتين محملتين بالأسلحة والذخائر المتنوعة على تحويلة حمص طرطوس (غرب)، وألقت القبض بداخلهما على أربعة مطلوبين من عناصر المجموعات الإرهابية المسلحة».

ونقلت الوكالة عن مصدر مطلع في حمص أن «الأسلحة التي تمت مصادرتها في السيارتين تشمل قواذف (آر بي جي) وبنادق آلية من نوع كلاشنيكوف وبنادق بومب أكشن وقناصات ومسدسات وكميات من الذخيرة المتنوعة»، وأضاف المصدر أن «عمليات الملاحقة والمتابعة التي تقوم بها الجهات المختصة في حمص أسفرت عن إلقاء القبض على 34 مطلوبا ومصادرة أسلحة» بحسب الوكالة. وبالتزامن مع ذلك، أكد المحامي ميشال شماس لوكالة الصحافة الفرنسية أن القضاء السوري أفرج، أمس، عن المعارض البارز مازن عدي المعتقل منذ 11 مايو (أيار) بكفالة مالية قدرها 30 ألف ليرة سورية (600 دولار أميركي)، وقرر محاكمته طليقا. وكان المعارض والقيادي عدي أحيل إلى القضاء في 28 مايو بعد أن وجهت إليه عدة تهم.

ومن التهم الموجهة إليه «النيل من هيبة الدولة» و«الانتساب إلى جمعية سرية بقصد تغيير كيان الدولة الاقتصادي والسياسي والاجتماعي» و«إثارة النعرات الطائفية والمذهبية»، وذلك على خلفية اتصال وسائل إعلام به لمعرفة رأيه حول المظاهرات التي تشهدها البلاد منذ 15 مارس (آذار)، بحسب منظمة حقوقية. وتشهد سوريا منذ منتصف مارس حركة احتجاجية لا سابق لها، سقط خلالها أكثر من ثلاثة آلاف قتيل، بينهم 187 طفلا على الأقل، بحسب الأمم المتحدة، التي حذرت من مخاطر وقوع «حرب أهلية». وتتهم سوريا «عصابات إرهابية مسلحة» بزعزعة الأمن والاستقرار في البلاد.