أميركا تضغط على وكالة الطاقة الدولية لنشر أدلة سرية عن ملف إيران النووي

في إطار خطة للإدارة الأميركية لعزل إيران بعد اتهامها بالتخطيط لاغتيال السفير السعودي

TT

يضغط الرئيس الأميركي باراك أوباما على مفتشين نوويين تابعين للأمم المتحدة من أجل الكشف عن معلومات استخباراتية سرية توضح أن إيران تقوم بتصميم واختبار تقنية أسلحة نووية، في إطار مسعى أميركي يمارسه الرئيس أوباما يهدف إلى عزل إيران وزيادة الضغط عليها بعد اتهامها بحياكة مخطط لاغتيال السفير السعودي لدى الولايات المتحدة.

وإذا ما وافقت وكالة المراقبة التابعة للأمم المتحدة على نشر الأدلة، التي تتضمن بيانات جديدة خلال الأشهر الأخيرة، فمن المؤكد أن هذا سيؤدي إلى إحياء جدل، كان في طور السبات خلال الربيع العربي، حول مقدار الشدة التي يجب أن تمارسها الولايات المتحدة وحلفاؤها، من بينهم إسرائيل، لوقف البرنامج النووي الإيراني المشتبه فيه.

وعلى المدى الطويل، ذكر الكثير من المسؤولين البارزين في إدارة الرئيس أوباما، خلال حوارات أجريت معهم، أنهم يدرسون قرار حظر معاملات مالية مع البنك المركزي الإيراني، وهي خطوة تواجهها معارضة من قبل الصين ودول آسيوية أخرى. كما يدرسون أيضا توسيع هذا الحظر ليشمل شراء منتجات بترولية تبيعها شركات تابعة لفيلق الحرس الثوري الإسلامي.

وهناك اعتقاد أيضا بأن الحرس الثوري يشرف على الجانب العسكري من البرنامج النووي. ويتبع فيلق القدس، الذي اتهمته واشنطن بالتخطيط لمحاولة الاغتيال هذه، الحرس الثوري. وتحمل جميع العقوبات المقترحة مخاطر سياسية واقتصادية كبيرة. وقد تحدث يوكيا أمانو، المدير العام الذي يتسم بالحذر للوكالة الدولية للطاقة الذرية، بصورة علنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، حول نشر بيانات تتسم بالدقة الشديدة تشير إلى أن إيران تعمل على رؤوس حرب ومنبهات نووية.

على الرغم من ذلك، ذكر مسؤولون تحدثوا معه أنه يخشى أن يتم طرد المفتشين التابعين له من إيران، مما يؤدي إلى إغلاق أفضل نافذة على أنشطة إيران النووية، على الرغم من محدوديتها.

وعلى نحو مماثل، اعترضت الصين وروسيا وغيرهما من الشركاء التجاريين الرئيسيين مع إيران، على فرض عقوبات مالية ونفطية، قائلين إن هدف عزل إيران يعد استراتيجية ضعيفة. حتى داخل إدارة أوباما، ذكر بعض المسؤولون أنهم يخشون أن تؤدي أي إجراءات ضد صادرات إيران من النفط إلى ارتفاع أسعار النفط في وقت يتسم فيه اقتصاد الولايات المتحدة والدول الأوروبية بالضعف. وقال أحد المسؤولين البارزين: «لا نريد أن ندفع الولايات المتحدة نحو كساد اقتصادي من أجل معاقبة الإيرانيين».

وذكر مسؤولون بارزون في الإدارة، رفضوا الحديث علنا عن مناقشات داخلية بشأن العقوبات، أنه لم يتم تمرير أي توصيات خاصة باتخاذ إجراء ضد البنك المركزي إلى الرئيس أوباما، الذي تعهد الأسبوع الماضي بالتأكد من أن إيران سوف تواجه «أقصى العقوبات»، وذلك لدورها في مخطط الاستعانة بعصابة مخدرات مكسيكية لاغتيال السفير السعودي. وكان يتم مناقشة قرار الضغط على الوكالة الدولية للطاقة الذرية حتى قبل الكشف عن مخطط محاولة اغتيال السفير السعودي، لكن دفع الإعلان عن محاولة البيت الأبيض إلى ممارسة ضغط عام وشامل على الوكالة لنشر معلومات استخباراتية حساسة.

وذكر مسؤولون على اطلاع على الأدلة أنها تثير تساؤلات غير عادية وغير مريحة يصعب على الإيرانيين الإجابة عنها، لكنها لا تشير بالتأكيد إلى عملية تصنيع سلاح. ولكنها توضح تفاصيل العمل على تقنيات فردية ضرورية لتصميم وتفجير أداة نووية، بما في ذلك كيفية تحويل اليورانيوم إلى وقود تفجير، وكيفية تشكيل عبوات تفجير تقليدية في شكل يمكن أن يسبب انفجارا نوويا، وكيفية عمل مفجرات، وكيفية توليد نيترون لإحداث سلسلة من التفاعلات، وأخيرا كيفية قياس موجات التفجير وكيفية عمل الأشكال المخروطية للصواريخ.

وقال تومي فيتور، المتحدث باسم مجلس الأمن الوطني، يوم السبت: «تعتقد الولايات المتحدة أن تقييما شاملا سيكون خطوة لا تقدر بثمن بالنسبة للمجتمع الدولي خلال تقييمه لبرنامج إيران النووي، وما الذي يجب فعله حيال هذا الأمر». وذكرت إيران أن جميع الوثائق التي تشير إلى العمل على تصنيع سلاح يمكن تثبيته على صاروخ إيراني هي وثائق «مزيفة» تهدف إلى تبرير هجوم عليها. وقد كانت إيران هدفا لهجمات سرية، بما في ذلك عمليات اغتيال استهدفت بعض العلماء النوويين وفيروس كومبيوتر أدى إلى إعاقة بعض أجهزة الطرد المركزي النووية في إيران.

ولم تقدم إدارة أوباما، منذ شغله لهذا المنصب، أي دليل مفصل على نحو علني لتأكيد زعمها بأن إيران تتجه نحو تصنيع سلاح أو تقوم بعمل تقنية لتسريع عملية تجميع أحد الأسلحة لتستخدمه عندما تحتاج. لكنها ناقشت الدليل على نحو واسع مع حلفائها. ويرى المراقبون أن قضية إيران مختلفة، حيث يزورها مفتشون بصورة منتظمة ويقومون بقياس إنتاجها من اليورانيوم، بما في ذلك الإنتاج الحالي من المادة الذي يتم تخصيبه حتى 20 في المائة مما يجعلها أقرب من نوع الوقود اللازم للسلاح. وقد ذكرت إيران مؤخرا أنها ستقوم بإنتاج المزيد من المادة المخصبة حتى 20 في المائة ذلك من أجل مفاعل بحثي طبي صغير، مما أثار مخاوف جديدة بأنها تقوم بعمل مخزون احتياطي يمكن استخدامه في صناعة أسلحة.

وقال مستشار بارز للرئيس أوباما، تحدث شريطة عدم ذكر اسمه نظرا لحساسية الموضوع، يوم الجمعة: «لقد سعوا إلى إخفاء نشاط التخصيب الذي يقومون به لسنوات، والمنشأة السرية في مدينة قم، التي كشفها الرئيس عام 2009. إنهم مستمرون في التخصيب حتى نسبة 20 في المائة، ومبررهم كاذب بالتأكيد».

وقد فرضت وزارة الخزانة الأميركية، في يونيو (حزيران)، عقوبات على شركة «تايد ووتر ميدل إيست»، وهي شركة لها علاقة بالحرس الثوري الذي يدير موانئ حاويات استراتيجية يقوم من خلالها الحرس الثوري وفيلق القدس بنقل أسلحة، بحسب مسؤولين في الإدارة.

كما قامت وزارة الخزانة، الأسبوع الماضي، بفرض عقوبات على شركة إيرانية تدعى «ماهان إير»، ذكر مسؤولون أنها تنقل أسلحة لفيلق القدس.

وسيكون قيام وزارة الخزانة بفرض حظر على البنك المركزي الإيراني رد فعل يتسم بالقوة، وذلك لأن أي دولة ثالثة تجري معاملات تجارية مع البنك المركزي الإيراني سوف يتم عزلها عن النظام المالي الأميركي.

وقال ديفيد إس كوهين، وكيل وزارة الخزانة المسؤول عن الاستخبارات المالية والإرهابية، أمام لجنة المصرفية بمجلس الشيوخ: «ندرس احتمال عزل البنك المركزي الإيراني، علاوة على اتخاذ ردود فعل أخرى ردا على هذا المخطط، كما أننا ندرس عن كثب كيف يمكننا ممارسة هذا الضغط».

كذلك تدرس الإدارة أيضا تحديد عناصر من الحرس الثوري الذي يسيطر على صادرات إيران من النفط، وحظر عمليات شراء الوقود من إيران. وهناك خيار آخر أمامها يتمثل في مطالبة الشركات التي تبيع وقودا مكررا إلى الولايات المتحدة بإثبات أن هذا الوقود لا يشتمل على خام إيراني.

ويقوم الكثير من حلفاء أميركا، مثل اليابان وكوريا الجنوبية، بشراء كميات كبيرة من النفط من إيران، كما يقومون بدفع فواتيرهم من خلال البنك المركزي، نظرا لأن معظم البنوك التجارية الإيرانية محظورة. وتعتمد الصين بصورة أقل على البنك المركزي في عمليات الشراء التي تقوم بها، لكنها تقوم بشراء كميات كبيرة من النفط الإيراني. وذكر مسؤولون أن منع صادرات إيران من النفط سيكون له آثار غير متوقعة على الأسعار، كما قد يسبب صدمة قصيرة تشكل خطرا على الاقتصاد.

وقد تجد إيران عملاء جددا، كما قد تحاول أن تبيع الوقود إلى وسطاء، سيعيدون بيعه مرة أخرى. وعلى الرغم من ذلك ذكر مسؤولون أن الأثر الفعلي غير معروف.

* خدمة «نيويورك تايمز»