«سيدة التوك توك» محبطة من نتائج الثورة المصرية

جددت الأمل في المجلس العسكري الحاكم

السيدة صبحية تتحدث مع جاراتها عن مغامراتها بـ«التوك توك» أثناء الثورة («الشرق الأوسط»)
TT

«السيدة صبحية»، ربة منزل تعيش في ضاحية دار السلام جنوب القاهرة، وتعتبر ثاني أشهر شخصية ركبت «التوك توك» في أيام ثورات الربيع العربي، بعد العقيد الليبي معمر القذافي. وبسبب المرض وكبر السن، تكبدت تكلفة تأجير «توك توك» لعدة أيام من أجل اللحاق بثورة الشباب التي أسقطت حكم الرئيس السابق حسني مبارك قبل تسعة أشهر، لكنها أصبحت الآن محبطة لأنه «أي شيء لم يتغير، ولا أمل إلا في المجلس العسكري (الحاكم)».

وتتخذ عائلات من سكان جنوب القاهرة قصة السيدة صبحية مع «التوك توك» دلالة على إصرار ملايين المصريين على الخروج للشوارع لإنهاء حكم مبارك، وزاد من شهرتها ظهور القذافي في العاصمة طرابلس بعد ذلك على «توك توك» مشابه ليلقي كلمة من أمام مقر حكمه في باب العزيزية بشأن الثورة الليبية ضد حكمه.

وفي كل مكان توجد فيه صبحية، تبدأ مقارنات مازحة بين «توك توك» القذافي باهظ الثمن، و«توك توك» صبحية الرخيص المستأجر. لكنها تشير إلى أن مثل هذه الجلسات التي كان يملأها الأمل في المستقبل، أصبحت كئيبة «وكلام الناس فيه خوف».

ولم تنل صبحية غير قسط يسير من التعليم في بداية حياتها، في بلد تبلغ نسبة الأمية فيه نحو 28 في المائة، لكنها عززت قدرتها على القراءة بالالتحاق ببرامج لمحو أمية الكبار. وهي متابعة جيدة لنشرات الأخبار وبرامج الـ«توك شو»، وحظيت أخيرا بلقب «سيدة التوك توك».. وتقول: ما أراه الآن فوضى. إذا مررت من النفق (نفق مترو دار السلام) يهجم عليك اللصوص ويختطفون حقيبتك. والمتطرفون يثيرون الفتنة بين المسلمين والمسيحيين». واقترن سقوط نظام مبارك بانهيار في جهاز أمن الدولة وجهاز الشرطة، تبعه اجتماعيا انتشار واسع للبلطجة والسرقات، وسياسيا ظهور طاغ للمتشددين الإسلاميين، مع تقوقع للأحزاب اليسارية والليبرالية. تقول صبحية: «البلطجة أصبحت علانية، وخلافات بسيطة بين الناس يتم تسويتها بالأسلحة.. قبل الثورة لم يكن هناك أشياء مثل هذه».

وكل مساء يعود إليها أولادها الأربعة - الذين تمكنت من تزويج ثلاثة منهم في بيتها، على الرغم من أنهم يعملون في مهن غير منتظمة - بقصص يومية مخيفة عن قتل لصوص لسائق لسرقة سيارته، وانتشار دعاوى تحقر من شأن النساء والمسيحيين، وغيرها من قضايا ترى صبحية أنها لا تبشر بخير.

ويكثر قطاع طرق ومتشددون في مناطق فقيرة وغير مخططة، مثل دار السلام، كانت أصلا وقودا لثورة 25 يناير الماضي. وشاركت صبحية ملايين المصريين الاحتجاج على عقود من الإهمال الحكومي وتعسف السلطات، وتشبه دار السلام 1100 منطقة أخرى مهملة كلية يسكنها أكثر من 16 مليون نسمة.

ومع فتح باب الترشح لانتخابات البرلمان هذا الأسبوع، بدأت أحزاب دينية لصق أوراق دعايتها على الجدران، بما في ذلك واجهة بيت صبحية، التي أوضحت قائلة إن مرشحي حزب مبارك هم من كانوا يفعلون ذلك في الماضي القريب، «وكانوا يفوزون دون أن ننتخبهم، لكن بالنسبة للأحزاب الدينية فأنا لا أعرف مرشحيها، كما أنني لم أركب الـ(توك توك) من أجل هذا»، مشيرة إلى أن خلط المسائل الدينية مع الدعاية الانتخابية سيزيد من الحساسيات بين المصريين.

وتقول: «هذه الفتنة لا أعلم من أين جاءت. طوال عمرنا نعيش مع المسيحيين، في المدارس وفي العمل وفي كل مكان، ولم تكن توجد أي مشكلات، فلماذا تحدث الآن؟»، مطالبة بمرشحين «يهتمون بالفقراء والعاطلين».

ومنذ ثورة 25 يناير، تكبدت مصر خسائر بلغت نحو 9.79 مليارات دولار.. وتقول «سيدة التوك توك»: «كنا نعتقد أن خروج مبارك ورجاله من الحكم سيتسبب في تشغيل الشباب العاطل وفي هبوط الأسعار»، وتضيف: «أولادي وأولاد الجيران كما هم من دون عمل.. كيلو اللحم كان قبل الثورة بنحو 45 إلى 50 جنيها، ارتفع الآن إلى 64 جنيها (نحو 11 دولارا).. كما أنه لم تعد توجد معنا (فلوس) من الأساس».