قوات القذافي ترد على الثوار بهجوم مفاجئ في سرت.. وتجدد القتال في بني وليد.. والبدء في هدم «باب العزيزية»

مستشار عسكري: طلبنا من أنصار العقيد الهارب الاستسلام أو دكهم بالمدافع

ثوار ليبيون يطلقون النار في اتجاه قوات القذافي خلال معركة تحرير سرت أمس (إ.ب.أ)
TT

استمرت أمس المواجهات بين الثوار الليبيين وفلول العقيد الليبي الهارب معمر القذافي في مدينة سرت، وسط حالة من الانتظار والترقب بعد أن أنذر الثوار المتحصنين في المدينة بالاستسلام أو دك مواقع تحصيناتهم بالمدفعية والقذائف الصاروخية، مع توقعات بأن يشن حلف الناتو غارات جديدة لتدمير مواقع أنصار العقيد القذافي.

وقال مصدر عسكري من المجلس الانتقالي إن قوات المجلس تحاصر من تبقى من قوات العقيد الهارب، مؤكدا أنه يوجد بينهم شخصيات كبيرة من قبيلة القذافي ممن كانوا مسؤولين في نظام القذافي، مشيرا إلى أن الثوار تمكنوا من التقدم في إطار خطة الحصار المحكم لقلب المدينة، لكنهم يتعرضون لمقاومة شرسة من المتحصنين في المدينة الواقعة على بعد نحو 450 كيلومترا إلى الشرق من العاصمة طرابلس.

ووفقا للمصدر نفسه، فقد وقعت معارك «كرّ وفرّ» بين الجانبين قرب حي الدولار، وفي وقت لاحق أشارت مصادر أخرى إلى وقوع مواجهات في منطقة قريبة داخل المدينة تعرف باسم «الحي الثاني»، لكن بدا من المعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» أن الثوار يواجهون مواجهة شرسة قد تعرقل كسب المعركة أو تطهير المدينة في الوقت الذي سبق وتحدث عنه مسؤولون في المجلس الانتقالي، منذ يوم الخميس الماضي، وكان يقال عادة إن موعد إعلان تحرير سرت «في غضون يوم أو يومين».

وقال المصدر العسكري إن شدة تحصينات أنصار القذافي في المدينة «قد تتطلب تدخلا من طائرات حلف الناتو. مطلوب أولا تدمير المواقع الحصينة التي يختبئ وراءها قناصة القذافي»، مشيرا إلى أن قوات القذافي شنت هجوما معاكسا ومفاجئا على الثوار يوم أول من أمس، ما دفع قادة الثوار إلى إعادة التخطيط لحسم المعركة قريبا.

وقال العقيد عبد السلام المسماري، المستشار العسكري لكتيبة «علي حسن الجابر» إن جبهة سرت أمس لم يكن بها مواجهات بين قوات الثوار وكتائب القذافي التي تتمركز في حي رقم 2. وأضاف أنه تم تهديد الكتائب من قبل جيش الثوار عبر مكبرات الأصوات «إما الاستسلام أو القصف بالمدافع»، قائلا إن معتصم القذافي أحد أبناء العقيد الليبي قد يكون مختبئا في الحي رقم 2، موضحا أن «قرار القذف بالمدافع ما هو إلا مجرد تحذير لاستسلامهم».

وأشار المسماري إلى أن قوات جيش الثوار تقوم في الوقت الراهن بتأمين الأسر في سرت، ونشر قوات للثوار للحفاظ على المناطق المحررة ونشر الأمن بها، مضيفا خلال اتصال هاتفي من سرت أن قوات الثوار تطوق الكتائب من كل الجهات عدا جهة البحر، موضحا أن هذا التطويق أدى إلى انقطاع المؤن عن الكتائب في الحي رقم 2 حتى «أصبحت بلا غذاء ولا بنزين ولا يصل لهم الدعم». وفيما يتعلق بأنواع الأسلحة التي يستخدمها مرتزقة وكتائب القذافي، قال المسماري إن الكتائب لديها راجمات صواريخ ومدافع 14.5 وصواريخ 23، بالإضافة إلى الأسلحة الخفيفة والمتوسطة الحجم من الرشاشات والبنادق، كما أن قناصة القذافي يتمركزون على أسطح المباني مستخدمين بنادق قنص متقدمة، حتى يقصفوا من يقترب من الحي.

وأشار المسماري إلى أن دور كتيبته في الوقت الراهن يتعلق بإجلاء الأسر النازحة وتأمينهم للخروج من المدينة. وأضافت مصادر أخرى على الجبهة أن الثوار أقروا بصعوبة كسب المعركة في سرت بسرعة، وفقا لما صرح به العميد محمد هدية، مدير إدارة الأسلحة بالجيش الليبي. ويعتقد على نطاق واسع أن المعتصم نجل القذافي وأبو بكر يونس، وزير الدفاع السابق، وقادة من أقارب العقيد الهارب موجودون في المدينة، في وقت استمر فيه فرار مئات المدنيين من السكان بعيدا عن سرت.

وعلى جبهة بني وليد، قالت مصادر ليبية إن الثوار تمكنوا من السيطرة على مناطق جديدة في المدينة صعبة التضاريس، وإنهم سيطروا على الوسط والجزء الشمالي من المدينة وسط مقاومة عنيفة من قوات القذافي، وإن هناك قوات جديدة في الطريق في محاولة لإحكام الحصار ومواصلة الهجمات المركزة على بني وليد التي يعتقد أن سيف الإسلام القذافي يقود فيها فلول القذافي.

وبالتزامن مع هذه التطورات، قال أنصار القذافي إن عدد القتلى في صفوف الثوار وصل في جبهة سرت وبني وليد إلى 15، وفي وقت لاحق تحدثت مصادر أخرى من أنصار القذافي أمس عن مقتل اثنين من الثوار (أحدهما من مصراتة والثاني من مصر) وجرح 10 آخرين، وذلك على جبهتي سرت وبني وليد، وأن من بين جرحى الثوار اثنين من المقاتلين من قبيلة القذافي نفسه، إضافة إلى أسر 13 من الثوار يوم الجمعة الماضي بينهم آمر كتيبة صواريخ غراد على جبهة بني وليد قائلة إنه كان في السابق من المسؤولين في نظام القذافي قبل أن ينشق وينضم للثوار.

وبينما أسفرت المواجهات بين الثوار وكتائب القذافي على مشارف بني وليد عن مقتل 5 من أنصار العقيد الهارب، تحدثت المصادر عن تكبد الثوار لخسائر في المعدات والأسلحة والآليات، بينها خمس دبابات وعدة سيارات محملة بالمدافع والصواريخ، قائلة إن المواجهات دارت رحاها تحت أمطار غزيرة وأراض مبللة بالمياه وصعوبة في الرؤية.

وقالت المصادر إن سيف الإسلام القذافي تحدث الليلة قبل الماضية على إذاعة الجبل، وهي الإذاعة المحلية لمدينة بني وليد تحدث فيها عن صمود المدينة وشجاعة رجالها، وأكد في رسالته على استمراره في «الجهاد» قائلا إنه ووالده (القذافي) يحضران لـ«مفاجآت» ضد الثوار، مشيرا في الحديث للإذاعة نفسها إلى أن ما تردد من قبل عن مقتل شقيقه، خميس القذافي، غير صحيح، وأنه (أي خميس) يقود أحد التشكيلات المدافعة عن مدينة بني وليد.

وأصدرت لجان تابعة للقذافي في طرابلس، تطلق على نفسها «لجان المقاومة والتحرير» وتتكون من ضباط سابقين وحرس شعبي ومتطوعين، بيانات موجهة لسكان العاصمة تشير فيها إلى أنها قررت البدء في عمليات قنص وتخريب بداية من يوم أمس، وأنها سوف تستهدف الثوار والمتعاونين معهم وأعضاء المجلس الانتقالي ومن يساعدهم.

وأفادت مصادر أنصار القذافي بأن قيادي من الثوار يدعى أحمد الشقلاف، من الزنتان، قتل أثناء مواجهات مع خلايا القذافي في منطقة بطرابلس تسمى «غرغور» التي كان يوجد بها بيت للقذافي، كما قتل رجل آخر من مصراتة لم يعرف اسمه، وإصابة قيادي ميداني يدعى عمر العبيدي من أبناء الزنتان أيضا.

ووفقا لما أفادت به المصادر من العاصمة طرابلس فإن المجموعات الموالية للقذافي سوف تعمل من خلال مجموعات صغيرة تقوم بتنفيذ عمليات نوعية منها «اصطياد سيارات الثوار في العاصمة بقاذفات آر بي جي»، و«القنص لعناصر الثوار من مسافات بعيدة باستخدام بنادق متطورة مزودة بكواتم للصوت»، وكذا استهداف المحال التجارية التي ترفع علم الثوار.

ومنذ العملية التي قام بها أنصار القذافي يوم الجمعة الماضي في حي أبو سليم، استمرت عمليات تمشيط الحي «بيت بيت»، كما طال التمشيط الكثير من الأحياء السكنية في العاصمة بحثا عن أي موالين للعقيد الهارب، فيما شرع الثوار في العاصمة في هدم منزل ومقر العقيد القذافي في باب العزيزية. وقالت وكالة «رويترز» إن جرافتين بدأتا بهدم جدران المقر الخارجية صباح أمس. ونقلت عن أحد المقاتلين قوله: «نهدمه لأننا نريد أن ندمر كل شيء يعود للقذافي».