قوات المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا تواجه أنصار القذافي بطرابلس

أحد السكان أبلغ رسالة لمراسل أجنبي: لقد كان القذافي أفضل بكثير

TT

في طرابلس ينتشر مسلحون موالون للحكومة الليبية الجديدة؛ بعضهم متوتر، والآخر متحمس، وهو يصوبون المدافع المضادة للطائرات إلى أكثر الأحياء تأييدا للزعيم المخلوع معمر القذافي.

لكن أحد سكان الحي غامر بالخروج إلى شارع جانبي هادئ وقاد سيارته حتى وقف إلى جانب مراسل أجنبي وقال رسالة يريد أن تصل إلى الجميع: «لقد كان القذافي أفضل بكثير».

كان متوترا ويداه ترتعدان. ولأنه لا يجيد الإنجليزية، أشار إلى زوجته الحبلى داخل السيارة التي كانت تجلس ابنتها الصغيرة على حجرها وابنتها الأخرى إلى جوارها.

قالت الزوجة: «القذافي»، ورفعت إبهامها لأعلى، في إشارة إلى أنه كان أفضل، وتابعت: «الآن لا يوجد شيء جيد.. لا ماء، ولا غذاء للأطفال.. لا شيء»، وربت الزوج على بطنها قائلا بالعربية «لا شيء». ما زال حي أبو سليم في طرابلس معقلا لتأييد القذافي.

كان حي أبو سليم آخر منطقة في طرابلس تسقط في أيدي قوات المجلس الوطني الانتقالي بعد أن اجتاحت العاصمة. كما كان هذا الحي شاهدا يوم الجمعة الماضي على معارك ضارية بين مقاتلي المجلس الوطني الانتقالي والعشرات من المقاتلين الموالين للقذافي الذين كانوا يختبئون.

وعلى الرغم من أن الاشتباكات كانت محدودة وفردية، فإنها كانت الأولى منذ سقوط طرابلس في أيدي المجلس الوطني الانتقالي في 23 أغسطس(آب) الماضي، وجعلت كثيرين يتساءلون عما إذا كان من الممكن حدوث تمرد موال للقذافي.

ويحرص مسؤولو المجلس الوطني الانتقالي على التهوين من شأن هذا الاحتمال، ويقولون دائما إن ما حدث مجرد «مشكلة صغيرة».

لكن العشرات من مقاتلي المجلس الوطني الانتقالي المزودين بمدافع آلية وقذائف صاروخية وأسلحة ثقيلة طوقوا السبت مجمعا من الشقق السكنية التي تركز فيها العنف، مما يشير إلى أن الحكام الجدد في ليبيا يأخذون مثل هذه الحوادث على محمل الجد.

قال أحد السكان ويدعى محمد (20 عاما) لـ«رويترز»: «لم تعجبني الطريقة التي جاء بها مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي أمس.. إطلاق النار على أي شيء أو أي أحد يتحرك». وأضاف: «أنا أؤيد هذه الثورة، لكن التصرف بهذه الطريقة، حتى إن أحدهم حاول سرقة سيارة هنا، سيجعل الناس في تلك المناطق ينقلبون عليهم».

وأجرى مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي عمليات تفتيش من منزل إلى منزل في المنطقة التي تضم بعضا من أفقر سكان طرابلس وبحثوا عن أسلحة مخبأة في صهاريج المياه.

وقال علي، وهو ميكانيكي: «جاء أنصار القذافي هنا وقدموا أسلحة إلى الجميع خلال الحرب. قدموا لنا كل السلاح الذي يمكن أن تتخيلوه ويمكن أن تحمله الأيدي».

وقال محمد وأصدقاؤه إن مقاتلي الحكومة ألقوا القبض على امرأة واصطحبوها بعيدا لأنهم وجدوا في شقتها علما أخضر وهو يرمز إلى نظام القذافي، وإنهم قتلوا رجلا بالرصاص لأنه ردد هتافات مؤيدة للقذافي في الأسبوع الماضي. ولم يتسن التحقق من أي من الزعمين على الفور.

وقال محمد: «هذا تعبير عن الرأي.. هل تقتل لهذا السبب؟ هذا خطأ».

وتمثل سلوكيات المسلحين، وكثير منهم في سن صغيرة ويتولون الآن مسؤولية أمن ليبيا، مبعث قلق متزايد لجماعات حقوق الإنسان التي اتهمتهم بإساءة معاملة آلاف المحتجزين من الموالين للقذافي، وحثتهم على أن ينأوا بأنفسهم عن الجرائم التي كانت ترتكب في النظام السابق.

ويدعو مسؤولو المجلس الوطني الانتقالي للتحلي بالصبر، ويقولون إن إقامة نظام قضائي فعال وتشكيل قوة شرطة مدربة وإقامة دولة ديمقراطية تحترم بشكل كامل حقوق الإنسان، سيستغرق وقتا. لكن بعض المحللين يخشون احتمال ازدياد الاستياء في أماكن مثل أبو سليم وتحولها إلى صراع أوسع نطاقا.

غير أن كثيرا من الناس في أنحاء هذا الحي أقروا بأنهم سعداء الآن بعد خلع القذافي، وقال البعض إنه كان السبب في فقر هذا الحي طوال السنوات الماضية.

وقال محمد: «أنا أعمل لدى شركة نفط. أعلم كم الأموال الموجودة هنا في ليبيا. أعلم أمر الثروات. لكننا لم نحصل على أي منها هنا. عن نفسي لم أر أي ثراء».

وقال مؤيدون آخرون للمجلس الوطني الانتقالي إنه في حين أن كثيرا من سكان أبو سليم وغيرها من المناطق الموالية للقذافي في العادة يشعرون بالأسف حقا لرحيله بعد 42 عاما في السلطة، فإنهم لا يتوقعون كثيرا من المشكلات منهم.

وقال صالح، وهو صاحب متجر: «من تبقى من أنصار القذافي سيرون أنه هرب. عندما يرون ذلك سيضطرون للانضمام إلى ليبيا الجديدة حتى لا تحدث اشتباكات مسلحة في المستقبل». وفي حين كان يتحدث، أطلق مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي وابلا من الرصاص من المدافع المضادة للطائرات على شقق سكنية في تحذير واضح واستعراض للقوة لردع أي ساكن معاد قد يكون بداخلها. وفي مكان مجاور، كان مجموعة من الأطفال يلعبون، لكن لم تهتز لأي منهم شعرة.