الحركة الإسلامية في إسرائيل: الأسيرات خط أحمر تجاوزته حماس

إسرائيل وحماس تؤكدان أن الصفقة ستنفذ بحذافيرها

فلسطينية تمر من أمام رسم لشاليط على حائط في مخيم جباليا (أ.ب)
TT

بعد أن تبين أن المفاوضين من حركة حماس حول صفقة شاليط نسوا 9 أسيرات فلسطينيات، وأنهن سيبقين في الأسر الإسرائيلي، انفجرت أزمة بدا أنها تهدد تنفيذ الصفقة برمتها. لكن مصدرا إسرائيليا رسميا أكد أن هذه القضية لن تعوق شيئا وأن الصفقة ستنفذ كما هو مقرر غدا. وكذلك أكد الأمر نائب وزير الخارجية في حكومة حماس المقالة، د. غازي حمد. بينما أصدرت لجان الحركة الفلسطينية الأسيرة في إسرائيل بيانا انتقدت فيه حماس بشدة وطالبتها بتصحيح الخطأ.

وعلى الرغم من هذه المواقف المتناقضة، فقد أعلنت مصادر من الطرفين أن مشكلة الأسيرات التسع تُبحث بجدية في القاهرة بمشاركة جميع الأطراف، وقد يصلون إلى تسوية حولها من دون أن يؤثر التوصل أو عدمه على تنفيذ الصفقة نفسها.

المعروف أن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل، كان قد أعلن، متباهيا، أن اتفاق صفقة شاليط يضمن تحرير جميع الأسيرات الفلسطينيات، وعددهن 27 أسيرة، اثنتان منهن ستبعدان (أحلام التميمي إلى الأردن، وآمنة أمونة إلى قطاع غزة)، والباقيات سيحررن إلى بيوتهن في الضفة الغربية والقدس الشرقية وإسرائيل (فلسطينيي 48). ولكن، عند استعراض الأسماء، تبين أن هناك 9 أسيرات لا تشملهن الصفقة؛ إذ إن عدد الأسيرات هو 36 وليس 27، كما حسبت حماس. والـ9 «المنسيات» هن: الأسيرة لينا أحمد جربوني، وهي محكومة بالسجن لمدة 17 عاما، ومعتقلة منذ 2002، والأسيرة ورود ماهر قاسم، وهي محكومة بالسجن لمدة 6 سنوات ومعتقلة منذ 2006، والأسيرة خديجة كامل أبو عياش، ومحكومة بالسجن لمدة 3 سنوات ومعتقلة منذ 2009. وجميعهن من مواطني إسرائيل (فلسطينيي 48)، وتضاف إليهن الأسيرة سعاد أحمد نزال، من قلقيلية، ومحكومة بالسجن لمدة 28 شهرا، إضافة إلى 5 أسيرات موقوفات قبيل المحاكمة وهن: الأسيرة بشرى جمال الطويل، من البيرة، والأسيرة رانيه هلسه (أبو صبيح)، والأسيرة منى حسين قعدان، من عرابة، والأسيرة فداء عاطف أبو سنينة، من الخليل، والأسيرة هنية منير ناصر، من رام الله.

وقد أضاف نسيانهن مزيدا من الانتقادات التي ترددت في صفوف الفلسطينيين. وسربت مصادر قيادية في حماس أنباء صحافية تقول: إن هذا الخطأ يجب أن يصحح فورا، و«إلا فإن الصفقة برمتها ستصبح في خطر». وحاول مقرب من المفاوضين باسم حماس إلقاء التهمة على إسرائيل، فقال: «لقد خدعتنا إسرائيل عندما قالت إن عدد الأسيرات هو 27 فقط». لكن الإسرائيليين رفضوا هذه الاتهامات، وقالوا إن الأسماء كانت واضحة ومعروفة؛ إذ وُضعت على طاولة المفاوضات طيلة الوقت، فلم تعترض حماس عليها. بينما قال عدد من قادة الحركة الفلسطينية الأسيرة: إن هذا خطأ فاحش من حركة حماس يدل على أنها لا تتابع فعلا وبالجدية اللازمة قضية الأسرى.

وأكد الجنرال عاموس غلعاد، رئيس الدائرة السياسية الأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية، أن الصفقة ستنفذ في موعدها كما هي من دون تغيير. وأثنى غازي حمد على هذا التأكيد، قائلا، في تصريح للإذاعة الإسرائيلية: إن أمر الأسيرات مهم، لكن ليس لدرجة عرقلة الصفقة. وقالت مصادر فلسطينية إن قيادة حماس تعرضت لضغوط من ذوي الأسرى الذين أعلنت أسماؤهم كأسرى محررين، فطالبوها بألا تعيد العجلة إلى الوراء وتخرب فرحتهم لأي سبب.

وانتقدت الحركة الفلسطينية الأسيرة في إسرائيل، في بيان، إغفال الأسيرات التسع من الصفقة وقالت: «الحركة الأسيرة وجميع أبناء شعبنا يقدرون ويثمنون جهود وتضحيات كل الجهات التي تسعى من أجل تحرير الأسرى، وتبارك الصفقة، لكنها تحتفظ بحقها وواجبها بأخذ الموقف المطلوب تصحيحا لأي خطأ وقع أو قد يقع، وفي الوقت نفسه تؤكد أن قضية الأسيرات هي خط أحمر ومسألة غير قابلة للنقاش». ورفضت الاتهامات المتعلقة بموقفها هذا من حماس بالادعاء أن توجهاتها حزبية وقالت: «إننا ننأى بأنفسنا عن أي تحيز حزبي أو فصائلي لأي جهة كانت، ونؤكد عدم تبعيتنا لأي جهة، وأننا نعمل ونتعامل مع قضية الأسرى كقضية وطنية مركزية فقط لا غير». وقد وقع البيان، باسم لجنة التوجيه للحركة الوطنية الأسيرة في الداخل الفلسطيني، كل من: منير منصور ووليد شحادة وغسان عثاملة وأيمن حاج يحيى، وجميعهم مواطنون في إسرائيل وأسرى سابقون.

لكن الشيخ كمال خطيب، نائب رئيس الحركة الإسلامية في إسرائيل، أطلق تصريحات انتقادية لاذعة، واعتبر عدم إدراج الأسيرات التسع في الصفقة تجاوزا للخط الأحمر. وقال إنه كان يتوقع أن «تشمل صفقة تبادل الأسرى (وفاء الأحرار) كل الأسيرات الفلسطينيات، وبضمنهن الأسيرات من الداخل الفلسطيني اللاتي لم يعلن عن إطلاق سراحهن؛ حيث اعتبرهن المفاوض الفلسطيني من الأسيرات الفلسطينيات، ولذلك أعلن عن تبييض السجون من الأسيرات، بينما اعتبرهن الإسرائيلي إسرائيليات، وعليه فلم يدرجهن ضمن الأسماء المفرج عنها». وقال كمال خطيب، نائب الشيخ رائد صلاح، في بيان له أمس: «نحن نقدر عاليا إطلاق سراح أي أسير فلسطيني من سجون الاحتلال، ونبارك لكل شعبنا الفلسطيني بإنجاز هذه الصفقة، وما يهمنا في هذه الصفقة أنها خرجت إلى حيز التنفيذ، ونحن نقدر عاليا ونتماثل مع فرحة الأسرى المفرج عنهم وذويهم، ونفرح لفرحهم ونسعد لسعادتهم، ولكننا، مع ظهور التلاعب الإسرائيلي في تعريف الأسيرات بين فلسطينيات وإسرائيليات، نطالب المفاوض الفلسطيني بأن يصر إصرارا كاملا وتاما على إخلاء السجون الإسرائيلية من جميع الأسيرات الفلسطينيات، ونعني بذلك الأسيرات الثلاث من الداخل الفلسطيني وهن لينا جربوني ورود قاسم وخديجة أبو عياش». وأضاف: «نقول للمفاوض الفلسطيني إنه من غير المقبول أن تبقى هؤلاء الأسيرات في الباستيلات الإسرائيلية يعانين السجن وظلامه ولو كان ثمن ذلك تأخير تنفيذ الصفقة، إننا ونحن نتفهم انتظار الأهالي لأحبابهم الذين هم أحبابنا وأعزاؤنا، لكننا على يقين أنهم وهم الذين دفعوا سنوات الصبر الكثيرة حتى وصلوا إلى هذه النقطة خير من يتفهم هذا الطلب وخير من يتماثل معه».

من جهتها، انتقدت وزارة الأسرى في الحكومة الفلسطينية، في بيان صدر عنها في رام الله، أمس، حركة حماس، وقالت: «لقد وعدونا بتبييض السجون من الأسيرات أجمعين». وطالبتهم بتوضيح هذا اللبس حتى لا يحدث إرباك لدى أهالي الأسيرات الذين يشعرون بالقلق لعدم وجود أسماء بناتهن ضمن القائمة. ودعت إلى ضرورة استدراك الأمر، والإعلان بشكل رسمي وواضح عن خلو السجون من جميع الأسيرات، خاصة أن الاحتلال وافق على إدراج أسماء الأسيرات المحكومات بالمؤبد، فمن باب أولى أن يطلق سراح الأسيرات المحكومات بأحكام قليلة أو الموقوفات.