نجاة حاكم أفغاني من محاولة اغتيال وطالبان تثبت أن بانشير غير آمنة

الرئيس الألماني يعد بمواصلة الدعم.. وكابل تبدأ تحقيقا في مزاعم بالتعذيب

أفغاني يرتدي عمامته في سوق مفتوح بكابل (رويترز)
TT

نجاة مسؤول حكومي بارز في شرق أفغانستان، أمس، من محاولة اغتيال دون أن يتعرض لأذى، وقال روهولاه سامون، المتحدث باسم حاكم إقليم باكتيا، إن الحاكم جوما خان حامدارد تعرض لهجوم من جانب عدة مهاجمين عندما وصل لمكتبه في سيارته أمس. وأضاف: «الحاكم لم يصب بأذى، لكن لقي رجل شرطة وأحد العاملين حتفهما وأصيب أربعة مدنيين». وأشار سامون إلى أن المهاجمين حاولوا أولا مداهمة مبنى المديرية، ولكنهم هاجموا الحاكم عندما وصل لمكتبه.

وقال: «لدينا 3 جثث للمسلحين الآن، ولكننا نعتقد أنهم كانوا أربعة وتمكن أحدهم من الفرار»، مضيفا: «إنه هجوم فاشل استهدف الحاكم».

إلى ذلك، تندرج العملية الانتحارية التي وقعت، أول من أمس، في ولاية بانشير التي كان يعتقد أنها الأكثر أمانا في البلاد، في استراتيجية طالبان الحالية الرامية إلى إثبات أنه ليس هناك أي منطقة آمنة في البلاد، وأن الحكومة الأفغانية عاجزة عن ضمان الأمن، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وهاجم أربعة انتحاريين، دون التمكن من اقتحامه، مقر فريق إعادة إعمار الولاية، وهي وحدة مختلطة مدنية - عسكرية تابعة لحلف شمال الأطلسي، وإحدى الهيئات العسكرية الأجنبية النادرة في هذه الولاية، مما أسفر عن مقتل سائقين أفغانيين.

ويعتبر هذا الاعتداء الانتحاري الأول منذ 2001 في هذه الولاية التي كانت من أكبر معاقل مقاومة القوات السوفياتية، ثم طالبان التي لم تتوصل يوما حتى بعدما تولت الحكم (1996 - 2001) إلى بسط نفوذها على هذا الوادي العميق الصعب المسالك. وتبنت الهجوم حركة طالبان التي تحولت إلى حركة مقاومة في نهاية 2001 بعد أن أطاح بها تحالف عسكري دولي.

وقال المحلل الأفغاني هارون مير، المتحدر من تلك المنطقة، والذي كان مقربا من القائد الأسطورة أحمد شاه مسعود «أسد بانشير»، الشخصية الكاريزماتية خلال مقاومة القوات السوفياتية ثم طالبان: «لم نكن نظن أن بوسع طالبان الوصول إلى بانشير»، مؤكدا أن «هذا الهجوم دليل على أن طالبان يمكن أن يضربوا في كل مكان». وليس في المنطقة أي هدف استراتيجي، كما لم يخلف هجوم السبت سوى خسائر محدودة على الرغم من تصريحات طالبان المبالغ فيها. وقال هارون مير: «قد كان بإمكان طالبان استعمال هذه الوسائل في كابل ضد أهداف أكثر أهمية، لا سيما أن فريق إعادة إعمار الولاية معزول كثيرا، وتعلم طالبان أنهم لن يوقعوا فيه خسائر فادحة». لكن التضحية بأربعة انتحاريين في عملية ذات فوائد تكتيكية محدودة تدل على أن العملية رمزية بامتياز.

من جانبه قال الكاتب والمحلل وحيد مجدا: «إن الأمن في بانشير كان يوحي خطأ إلى الحكومة بأن طالبان غير قادرين على زعزعة استقرار هذه الولاية؛ لأن سكانها يعادونهم». لكنه أضاف أنهم «بهذا الهجوم أرادوا أن يثبتوا أنهم قادرون على الوصول إلى كل أنحاء البلاد في أي وقت». وبتبنيها الهجوم على الإنترنت، أوضحت حركة طالبان أنها أثبتت أن الحلف الأطلسي «ليس في مأمن في أي مكان من البلاد». لكن باستهداف ولاية يعتبر فيها الانتشار العسكري منعدما تقريبا، أراد المقاتلون خصوصا استهداف الحكومة الأفغانية.

ومما يدل على أن الهدف رمزي هو أن بانشير تعتبر من المناطق السبع الأولى التي سلمت فيها قوات الحلف الأطلسي القوات الأفغانية المسؤوليات الأمنية الصيف الماضي. واعتبر المحلل أحمد الساعدي أن «طالبان يريدون أن يقولوا للعالم إن الأفغان غير قادرين على التكفل بأمنهم بأنفسهم»، وبالتالي يبدو أن اعتداء بانشير مرحلة جديدة في سلسلة الهجمات التي يشنها طالبان خلال الأشهر الأخيرة على أهداف حساسة أو رمزية، بقصد التخويف ونزع المصداقية عن الحكومة الأفغانية، التي يفترض أن تضمن بنفسها الأمن في كل أنحاء البلاد بحلول نهاية 2014.

وأكد طالبان في بيانهم أيضا أن الانتحاريين من سكان بانشير، مشيرين ضمنا إلى أنهم يلقون دعما في تلك الولاية التي يناهضهم فيها أغلبية السكان، والتي لم تتمكن حركة التمرد من التجذر فيها البتة. وأكد قائد الشرطة المحلي قاسم جانغلباق: «ليس هناك أي معلومة أو خبر يدل على أنهم من بانشير أو على علاقة» بتلك الولاية. من جانبه لم يستبعد هارون مير أن يكون بانشيريون ساعدوا الانتحاريين.

ومن جهته، ذكر جهاز الاستخبارات الأفغاني، أمس، أنه بدأ تحقيقا في مزاعم بأن عددا من عناصره قاموا بضرب أحد السجناء حتى شارف على الموت أثناء التحقيق معه في ولاية خوست. ويأتي التحقيق الذي طلبته مديرية الأمن الوطني بعد تقارير إعلامية عن تعرض سجين للضرب المبرح، مما تسبب في إصابته بفشل كلوي وجروح داخلية. وكان تم القبض على السجين في أواخر سبتمبر (أيلول) في ولاية خوست الشرقية. وصرح مسؤول في جهاز الاستخبارات بأن الجهاز «أطلق تحقيقا في هذه القضية، وإذا أدين أي مسؤول من الجهاز في هذه القضية، فسيجري تسليمه إلى السلطات القانونية».

كما تعهد الرئيس الألماني، كريستيان وولف، أمس، بأن ألمانيا ستواصل دعمها لأفغانستان بعد مغادرة قواتها للبلد المضطرب، وذلك خلال زيارة مفاجئة إلى كابل لإجراء محادثات مع الرئيس حميد كرزاي. وأكد وولف لدى وصوله في أول زيارة رسمية لزعيم ألماني إلى كابل منذ 44 عاما: «لقد أتيت إلى أفغانستان لكي أوضح أن ألمانيا لن تترك أفغانستان دون دعم». وأضاف الرئيس في تصريحات أصدرها مكتبه: «سنبقى أصدقاء وشركاء موثوقين ودائمين لأفغانستان بعد تسليم السلطة إلى القوات الأفغانية في عام 2014 مع تغلبها على التحديات المستقبلية».

ومن المقرر أن يلتقي وولف جماعات حقوقية قبل أن يبدأ محادثات مع كرزاي، تهدف إلى التمهيد لمؤتمر كبير حول أفغانستان في مدينة بون الألمانية في ديسمبر (كانون الأول) المقبل.