خامنئي: إيران قد تلغي الانتخاب المباشر للرئيس

اعتبره محللون تهديدا مبطنا للرئيس أحمدي نجاد

TT

قال المرشد الأعلى للثورة الإسلامية آية الله علي خامنئي أمس إن إلغاء آلية انتخاب الرئيس الإيراني بشكل مباشر واردة، مع استبدالها بالاختيار عبر تكليف برلماني، وهو الأمر الذي قد يمثل تهديدا غير صريح للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد - أو من يخلفه مستقبلا في المنصب - على خلفية جفاء العلاقة المتبادل بين أعلى مسؤولين داخل البلاد منذ نحو ستة أشهر.

وطرح خامنئي الاقتراح، الذي قد يمثل الحدث الدستوري الأكبر من نوعه في إيران منذ أكثر من 20 عاما حال تطبيقه، خلال خطاب موسع نقله التلفزيون الرسمي الإيراني أمس.

وأشار خامنئي، في حديثه إلى حشد من مستمعيه بإقليم كرمان شاه الغربي، إلى أنه «لا توجد أدنى مشكلة في إلغاء انتخاب الرئيس بشكل مباشر، إذا تبين أن هذا أمر مرغوب»، دون أن يحدد صاحب هذه «الرغبة» في التغيير. مؤكدا أن «النظام السياسي الحاكم للبلاد حاليا هو نظام رئاسي، يتم فيه انتخاب الرئيس بشكل مباشر من قبل الشعب.. وهو أسلوب جيد ومؤثر». ولكنه أردف قائلا: «ولكن إذا اعتبر في يوم ما، ربما في المستقبل البعيد، أن النظام البرلماني لانتخاب مسؤولي السلطة التنفيذية هو الأفضل، فلا توجد أي مشكلة في تغيير الآلية الحالية».

واعتبر محللون أن تصريحات خامنئي تهدف إلى إعادة أحمدي نجاد إلى أرض الواقع، وضرورة التزامه بعدم تجاوز الصلاحيات المحدودة لـ«المنصب التنفيذي» الذي يتولاه.

ورغم أن منصب الرئيس يحظى بمكانة دولية رفيعة، فإن إيران تتسم بوضعيه خاصة في هذا الأمر.. حيث إن صلاحيات رئيس الدولة الإيرانية تكون مقيدة في عدة مناح رئيسية لا يملك الكلمة الأخيرة فيها، ومنها المسائل العسكرية والبرنامج النووي، والتي تكون الكلمة الفاصلة فيها للمرشد الأعلى للثورة الإيرانية.. بينما يترك المرشد الأمور السياسية «اليومية» لرئيس الدولة، إلا أنه يكون مسؤولا عن التدخل دائما في الظروف التي قد يؤدي فيها تبني سياسة معينة إلى الانحراف عن طريق الثورة.

وبينما بدأت علاقة نجاد وخامنئي بداية طيبة، بل إن خامنئي دعم نجاد خلال خوضه انتخابات التمديد الرئاسي في عام 2009، رغم كل ما واجه ذلك من معارضة شعبية كادت تصل إلى حد الثورة على النظام القائم منذ عام 1979.. إلا أن تلك العلاقة شهدت أزمة حادة وجفاء متصلا إثر محاولة نجاد لإقالة وزير الاستخبارات في أبريل (نيسان) الماضي، ورفض خامنئي لذلك، مع إصرار كل منهما على موقفه.

ومما قد يزيد من سوء الأمر بالنسبة لنجاد، أن تلك التصريحات صدرت في ظل ما يواجهه من انتقادات متواصلة من الجبهات المحافظة المتشددة في الداخل، والتي تتهمه بالخضوع إلى مستشارين - وصفوهم بالمنحرفين - يريدون تقويض دور رجال الدين الإسلامي، وحد سلطاتهم في الدولة، بما في ذلك مكتب الزعيم الأعلى.

ولم يكتف المتشددون بالانتقاد، بل توالت البلاغات التي تتهم معاوني ومستشاري نجاد بالفساد على الهيئات القضائية للدولة، كما هدد أعضاء برلمانيون ينتمون إلى الجناح المحافظ (الذي يسيطر على البرلمان) نجاد بالعزل من منصبه.. وهي أمور أضعفت كثيرا من موقف الرئيس قبيل الانتخابات البرلمانية المقررة في مارس (آذار) المقبل.

ويشير مراقبون إلى أن تصريحات خامنئي رغم أنها قد تكون ذات مغزى معنوي، للتأكيد على مقامه ومكانته بداخل الدولة.. فإنها قد تحمل في طياتها أيضا كثيرا من الجدية، حيث إن إلغاء الانتخابات المباشرة وتكليف البرلمان بانتخاب الرئيس، قد يجعل الرئيس القادم أكثر استجابة للهيئة التشريعية، وربما يحد من صلاحياته لممارسة السلطة في مجالات حساسة مثل السياسة الخارجية.