تونس: تدريب على الانتخاب قبل أسبوع من يوم الاقتراع التاريخي

ناخبة شابة: خيل إلي أني قمت بتصويت حقيقي

TT

العازل، والحبر الذي لا يمحى، وموظفو المكتب الانتخابي، كانوا حاضرين خلال عملية تدريب على الاقتراع أمس في العاصمة التونسية قبل أسبوع من انتخاب المجلس التأسيسي. بسمة، الناخبة الشابة التي شاركت في عملية الانتخاب البيضاء بحماسة، وتصوت هذه الشابة (35 عاما) الطويلة الشعر، والمرتدية قميصا ورديا، للمرة الأولى في حياتها، بدت محرجة بعض الشيء، ومتأثرة وفخورة في آن واحد وهي تتقدم إلى مكتب التصويت وتبرز بطاقة هويتها، وتثبت موظف بدت عليه البشاشة والجدية من أن اسمها مسجل في اللوائح الانتخابية قبل أن يأذن لها بالتصويت.

وغمست بسمة سبابتها اليسرى في حبر أزرق غير قابل للزوال قبل يومين، وتناولت بطاقة التصويت، وهي عبارة عن ورقة كبيرة تضم أرقاما وشعارات نحو 80 لائحة انتخابية تتنافس في دائرة تونس الأولى.

وبعد أن دخلت العازل ووضعت علامة على القائمة التي تريدها أن تفوز، وضعت البطاقة في الصندوق البلاستيكي الشفاف على مرأى من كاميرات مصورين صحافيين كانوا يقفون بعيدا عنها. «شكرا» قال لها رئيس المكتب عندما انتهت من أداء واجبها.

وقالت بسمة: «أردت المشاركة في هذه الانتخابات البيضاء حتى أفهم جيدا كامل العملية الانتخابية؛ إذ لم تكن مختلف مراحلها واضحة لدي، ولست نادمة على هذه التجربة اليوم، إذ سأكون يوم الاقتراع (الحقيقي) مرتاحة جدا».

ولدى سؤالها لمن صوتت ردت مبتسمة «هذا أمر شخصي»، وهي تنظر إلى الناخب التالي وهو رجل معوق على كرسي متحرك.

وحضر الأخير برفقة صديق، وأوضح أنه حدد لمن يريد التصويت لكنه لا يمكنه ملء بطاقة الاقتراع، ودخل مع صديقه وراء العازل، أما الثالث فكان ناخبا أعمى أسدى تعليماته لأحد أقاربه للقيام بواجبه الانتخابي.

وبدا الارتياح على أحد أعضاء اللجنة العليا الانتخابية المستقلة، وقال العربي شويخة، أحد أعضاء اللجنة الـ16، إن العملية تهدف إلى رصد «الثغرات» المحتملة، مضيفا أن الأمور جرت بشكل جيد.

وأوضح أن «عملية الانتخاب كلها يجب ألا تتجاوز دقيقتين لكل ناخب»، وهو الوقت الذي أمضته بسمة لتنتخب.

ولكن قبل بسمة لم يتم قبول أول الناخبين لأنه غير مسجل على القائمة الانتخابية لهذا المكتب، وتمت دعوته إلى مغادرة المكان.ولم يعطه موظفو مكتب مدرسة نهج الهند في لافاييت (وسط العاصمة) أي إرشادات، مع أنه بإمكانه التصويت، إذ يكفيه أن يعثر على مكتب التصويت المرتبط بعنوان مقر إقامته الموضوع في بطاقة الهوية.

وهناك نحو ثلاثة ملايين ناخب في مثل حالته، إذ لم يسجل طوعا في اللوائح الانتخابية نحو أربعة ملايين.

وتم تكثيف عمليات التوعية عبر قنوات التلفزيون والإذاعة والصحف في الأسابيع الأخيرة لتفسير كيفية الانتخاب، ودعوة المواطنين للقيام بواجبهم وحقهم الانتخابي.

وتبقى نسبة المشاركة في انتخابات المجلس التأسيسي أحد تحديات عملية الاقتراع التي لن تعرف قبل الأحد المقبل.

ودون عدد من الملاحظين التونسيين والأجانب ملاحظات من دون أن يتدخلوا في سير العملية الانتخابية. وقال القاضي ماريون فولكيرمان، من مركز كارتر الذي نشر 50 مراقبا لهذا الاقتراع التاريخي الذي جاء ثمرة ثورة شعبية غير مسبوقة دشنت الربيع العربي: «هذا التمرين جيد جدا».

وشارك ستون ناخبا، أمس، في هذا التمرين المدني قبل أن يختاروا الأحد المقبل مع مواطنيهم 217 عضوا في المجلس الوطني التأسيسي، الذي سيكلف وضع دستور جديد لـ«الجمهورية الثانية» في تاريخ تونس المستقلة.