الجزائر: انقسام حزب الرئيس بوتفليقة إلى 3 أجنحة

بلخادم يتعرض لانتقادات شديدة من قياديين في «جبهة التحرير».. ويحملونه مسؤولية انحرافها

TT

يواجه حزب الغالبية بالجزائر «جبهة التحرير الوطني»، أزمة خطيرة قسمته إلى ثلاثة أجنحة كل واحد منها يدعي تبني برنامج رئيس الحزب، الذي هو في الوقت نفسه رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة. ويترقب كل جناح تدخل الرئيس لحسم الصراع لصالحه. ويقول ملاحظون إن الجبهة عندما تضطرب يعني أن النظام في أسوأ أحواله.

ويتعرض أمين عام «الجبهة» وزير الدولة الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية عبد العزيز بلخادم، لانتقادات شديدة من طرف قياديين في الحزب، يحملونه «مسؤولية انحراف جبهة التحرير الوطني عن رسالة نوفمبر (تشرين الثاني)»، التي تعتبر شهادة ميلاد الحزب. و«نوفمبر» هو الشهر الذي انطلقت فيه ثورة التحرير من الاستعمار الفرنسي (1954- 1962) بقيادة «جبهة التحرير الوطني». ويقول معارضو بلخادم إن الفرق كبير بين «الجبهة» التي يقودها حاليا، و«الجبهة» التي خلصت الجزائر من استعمار دام قرنا و32 سنة.

وأعلن جناح جديد من المعارضين، يسمى «حركة الصحوة الوطنية» أمس، عزمه تصعيد الاحتجاج لدفع بلخادم إلى الاستقالة. وقال رئيسه جمال سعدي، وهو ضابط عسكري سابق، إن مناضلي «الجبهة» مدعوون للتصويت لصالح مرشحي «الحركة» في انتخابات البرلمان المرتقبة في شهر مايو (أيار) 2012. ويعول سعدي على ثني «الوعاء الانتخابي» الكبير للحزب الذي يملك الأغلبية في البرلمان والمجالس المحلية، عن التصويت للمرشحين الذين تختارهم القيادة.

وذكر سعدي للصحافة أن «جبهة التحرير نخرها الفساد والرشوة والممارسات غير الأخلاقية، وهذا الوضع يعكس الحالة المتردية التي يوجد فيها النظام».

وأصيب حزب الغالبية بالوهن وضعف أداؤه، منذ الأزمة الحادة التي شقت صفوفه نهاية 2009 عندما خرج قياديون بارزون عن خط الأمين العام بلخادم الذي اتهموه بـ«تقريب المفسدين منه»، و«توزيع مناصب الريادة على المرتشين». ويمثل هؤلاء المعارضون الجناح الثاني، يسمى «حركة تقويم وتأصيل جبهة التحرير الوطني»، يرأسها صالح قوجيل، وهو قيادي قديم في الحزب ووزير سابق، ومعه عدة وزراء سابقين ووزير التكوين المهني ووزير العلاقات مع البرلمان الحاليين.

ونظمت «التقويمية»، كما تسمى محليا، اجتماعا الخميس الماضي، بالعاصمة، لبحث الموقف من «إصلاحات الرئيس». ورخصت السلطات للاجتماع، مما أثار حفيظة بلخادم، الذي اعتبر ذلك بمثابة إعطاء شرعية لخصومه. وأوفد بلخادم أنصاره إلى مكان الاجتماع، من بينهم نجله، بهدف منع «التقويميين» من الخوض في موضوع «الإصلاحات السياسية»، وكادت أن تقع المواجهة بين أنصار الفريقين، لولا تدخل قوات الأمن التي حضرت بكثافة.

وذكر بلخادم لصحافيين أمس، أن الذين يطالبونه بالرحيل من رأس الحزب «يناصبونني العداء لأنني لم أضعهم في المناصب القيادية بهيئات ومؤسسات الحزب». وقال إنه «يتحداهم أن يقدموا مبررات مقنعة لحركة المعارضة التي يقودونها ضدي». وأوضح أنه «سعى إلى التحاور معهم لكني لم أجد لديهم مشروعا سياسيا يختلف عن مشروع الجبهة، ولم يقدموا لي بديلا».

وتعد «جبهة التحرير» الحزب الذي تخرجت فيه أجيال النخبة التي حكمت الجزائر منذ الاستقلال. ولا يزال إلى اليوم يمد السلطة بمسؤولين، عسكريين ومدنيين من بينهم الرئيس بوتفليقة، الذي يرأس الحزب رسميا، ولكنه لا يحضر اجتماعاته أبدا. ويعتقد متتبعون أن الصراع الدائر حاليا داخل الحزب مؤشر على «نهاية عهد». ويقصدون به انتقال الحكم إلى شخص آخر، يختاره النافذون في النظام، بعد نهاية ولاية بوتفليقة الثالثة في ربيع 2014. ويتوقع البعض استفادة الخصم اللدود من هذا الصراع، حزب «التجمع الوطني الديمقراطي» بقيادة الوزير الأول، أحمد أويحيى، الذي يعتبر أقرب مدني إلى القوى النافذة في الجيش.