تمويل المحكمة الدولية يهدد مصير الحكومة اللبنانية وميقاتي بين خياري الاستسلام أو الاستقالة

مصدر في حزب الله لـ «الشرق الأوسط»: التمويل مرفوض أيا كانت نتائجه الداخلية والخارجية

TT

تنتظر الحكومة اللبنانية الاستحقاق الأصعب في الأيام المقبلة، والمتمثّل بملف تمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وهو ما يهدد مصيرها في ظل موقف حزب الله القاطع برفض التمويل أيا كانت النتائج التي ستترتب عن هذا القرار حتى لو كانت نسف الحكومة برمتها.

وفي وقت أعلن فيه مصدر قيادي في تيار المستقبل لـ«الشرق الأوسط»، أن «رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وضع نفسه أمام خياري الاستسلام لمشيئة حزب الله وتجاهل تعهداته التي قطعها أمام المجتمع الدولي بتمويل المحكمة، أو الاستقالة والتحرر من أعباء لا طاقة له بتحملها»، أكد مصدر نيابي في حزب الله لـ«الشرق الأوسط»، أن «رفض تمويل المحكمة الدولية قضية مبدئية، لأن المحكمة مرفوضة في الأساس، ونعتبرها عديمة الوجود». وقال المصدر: «إذا قبلنا بالتمويل يعني ذلك أننا قبلنا بالمحكمة، وهذا خطّ أحمر بالنسبة إلينا من غير المسموح تجاوزه أيا كانت الظروف والاعتبارات الداخلية والخارجية، وأيا كانت النتائج التي ستترتب عنه». وردا على سؤال عما إذا كان هذا الموقف يدفع بالرئيس نجيب ميقاتي إلى الاستقالة، خصوصا بعد التزامه أمام الأمم المتحدة بتمويل المحكمة، أجاب المصدر «عندما يحين الوقت لطرح هذا الموضوع (التمويل) في مجلس الوزراء سنقول رأينا بوضوح، وليس لدينا أي حرج ولا مراعاة لأي شيء على حساب مبادئنا ومسلماتنا».

إلى ذلك، كشف مصدر مطلع في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، لـ«الشرق الأوسط»، أن «القضاة اللبنانيين الأعضاء في غرفتي البداية والاستئناف في المحكمة انتقلوا إلى لاهاي بشكل دائم». وأوضح أن «القضاة اللبنانيين باتوا منصرفين مع زملائهم القضاة الدوليين إلى دراسة أوراق الملف والقرار الاتهامي الذي صدر بحق أربعة من عناصر أمن حزب الله متهمين باغتيال رئيس حكومة لبنان الأسبق رفيق الحريري و22 آخرين، وذلك تحضيرا للمحاكمة الغيابية المتوقع أن تنطلق في الشهر الأول أو الثاني من العام المقبل». ولفت المصدر إلى أن «القضاة اللبنانيين لن يعودوا إلى لبنان إلا في الإجازات الرسمية نظرا لجسامة المهام الملقاة على عاتقهم من الآن وصاعدا».

وفي السياق نفسه، أكد رئيس قلم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان هيرمان فون هايبل في تصريح له، أنه «من الأفضل أن يمثل المتهمون في قضية اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري أمام المحكمة، مما سيعزز إمكانيات الدفاع ويمكنه من الطعن في ادعاءات المدعي العام القاضي دانيال بلمار الذي يحث بدوره المتهمين على تسليم أنفسهم»، مؤكدا أن «المحاكمة ستبقى فعالة وعادلة حتى من دون حضور المتهمين، فالقضاة في المحكمة أصحاب خبرة وقادرون على أن يوازنوا بين حق الادعاء العام في طرح القضية وحق الدفاع».

وأعرب هايبل عن اعتقاده بأنه «من الممكن كشف حقيقة من اغتال الحريري مع عدم وجود المتهمين»، لافتا إلى أنه «حتى بعد انتهاء المحاكم غيابيا سيظل واجب القبض على المتهمين قائما ولن يسقط، وفي حال تم القبض عليهم ولو بعد 15 عاما يحق لهم طلب محاكمة جديدة لأن المحاكمة الحضورية حق أساسي للمتهم ونأمل أن يحضروا، لكننا بمجمل الأحوال نستطيع المضي قدما في محاكمة عادلة».

ولفت إلى أن «السلطات اللبنانية تقوم بالبحث عن المتهمين ولكن لا نتيجة حتى اللحظة»، مشددا على أهمية «التزام لبنان، وهذا الالتزام مستمر وسيستمر طالما المحكمة موجودة وحتى بعد ذلك، وبانتظار أن يحصل توقيف المتهمين نحن لن نجلس وننتظر فقط، بل سنكمل عملنا وستبدأ الجلسات للمحاكمة غيابيا في غضون العام المقبل، من دون أن يقلل هذا من قيمة المحكمة، فهي موجودة وستقدم الأدلة وتكشف الحقيقة»، مشددا على «وجود دعم سياسي ومالي بشكل عام لعمل المحكمة»، ومؤكدا في الوقت نفسه أنها «مؤسسة دولية مستقلة ومنظمة قضائية مستقلة، وبالتالي فإن التحقيقات والأدلة هي مواد يجمعها بلمار بنفسه مع العاملين في المحكمة، وهي مصدر مهم للمعلومات». وقال هايبل «يجب الإدراك أن لا شيء اسمه شهود الزور، فالذين يعتبرون شهود زور هم الأشخاص الذين يمثلون أمام المحكمة ويدلون بشهادة كاذبة أمام القاضي بعد حلف اليمين بأنهم سيقولون الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة. وهذا لم يحدث بعد لأن المحكمة ستبدأ أول العام أو في غضون العام المقبل، وما لدينا حتى الآن هو ما لدى المدعي العام الذي تحدث مع عشرات الأشخاص داخل لبنان وخارجه وسيختار منهم الشهود الذين سيقدّمون معلومات، وإذا تم استدعاء أحد ممن سماهم البعض (شهود الزور)، فإن فريق الدفاع سيكون مهتما بدحض شهادتهم، لكن هذا سيحدث في العام المقبل ومن المبكر الحديث عن شهود الزور الآن».