تشييع الناشط زياد العبيدي يتحول إلى مظاهرة.. واتهامات للأمن باختطاف جثمانه

رجال الأمن فرقوا آلاف المشيعين وأطلقوا النيران عليهم

زياد العبيدي (رويترز)
TT

تحولت أمس جنازة الناشط السوري زياد العبيدي، الذي لقي حتفه أول من أمس في دير الزور شرق البلاد، إلى مظاهرة شارك فيها نحو 7 آلاف شخص طالبوا بإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، مما دفع رجال الأمن إلى فتح نيران أسلحتهم صوب المحتجين.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له، بأن «قوات الأمن في دير الزور أطلقت الرصاص الحي على مشيعي الناشط في المرصد، زياد العبيدي، الذي تحولت جنازته إلى مظاهرة شارك فيها نحو 7 آلاف شخص مطالبين بإسقاط النظام». كان العبيدي، الذي اعتبره المرصد من أبرز نشطائه، قد لقي حتفه بعد أن طاردته قوات الأمن في حي الجبيلة بدير الزور أول من أمس.

وقامت أجهزة الأمن السورية، ظهر أمس، وفقا لناشطين معارضين، باختطاف جثمان العبيدي الذي قتلوه، وأكد الناشطون في اتصالات مع «الشرق الأوسط» أن عناصر الأمن أطلقوا النار على المتظاهرين واختطفوا الجثمان إلى جهة مجهولة.

ويعد زياد العبيدي، الذي يبلغ 42 عاما، من أبرز نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان في دير الزور ومن نشطاء الثورة السورية في المدينة، وكان قد توارى عن الأنظار منذ شهر أغسطس (آب) الفائت بعد دخول القوات العسكرية إلى المدينة، وترى مصادر في المدينة أن اختطاف جثمان الناشط العبيدي سيزيد حالة الاحتقان في المدينة وسيجعل رقعة الاحتجاجات تتسع أكثر؛ حيث يعد هذا الأمر استفزازا للأهالي لا يمكنهم السكوت عليه.

ومدينة دير الزور، التي يصل عدد سكانها إلى نحو 1.516 مليون نسمة، يشكلون 8% من سكان البلاد «يقبع عدد كبير من أبنائها في معتقلات النظام السوري، ويتعرضون لأبشع أنواع التعذيب» كما يؤكد الناشطون، وكان على رأس هؤلاء الشيخ نواف البشير، كبير مشايخ قبيلة البكارة، المعروف بمعارضته الشديدة لنظام الأسد قبل اندلاع الثورة ضد هذا النظام، قبل أن يتم الإفراج عنه في الأسبوع الماضي بشكل مفاجئ. ويشير الناشطون إلى أن النظام ضغط على الشيخ البشير بعد الإفراج عنه، للظهور على شاشة التلفزيون السوري والتصريح بأنه «مع الإصلاحات التي يجريها الأسد وأنه توجد بالفعل عصابات مسلحة تندس في المظاهرات».

وتشير مصادر من المدينة إلى «أن المعتقلين الذين يقبعون في سجون الأسد ينتمون إلى جميع أطياف المجتمع الديري، منهم المحامي عبد الرزاق الزرزور والمهندس يوسف علوان والتاجر حمش حمش»، هذا ما يدحض، وفقا لهذه المصادر، رواية النظام أن المتظاهرين هم عبارة عن حثالة ومتعاطي مخدرات، مؤكدين أن « جزءا كبيرا من المتظاهرين في دير الزور ينتمي إلى النخبة».

كانت دبابات الجيش السوري ومدرعاته الحربية قد اقتحمت مدينة دير الزور في 8 يوليو (تموز) الماضي وقامت بقصف أحيائها بالقذائف والمدفعية والرشاشات الثقيلة. وتنفي المصادر أن تكون المظاهرات قد تراجعت بسبب الاقتحام العسكري الذي تعرضت له المدينة في ذلك الوقت، وتقول إنه «يوجد أكثر من 5000 معتقل من مدينة دير الزور وأكثر من 500 شهيد، إضافة إلى التهجير الذي تعرضت له أهالي المدينة بشكل منهجي واعتقال معظم الناشطين والتنكيل بعائلاتهم. وقد يكون هذا أسهم في انخفاض زخم الاحتجاجات في دير الزور، لكن هذه العوامل لم تؤد إلى تراجعها».

كما تشير المصادر إلى أن «التغطية الإعلامية هي التي تراجعت وليست المظاهرات المطالبة بإسقاط النظام، فالإنترنت في المدينة محدود الانتشار؛ إذ لا تتجاوز عدد خطوط الإنترنت التي يستخدمها أهالي الدير ألف خط، مما يجعل عملية تحميل فيديو تم تصويره لمظاهرة خرجت في المدينة أمرا صعبا». وتضيف سببا آخر لضعف التغطية الإعلامية، هو البعد الجغرافي الذي تعانيه دير الزور؛ حيث «يوجد أكثر من 15 حاجزا أمنيا في الطريق بين الدير ودمشق، حتى الهواتف النقالة يقومون بتفتيشها».

كان المتظاهرون في المدينة قد قاموا بحرق وتحطيم تمثال باسل الأسد، الأخ الأكبر للرئيس بشار، الذي كان ينتصب في ساحة الباسل وسط البلد، كما قاموا بتغيير اسم الساحة التي شهدت اعتصامات ومظاهرات ليلية حاشدة من ساحة الباسل إلى ساحة الحرية.