اليسار الفرنسي يختار مرشحه لمنازلة ساركوزي

هولاند بدا متقدما.. وأوبري دعت في نداء أخير لعدم الخضوع للاستطلاعات

ناخبة من اليسار تغادر مركز اقتراع في مرسيليا أمس (أ.ب)
TT

عاد الناخبون الاشتراكيون وحلفاؤهم من اليسار والخضر إلى صناديق الاقتراع مجددا أمس في الدورة الثانية والأخيرة من الانتخابات التمهيدية لتعيين المرشح الاشتراكي الذي سينافس الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي على قصر الإليزيه في الانتخابات الرئاسية الربيع المقبل.

واقتصرت جولة أمس على الفصل بين فرنسوا هولاند، الأمين العام السابق للحزب الاشتراكي الذي حل في المرتبة الأولى الأحد الماضي، ومارتين أوبري، الأمينة العامة الحالية للحزب والوزيرة السابقة التي جاءت في المرتبة الثانية. وما بين الجولتين، نجح هولاند في الحصول على دعم المرشحين الاشتراكيين الثلاثة الذين خاضوا الدورة الأولى والذين ستحسم أصواتهم النتيجة. وهؤلاء هم: أرنو مونتبورغ الذي يمثل التيار اليساري داخل الحزب، ومانويل فالس يمين الحزب، وأخيرا سيغولين رويال المرشحة الاشتراكية السابقة للرئاسة ورفيقة درب هولاند السابقة ووالدة أبنائه وبناته الأربعة.

من الناحية الحسابية المحضة، يفترض أن يتغلب هولاند على مارتين أوبري التي هي ابنة جاك ديلور، رئيس المفوضية الأوروبية السابق، بينما يوصف هولاند بأنه «الابن الروحي» لديلور، لأنه يتبنى خطه الاجتماعي والاقتصادي داخل الحزب الاشتراكي. وكان هولاند قد حصل في الدورة السابقة على نحو 40 في المائة من أصوات الـ2.6 مليون ناخب الذين شاركوا فيها متقدما بنحو عشر نقاط على أوبري. ولو افترضنا أن أصوات المرشحين الثلاثة الآخرين ستصب في صالح هولاند، فإن فوزه يبدو مؤكدا. وأفادت آخر استطلاعات للرأي أنه سيحصل على 53 في المائة من الأصوات، بينما ستحصل أوبري على 47 في المائة منها. وفي نداء أخير، دعت أوبري الناخبين للتصويت وفق ما يوحيه لهم «قلبهم وقناعاتهم»، مما يعني ضمنا عدم الخضوع لما تروج له استطلاعات الرأي.

وتجلت أوبري في الأيام الأخيرة من الحملة التمهيدية كمنافسة عنيدة ذات شخصية قوية وعزيمة لا تلين ولم تتردد في اتهام هولاند بأنه «مرشح طري العود» ويمثل «الاشتراكية الرخوة» في مواجهة يمين متشدد. كما اتهمته بأنه «متحول» لا يثبت على رأي ويسير مع التيار؛ لا بل إنه من «فبركة» النظام الإعلامي والسياسي لأنه «الخصم الأسهل» لساركوزي. وفي المقابل، عكست وزيرة العمل والشؤون الاجتماعية السابقة عن نفسها صورة للمرأة ذات الإرادة التي لا تلين والقناعات الراسخة، واضعة نفسها في خندق يسار الحزب، داعية لوضع حد لغطرسة البنوك والنظام المالي ولمزيد من العدالة الاجتماعية ولإعطاء المهاجرين الحق في المشاركة في الانتخابات المحلية. كذلك بينت في المبارزة التلفزيونية مع هولاند تمكنها من الملفات الأكثر تعقيدا، خصوصا الاقتصادية منها.

وتسود أوساط اليمين القناعة بأن أوبري يمكن أن تكون الطريدة الأسهل لساركوزي بسبب ماضيها الوزاري والتدابير التي أقرتها؛ ومنها خفض ساعات العمل الأسبوعية للقطاعين العام والخاص إلى 35 ساعة. لكن بشكل عام، لم تنضح الانتخابات التمهيدية عن وجود خلافات حقيقية بين المرشحين؛ بل إنها تتعلق بشخصية كل منهما. ودعا هولاند الناخبين مجددا أمس لإعطائه انتصارا لا غبار عليه لأن ذلك يعني تمكين المرشح الاشتراكي من إلحاق الهزيمة بمرشح اليمين.

وأفادت الأرقام التي كشفت عنها الهيئة المولجة بالانتخابات عن ارتفاع أعداد الناخبين استنادا إلى أرقام الذين انتخبوا حتى ظهر أمس. وتلافيا لأي نزاعات، فقد أقرت الهيئة قواعد صارمة لتعداد الأصوات وجمعها والإعلان عنها.

ورغم ما حصل في الأيام الأخيرة من مناوشات وتهجمات، فإن كل قادة الاشتراكيين عبروا عن استعدادهم للسير وراء المرشح الذي سيخرج منتصرا من صناديق الانتخاب. وفي المقابل، فإن أوساط اليمين التي انقسمت بين مؤيد للانتخابات التمهيدية كما أجراها الاشتراكيون، وآخرين ساعين لانتقادها والتقليل من قيمتها، فإنهم ينتظرون نهاية المنافسة الداخلية ليركزوا هجومهم على المرشح الفائز، بينما مرشحهم المنتظر (الرئيس ساركوزي) يعاني من انهيار شعبيته وتراجع الثقة به. لكن لا أحد حتى الآن في صفوف اليمين يجرؤ على التشكيك في ترشيحه أو الدعوة لفتح الباب أمام مرشحين آخرين تكون حظوظهم أكبر من حظوظ ساركوزي في هزيمة المرشح الاشتراكي.