حوادث عنف واعتقالات تخللت مسيرات «الغاضبين» في عواصم العالم

معلقون يتحدثون عن بروز حركة عالمية تنشط في 80 بلدا ولا تثق بالسياسات التقليدية

TT

اتخذت حركة «الغاضبين» المحتجين على تداعيات الأزمة المالية والنظام المالي العالمي، في نهاية الأسبوع، بعدا عالميا، إذ دفعت عشرات آلاف الأشخاص إلى الشارع في الكثير من دول العالم في مظاهرات تخللتها حوادث واعتقالات في روما ونيويورك، كما أقام المئات مخيمات في وسط لندن وفرانكفورت وأمستردام. وأمضى نحو 500 شخص ليلتهم أمام كاتدرائية سانت بول في حي المال في لندن، حيث نصبت نحو 70 خيمة. كما أقام نحو 200 شخص في خيام أمام مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت، وشوهدت 50 خيمة أمام مبنى البورصة في أمستردام.

وفي الإجمال، أقيمت مسيرات في 951 مدينة في 80 بلدا في أنحاء العالم أول من أمس في امتداد لحركة ولدت في 15 مايو (أيار) الماضي بمظاهرة في ساحة بورتا ديل سول في مدريد من مجموعة أطلق عليها اسم مجموعة «الغاضبين». وجرت معظم هذه المسيرات بسلام، ولكن في روما أشعل آلاف المحتجين الذين يقيمون في عشرات الخيام النار في عدد من السيارات وحطموا عددا من البنوك وألقوا بالحجارة على شرطة مكافحة الشغب التي ردت بإطلاق الغاز المسيل للدموع وإطلاق خراطيم المياه. وأصيب نحو 70 شخصا بجروح بينهم ثلاثة في حالة خطرة، كما تم اعتقال 12 شخصا. كما وقعت اشتباكات في نيويورك، حيث تجري حركة «احتلوا وول ستريت»، وجرى اعتقال 88 شخصا. وقالت صحيفة «الباييس» الإسبانية إن «حركة الغاضبين تظهر مرة أخرى بقوة عالمية»، مضيفة أن «هذه هي المرة الأولى التي تتمكن فيها حركة شعبية من تنظيم هذا العدد الكبير من المسيرات في هذا العدد الكبير من الأماكن المختلفة والبعيدة وبطريقة منسقة». وفي إيطاليا قالت صحيفة «لاستامبا»، إن «العالم يخرج إلى الشوارع متحدا وسلميا ومنوعا». أما إيغينيو سكالفاري، الكاتب في صحيفة «ريبابليكا» الإيطالية، فكتب يقول إن «الحقيقة هو أنه توجد الآن حركة عالمية. وكانت مقدمتها الربيع العربي». وأضاف أن هذه الحركة «تعبر عن غضب جيل ليس له مستقبل ولا يثق بالسياسات التقليدية، ولكن الأهم من ذلك أنه يعتبر جميع المؤسسات المالية مسؤولة عن الأزمة وتتربح من تضرر المصلحة العامة».

وكانت أكبر المسيرات في لشبونة ومدريد وروما، حيث خرج عشرات الآلاف. كما خرج الآلاف في واشنطن ونيويورك. وقالت كارمن مارتن أثناء سيرها باتجاه ساحة بورتا ديل سول: «أعتقد أنه من الرائع أن تكون هذه الحركة ولدت هنا وامتدت إلى أنحاء العالم. لقد حان الوقت لينتفض الناس». كذلك، قالت صحيفة «بوبليكو» إنه «في البرتغال كما في باقي أنحاء العالم فإن مسيرات يوم 15 أكتوبر (تشرين الأول) اندمجت مع الأجندة المحلية».

وفي لندن اندلعت شجارات بعد أن تجمع عدة آلاف من الأشخاص في حي المال والأعمال بالقرب من كاتدرائية سانت بول رافعين لافتات كتب عليها «ردوا الصفعة» و«لا للتخفيضات» و«غولدمان ساكس هو من عمل الشيطان». وانضم مؤسس موقع «ويكيليكس» جوليان أسانج إلى المسيرة، وقال للمتظاهرين إنه يدعمهم «لأن النظام المصرفي في لندن يتلقى أموالا فاسدة».

وفي واشنطن قال مارتن لوثر كينغ جونيور ابن المدافع عن الحقوق المدنية الشهير، أمام المجتمعين في ساحة «ناشونال مول» إن والده كان سيفخر بهم لو رآهم. وجرت مظاهرات كبرى كذلك عند مؤسسات الاتحاد الأوروبي في بروكسل وفرانكفورت، وكذلك في أثينا، حيث أثار الخفض المؤلم للميزانية التي فرضتها الجهات المقرضة مقابل صفقة لإنقاذ اليونان، موجة واسعة من الغضب.

وفي روما التي شهدت أعنف أعمال العنف، تحولت المسيرة بسرعة إلى معارك في الشوارع بين جماعات من المتظاهرين الذين يرتدون الأقنعة وشرطة مكافحة الشغب التي أجبرت المتظاهرين السلميين على الفرار وأيديهم مرفوعة في الهواء. وقال المتظاهر أندري مورارو (24 عاما)، والذي يدرس الهندسة في بادوا: «اليوم هو مجرد البداية. ونأمل في أن نتحرك إلى الأمام مع الحركة العالمية. ويوجد الكثير منا وجميعنا نريد الشيء ذاته». وفي كندا قام أكثر من عشرة آلاف شخص بنفخ الفقاعات والعزف على الغيتار وإطلاق الهتافات المناهضة للشركات في مظاهرات سلمية في مدن في أنحاء البلاد. وقالت أنابيل تشابا (30 عاما)، وهي تجر ابنها البالغ من العمر عاما واحدا في عربة في تورونتو «أعتقد أن الثورة اندلعت».

وتلقى المتظاهرون دعما غير متوقع من حاكم البنك المركزي الإيطالي ماريو دراغي، المدير التنفيذي السابق في بنك غولدمان ساكس البريطاني العملاق في لندن والمتوقع أن يتولى رئاسة البنك المركزي الأوروبي الشهر المقبل. وقال دراغي في اجتماع لمجموعة العشرين في باريس أول من أمس: «إنهم غاضبون على عالم المال. أنا أفهمهم»، معربا عن أسفه عن الأنباء بوقوع أعمال عنف. وفي العاصمة البرتغالية، حيث خرج نحو 50 ألف شخص في مظاهرات، قال ماثيو ريغو (25 عاما): «نحن ضحايا المضاربات المالية، وبرامج التقشف ستدمرنا. علينا أن نغير هذا النظام المتعفن». وجرت مظاهرات أصغر وأكثر سلمية في أمستردام وجنيف وميامي ومونتينيغرو وباريس وسراييفو وصربيا وفيينا وزيوريخ، حيث هتف المتظاهرون بشعارات معادية للرأسمالية وارتدوا أقنعة ساخرة. وفي المكسيك والبيرو وتشيلي خرج الآلاف في مظاهرات احتجاجا على ما وصفوه بأنه نظام مالي غير نزيه وبطالة مرتفعة.

وفي آسيا، تظاهر المئات في هونغ كونغ وطوكيو وأعربوا عن غضبهم من حادث مفاعل فوكوشيما الياباني. كما أقام المئات مخيما أمام البنك المركزي الأسترالي في مدينة سيدني.