اليوم ينطلق موكب الأسرى المحررين في صفقة «الوفاء للأحرار»

الجيش الإسرائيلي يغلق كل المناطق التي سيمر عبرها

سيدة فلسطينية تمسك بصورة أحد أقربائها الأسير لدى إسرائيل خلال مظاهرة نسائية احتجاجية غاضبة لعدم شمول صفقة التبادل أقرباءهن (إ.ب.أ)
TT

في خطوة مفاجئة وغير مسبوقة، أعلن الجيش الإسرائيلي عن المناطق التي سيمر فيها موكب الأسرى الفلسطينيين المحررين اليوم، مناطق عسكرية مغلقة لمنع معارضين يهود للصفقة من تنفيذ اعتداءات عليهم. ووضع قوة كوماندوز التدخل السريع لمرافقة القوافل في تحركها نحو الحرية.

وقال الجنرال طال روسو، قائد منطقة الجنوب في الجيش الإسرائيلي، إن الأمر ينطبق على مناطق سجن «كتسيعوت» وكل المعابر مع قطاع غزة وسيناء المصرية، مثل «كرم أبو سالم» و«نيتسانا» و«بيت حانون»، والشوارع الواصلة إليها، وبحسب الأمر، سيمنع دخول أي شخص من دون تصريح إذا لم يكن من ضمن سكان المنطقة. ويسري أمر الإغلاق أيضا على ممثلي وسائل الإعلام، وذلك بهدف ضمان عدم نشر صور للجندي جلعاد شاليط إلى حين يلتقي بعائلته. كما علم أنه سيتم نزع الأجهزة الجوالة من الجنود الإسرائيليين الذين يقومون بحراسة هذه المحاور، لضمان عدم تصوير شاليط سوى من قبل وحدة الناطق بلسان الجيش ومكتب الصحافة الحكومي.

وحسب آخر الترتيبات المقررة، فإن عملية تبادل الأسرى تتم ابتداء من ساعات الصباح الأولى، حيث يتم تركيز الأسرى الفلسطينيين في حافلات بالقرب من سجني «كتسيعوت» في الجنوب، و«هداريم» جنوب نتانيا، ونقلهم إلى «عوفر»، قرب رام الله، وإلى أحد المعابر الحدودية في منطقة قطاع غزة، بحيث ينتظرون في الحافلات إعلان ساعة الصفر.

أما بالنسبة للأسرى من فلسطينيي 48، فسيتم نقلهم إلى سجن مجدو ليتسلمهم ذووهم من هناك، وبينهم أسير من سكان الجولان السوري المحتل، هو وسام عماشة. وبشكل مواز، بحسب التقارير الإسرائيلية، يتم نقل الجندي الإسرائيلي شاليط من قطاع غزة إلى الأراضي المصرية عن طريق معبر رفح، وعندها يصدر الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي بيانا بوصوله، والذي سيكون بمثابة التأكيد الأول على أن شاليط على قيد الحياة. وبعد وصول شاليط إلى الأراضي المصرية، فإن المجموعة الأولى من الأسرى الفلسطينيين سوف تدخل الأراضي المصرية، ومن هناك يتوجهون إلى قطاع غزة عن طريق معبر رفح. في هذه الأثناء، وبعد مكوث لمدة 15 - 20 دقيقة في مصر، سيتم نقل شاليط إلى إسرائيل، وعندها يصدر الناطق بلسان الجيش بيانا ثانيا يؤكد وصوله.

وبعد إصدار البيان، فإن مجموعة الأسرى قرب «عوفر» تدخل إلى مناطق السلطة الفلسطينية عن طريق معبر بيتونيا. وفي الوقت نفسه يتم نقل شاليط إلى إحدى القواعد العسكرية التابعة للجيش الإسرائيلي في الجنوب، وسيتم إغلاق المجال الجوي في المنطقة، كما سيعلن عنها منطقة عسكرية مغلقة. وعندها يصدر الناطق بلسان الجيش بيانا بشأن وضع شاليط. وبحسب التقارير الإسرائيلية سيتم إجراء فحوصات طبية لشاليط من قبل سلاح الطب. وسيكون أول من يلتقيه من الإسرائيليين ضابط من الاختصاصيين النفسيين، ثم يتاح له أن يستحم ويرتدي الزي العسكري في حال كانت تسمح حالته الصحية بذلك. بعد ذلك يتم نقل شاليط بمروحية عسكرية إلى القاعة العسكرية «تل نوف» حيث يلتقي عائلته للمرة الأولى، ويتم استقباله من قبل رئيس الحكومة ووزير الأمن ورئيس هيئة أركان الجيش. ومن المتوقع أن يصل منزله في مستوطنة «كفار هيلاه» في الشمال في ساعات بعد الظهر. وهناك أيضا ستغلق الشرطة المنطقة، لمنع الصحافيين من التهافت على شاليط وأفراد عائلته.

وكانت المحكمة العليا قد أجرت بحثا، أمس، في ثلاث دعاوى مقدمة إليها لإلغاء صفقة شاليط، أو تأجيل تنفيذها على الأقل. وقد شهدت المحكمة صدامات حادة وتراشق كلامي، وحتى اشتباكات خفيفة بين المؤيدين والمعارضين للصفقة. وقامت النيابة بتجنيد عائلات ثكلى تؤيد الصفقة ووضعت عائلة شاليط في جبهة الدفاع الأولى عن الصفقة، وبالمقابل جند المعارضون جنرالات سابقين في الجيش وعائلات ثكلى وخبراء. وحاول كل طرف إسماع المحكمة أكبر عدد من الخطابات، لدرجة جعلت رئيسة المحكمة تعلن: «تذكروا أنكم في محكمة وليس في مهرجان خطابي».

وحاولت رئيسة المحكمة، دوريت بنيش، الضغط على النيابة بأن تؤجل تنفيذ الصفقة بضعة أيام، حتى يتاح لها اتخاذ قرار معمق. ولكن ممثل النيابة قال إن تأجيل الصفقة يهدد بعرقلتها، وربما بإلغائها والإبقاء على شاليط في أسر حماس في ظروف ضبابية خطيرة، وقد يهدد بنسف الصفقة تماما. ولذلك رفض تماما التأجيل. فقررت المحكمة إعطاء قرارها في ساعة متأخرة من المساء.

من جهته، حاول نتنياهو التخفيف من غضب العائلات التي فقدت أبناءها وبناتها في عمليات نفذها الأسرى المحررون، فبعث برسالة شخصية إلى كل عائلة كهذه، كتب فيها: «أيها أبناء العائلات العزيزة، إنني أوجه إليكم هذه الرسالة بقلب مثقل بالحزن حيث إنني أتفهم آلامكم وأشاطركم إياها. إنني أنتمي شخصيا إلى (أسرة الثكل) للعائلات المتضررة التي سقط أبناؤها بفعل العمليات الإرهابية، إذ كان شقيقي قد سقط في عملية تحرير الرهائن (على متن طائرة الخطوط الجوية الفرنسية عام 1976) في عنتيبي. أعلم بأن مشاعر صعبة تنتابكم وأن جراح الثكل باتت تنزف مجددا في هذه الأيام وأن الأفكار تستبد بكم دون انقطاع. وقد راودتني الأفكار عنكم طيلة فترة التخبط التي رافقتني خلال المفاوضات التي أفضت إلى الاتفاق على إعادة الجندي الأسير جلعاد شاليط. وكان القرار بشأن إنجاز صفقة التبادل للإفراج عن جلعاد شاليط من أصعب القرارات التي اتخذتها، وذلك لنفس السبب الذي جعل القرار صعبا بالنسبة لكم أيضا. وقد وضعتُ نصب عيني عند اتخاذ قرار استعادة جلعاد شاليط، ذلك الالتزام الذي يجب على رئيس وزراء إسرائيل التقيد به باستعادة جندي كانت الدولة قد كلفته بمهمة حماية مواطنيها. وكنت شخصيا أعي دوما، لدى خروجي للقتال بتكليف من دولة إسرائيل، حقيقة مفادها بأن إسرائيل لن تهمل أبدا جنودها ومدنييها. وعلى الرغم من الرغبة الشديدة في استعادة الجندي الأسير إلى البلاد فقد وضعتُ نصب عينيّ أيضا الهدف المتمثل بتقليص الثمن الشديد الذي طولِبت دولة إسرائيل بدفعه عند اختطاف جلعاد قبل أكثر من 5 سنوات، ما أمكن ذلك. غير أنني على علم بأن الثمن الذي تم دفعه ضمن صفقة التبادل لهو ثمن كبير للغاية بالنسبة لكم».