أسير فلسطيني تحرر وبقيت شريكته اليهودية في السجن

أنكرت إسرائيل وجوده واليوم تطلق سراحه

TT

وراء كواليس صفقة شاليط، تبرز قصص فردية كثيرة يختلط فيها الحزن بالفرحة والأمل بخيبة الأمل.. وفي غمرة الاهتمام العالمي الكثيف بهذه الصفقة، يحاول أبطال هذه القصص احتلال حيز، ولو بسيطا، لإلقاء الضوء على قضيتهم.

ومن أبرز هذه القصص: زيد الكيلاني، وهو شاب فلسطيني بُترت ساقاه، اعتقل في مارس (آذار) 2001، عندما فجر عبوة ناسفة قرب سيارة إسرائيلية في مفترق «مي عامي» جنوب مدينة أم الفحم. الانفجار أدى إلى قتل شاب يهودي وإصابة الكيلاني نفسه بجراح قاسية، فاعتقل جريحا، وبعد معالجته في مستشفى إسرائيلي حكم عليه بالسجن المؤبد و40 سنة إضافية. وقد اعترف خلال التحقيق بأن له شريكة يهودية، عرفت بقصته وبرامجه، وهي التي أوصلته بسيارتها إلى مكان تنفيذ هذه العملية، وأنها ساعدته أيضا في محاولتين فاشلتين لقتل ضابط جيش في سوق تل أبيب، وتفجير عبوة على شاطئ المدينة. وقد اعتقلت الشابة (18 عاما في حينه) وتدعى أنجليكا يوسوبوف، وهي من مدينة حولون جنوب يافا، وحكم عليها بالسجن 18 عاما.

اليوم يطلق سراح الكيلاني، لكن شريكته اليهودية ستبقى في السجن. وقد رفضت عائلتها التعليق على هذا الوضع، لكن محاميها أدلى ببيان يستهجن فيه عدم تحريرها. ويقول: «كانت هذه فتاة صغيرة وساذجة لدى اعتقالها، صديقها العربي استعبدها وأجبرها على مساعدته، تزوج عليها وضربها وأهانها ودب الخوف في نفسها. واليوم هو يخرج إلى الحرية وهي تبقى قابعة في السجن».

أما يغئال كناف، شقيق الشاب اليهودي الذي قتل في العملية، فيقول: «كأنني في جنازة ثانية لأخي، لكن الحقيقة أن مشاعري مختلطة؛ فبقدر ما أنا غاضب على رؤية قاتل أخي حرا، أنا سعيد لأن المدعوة أنجليكا ستبقى في السجن وسيسبب لها إطلاق الكيلاني الأسى؛ فهي خائنة لشعبها ويجب أن ترى أن من ساعدته ضد شعبها حر وهي باقية في السجن، لا أحد يهتم بها».

محاوش القاضي، يعتبر أحد قادة الجناح العسكري لحركة حماس في رفح، وعمل مسؤولا إعلاميا في شرطة المدينة. إسرائيل تتهمه بالمشاركة في أسر الجندي غلعاد شاليط. قبل 4 سنوات، اختطفته إسرائيل من رفح، في واحدة من عملياتها السرية الكثيرة الهادفة إلى معرفة مكان أسر شاليط حتى تحاول تحريره بعملية عسكرية. وقد قامت باختطافه فرقة مستعربين من الجيش الإسرائيلي دخلت رفح متخفية بلباس شرطة غزة، في سبتمبر (أيلول) 2007، وكمنت له في طريق عودته إلى بيته بسيارته. وبعد الانتهاء من التحقيق معه حكم عليه بالسجن لمدة 11 عاما. لكن إسرائيل لم تعترف في حينه بخطفه. وحتى الأيام الأخيرة، أنكرت المصادر الرسمية الإسرائيلية وجوده في سجونها، وفجأة ظهر اسمه في قائمة الأسرى المحررين.

الأسير كريم يونس هو من قدماء الأسرى الفلسطينيين الذين يحملون الهوية والجنسية الإسرائيليتين (فلسطينيي 48)، أصدر بيانا غاضبا من أسره بواسطة محاميه، إلياس صباغ، جاء فيه: «إنني أتوجه بالتحية والتقدير والتهنئة الحارة إلى الإخوة ورفاق القيد والمسيرة والكفاح والنضال الطويل بمناسبة الإفراج عنهم وتحريرهم في إطار صفقة تبادل الأسرى، وأهنئ شعبنا بهذه المناسبة، مؤكدا أهمية هذا الإنجاز الوطني. وتوضيحا للحقيقة أؤكد ما يلي:

أولا: تم اعتقالي قبل ما يقارب 30 عاما على خلفية اختطاف جندي من أجل تحرير الأسرى، وقد وقعت عمليات تبادل كثيرة، منها صفقة أحمد جبريل عام 1985، ورفضت إسرائيل الإفراج عني وأنزلتني من الحافلة في اللحظات الأخيرة قبل الإفراج، كما تمت عمليات إفراج بعد أوسلو استثنت أسرى الـ48 والقدس والمؤبدات.

ثانيا: فوجئت وصدمت مثل ما يزيد على 100 من الأسرى القدامى، بأن أسماءنا غير مشمولة في صفقة التبادل الحالية.

ثالثا: من موقعي القيادي أؤكد أن هذه الصفقة بتفاصيلها التي أعلن عنها، لم تعرض على قيادة الحركة الأسيرة ولم تعرف تفاصيلها ولم نسمع عنها إلا من خلال وسائل الإعلام، بما في ذلك قادة حركة حماس في السجون.

رابعا: لقد لاحظت، بعد الاطلاع على القائمة، أن الصفقة فئوية بامتياز ولم تأخذ بعين الاعتبار كما فعلت عمليات التبادل السابقة شمولية الطيف الوطني. ومن الواضح أن هنالك ظلما فادحا وغيابا للإنصاف والنزاهة تجاه أسرى حركة فتح وأنا واحد منهم؛ حيث إن الصفقة شملت 43 أسيرا من فتح فقط، وقسم رئيسي منهم وضعتهم لجان المقاومة الشعبية، علما بأن أسرى حركة فتح يشكلون 60% من الأسرى ويزيد عددهم على 2500 أسير.

خامسا: لقد اتضح لي أن ما يزيد على 120 أسيرا من القدامى لم يتم الإفراج عنهم مثل: كريم يونس، أمضى 30 عاما، عيسى عبد ربه، أمضى 28 عاما، محمد الطوس، أمضى 26 عاما، عثمان بني حسن، أمضى 25 عاما، هزاع السعدي، أمضى 25 عاما، خالد الأزرق، أمضى 25 عاما، وعشرات غيرهم.

سادسا: لقد تم الإفراج عن أكثر من 52 أسيرا شملتهم هذه الصفقة، ولم يتبق لفترة محكوميتهم سوى بضع سنوات، بل إن بعضهم بقي له أقل من سنة واحدة، إضافة إلى ذلك هناك ما يزيد على 100 أسير من الأسرى الجدد تم الإفراج عنهم، في حين تمت إدارة الظهر لأكثر من 100 أسير من القدامى بسبب انتمائهم لحركة فتح.

سابعا: لقد تحدثت شخصيا، وبشكل مباشر، مع قيادة حركة حماس وعلى أعلى المستويات، وقطعوا الوعود والعهود بألا يبقى أسير قضى أكثر من 20 عاما، كما أن جميع الأسرى القدامى من مناطق 48 سيطلق سراحهم، وهذا لم يتحقق.

ثامنا: إن التخلي عن الرموز والقيادات الوطنية، وعلى رأسهم القائد المناضل مروان البرغوثي وكذلك الأخ القائد أحمد سعدات، هو رضوخ للإملاءات الإسرائيلية.

تاسعا: أتوجه إلى القيادة الفلسطينية وللرئيس أبو مازن، الذين يتحملون المسؤولية عن معاناة وعذابات الأسرى المستمرة منذ عشرات السنين، وأعتبر ذلك جريمة بحق المناضلين وبحق شعبهم. وإنني أدعوهم إلى مراجعة موقفهم المتجاهل لقضية الأسرى، الذين قفزوا فيها وساوموا عليها وأهملوها.

وأدعو إلى ما يلي:

أ‌- إضافة قضية الأسرى والإفراج عنهم في إطار جدول زمني لا يزيد على سنة واحدة كشرط لاستئناف المفاوضات يضاف إلى شرط مرجعية 67 ووقف الاستيطان.

ب‌- العمل فورا على الإفراج عن 2000 أسير يكون في مقدمتهم الأسرى قبل عام 2000، إضافة إلى القادة والرموز الوطنية الذين رفضت إسرائيل الإفراج عنهم وعلى رأسهم القائد المناضل مروان البرغوثي.

ج- أدعو شعبنا الفلسطيني إلى تنظيم المسيرات والاعتصامات للتضامن مع الأسرى والاحتجاج على موقف قيادة الفصائل الفلسطينية تجاه الأسرى».