زيباري: بيان الجامعة العربية بشأن سوريا فرصة للحل.. ورفضها قد يخرج القضية عن نطاق السيطرة

وزير الخارجية العراقي لـ«الشرق الأوسط»: طلبنا معلومات من طهران حول محاولة اغتيال السفير السعودي.. لكنها رفضت

TT

كشف وزير الخارجية العراقي، هوشيار زيباري، عن تفاصيل ما دار في الاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب الليلة قبل الماضية، حول الأزمة السورية، وقال: «الجميع بلا استثناء حاول إعطاء دمشق فرصة الحل من خلال المبادرة العربية، ولكن سوريا ترفض هذه المبادرة وتعتبرها تدخلا في شؤونها الداخلية».

وأكد زيباري في حوار خاص لـ«الشرق الأوسط» أن الدول العربية ترفض فرض عقوبات على سوريا والتدخل الخارجي وتجميد عضوية دمشق في الجامعة العربية، ومع إعطاء الفرصة للمبادرة العربية التي تعد الحائط الأساسي لمنع التدخلات، وقال: «إذا رفضت دمشق فرصة الحل العربي فسوف تخرج القضية عن نطاق السيطرة».

وكشف زيباري عن تدخل بلاده لتحسين الأجواء بين السعودية وإيران بعد المحاولة الإيرانية لاغتيال السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير، وقال: «حاولنا التدخل لدى إيران ولكننا لم ننجح»، معربا عن توقعه بتمسك واشنطن بموقفها من التصعيد ضد إيران.

وفي ما يلي نص الحوار..

* يتوقع البعض عدم تجاوب الرئيس السوري، بشار الأسد، مع قرارات مجلس الجامعة العربية، كما يرون أن الوقت قد تجاوز الحل الدبلوماسي في سوريا في ظل رفض المعارضة للحوار واستمرار العنف من قبل النظام.. في تقديركم هل ترون أن بيان الجامعة العربية قادر على معالجة الأزمة؟

- عقد وزراء الخارجية العرب مشاورات قبل الاجتماع الرسمي، وكان الهدف منها تفعيل الموقف العربي وتقديم الحلول والمبادرات لوضع الحل المناسب لما يحدث في سوريا، وأنه لا يجوز أن يتحدث كل العالم عن الأوضاع الإنسانية المأساوية والأمنية الصعبة، وتظل الجامعة العربية بلا موقف، حيث طرح في هذا الاجتماع قائمة طويلة من المطالب والمقترحات، ولكن نحن والآخرون رفضنا 3 قضايا؛ الأولى: لا للتدخل الخارجي. والثانية: لا لتجميد عضوية سوريا، لأن تلك الخطوة لا تخدم المساعي الدبلوماسية، كما أن سوريا دولة مؤسسة في الجامعة ومحورية في المنطقة. والقضية الثالثة هي أنه لا لفرض أي عقوبات على سوريا، وهذا كان هو الموقف العراقي أيضا، وتحدثنا عن أهمية تفعيل المبادرة العربية، وإعطائها فرصة أخرى، خصوصا أن الأحداث تتسارع.. ومن هذا المنطلق اتفقنا على أن ما نطرحه يكون له جدية ومصداقية، خصوصا أن الشعوب العربية والرأي العام العربي لن يقبل أن يصدر عن الجامعة العربية بيان مطاطي، وأستطيع القول بكل أمانة إن كل وزراء الخارجية كانوا حريصين على أمن ووحدة سوريا وتجاوزها لهذه الأزمة أو المحنة، ولكن المنطلق هو المطالبة بالوقف الفوري للقتال.

* باعتبار أن هذا الإجراء يؤدي إلى الوقف الفوري لأي تدخل خارجي أو إجهاض أي مؤامرة ضد سوريا؟

- بالتأكيد وقف القتال يمنع التدخل، وقد جرى حوار بين وزراء الخارجية حول مسألة الاقتتال ومن يقوم به في سوريا، وعلى أي حال المبدأ هو الوقف الفوري للقتال، كما تحدثنا أيضا عن أهمية لجنة وزارية عربية للمتابعة وأيضا محاولة لإجراء حوار وطني حقيقي بين معارضي الداخل والخارج والحكومة السورية، واقترحنا أن يكون هذا الحوار في مقر الجامعة العربية باعتبارها بيت العرب وهيئة محايدة ليس لديها مصلحة، كما أننا نحرص على الحكومة السورية والشعب السوري معا، وذكرنا بأنه كانت هناك تجربة للعراق جرت في السابق بالنسبة للحوار الوطني الذي استضافته الجامعة العربية وكانت نتائجه إيجابية، وذكرنا أيضا أن العديد من الحوارات تحققت خارج البلد المعني، مثل اتفاق الدوحة للبنان تم خارجه أيضا، واتفاق الطائف كذلك والفاشر حول السودان وهكذا، وبالتالي فإن فكرة إجراء حوار وطني داخل سوريا لسوريا فكرة صعبة التنفيذ في الوقت الراهن، لأن هناك أطرافا أو قوى ربما تكون مشاركتها غير مضمونة، وعليه أعطيت هذه المهمة للأمين العام للجامعة العربية لإجراء اتصالات وتحقيق انعقاد الحوار في غضون أسبوعين من صدور القرار، والنقطة الأخرى في بيان الجامعة الذي صدر أن هناك فرصة ونتوقع من الجانب السوري أن يستجيب لها، وإذا لم يحدث آنذاك فسوف نفكر في إجراءات أخرى.

* وما هي تلك الإجراءات الأخرى؟

- طرحت مجموعة من الإجراءات التي رفضناها مثل تجميد العضوية والتدخل الخارجي وفرض العقوبات، ومن ثم سوف تبحث الدول في بدائل أخرى تساعد على استقرار سوريا ووحدتها دون استخدام البدائل الـ3 التي نرفضها، ونرى أن ما طرح في الاجتماع الطارئ مفيد ويخدم سوريا والمعارضة، وإذا لم يتحقق فسوف تخرج الأمور عن نطاق السيطرة، وهذا الرأي طرح على الوفد السوري بكل وضوح وصراحة لأن الضغوط الأميركية والغربية تتزايد على سوريا، وبالتالي طرحنا مبادرة لتكون فرصة أمام سوريا لتجاوز هذه الضغوط، لكن الموقف السوري كان واضحا، فهو رفض وتحفظ على بيان الجامعة ورفض حتى فكرة المبادرة العربية.

* هل تعتبر دمشق أن المبادرة العربية تدخلا في شؤونها الداخلية؟

- نعم سوريا تعتبر المبادرة العربية تدخلا في شؤونها، وقد أعطي الوفد السوري كامل الحرية في إبداء موقفه، وأرى أن الاجتماع الوزاري كان جيدا وبناء سواء الرسمي أو التشاوري.

* هل تطرق الوزراء لمناقشة قضايا أخرى مثل الملف الإيراني؟

- لا.. كانت المناقشات حول سوريا فقط.

* ألا ترى أن الوضع خطير جدا في سوريا والمنطقة، وأن ما أصدره وزراء الخارجية العرب قد تجاوزته الأحداث؟

- بالتأكيد الوضع يزداد تعقيدا يوما بعد يوم في ظل استمرار المزيد من سفك الدماء واستخدام العنف والمواجهات اليومية، وهذا كله يحدث لدينا قلقا حول ما ستؤول إليه هذه الأحداث.

*هل يمكن للعراق التدخل لدى إيران لوقف التصعيد الذي تقوم به حاليا ضد السعودية ومنطقة الخليج من منطلق العلاقات المميزة بين طهران وبغداد؟

- حاليا لا أرى أي آفاق لدور كهذا، وقد حاولنا بالفعل في هذا المجال ولم ننجح لأسباب عديدة، لا أريد الخوض فيها، لكن هناك بالتأكيد تصعيد وتوتر بين إيران والولايات المتحدة، خصوصا على خلفية المعلومات الأخيرة حول محاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن، ونحن نتابع هذا الموضوع حقيقة ونطالب بمعلومات، ولكن الجانب الإيراني يرفض إعطاء أي معلومات، والأمر الثاني هو اتهام بالنية على الإقدام على شيء آخر، وأقصد لم تحدث جريمة فعلية، وأرى أن هذا الموضوع معقد وجانب كبير منه أمني ومعلومات استخبارية قابلة للتشكيك هنا وهناك، ولكن الطرف الأميركي متمسك بموقفه في هذا الأمر.

* لكن هذا الموضوع يؤدي إلى تداعيات على العراق وكل دول المنطقة؟

- بالتأكيد له تداعيات علينا لأننا في وجه العاصفة.

* بماذا نصحتم إيران؟

- حقيقة لم نجر مباحثات مباشرة معهم حول هذا الموضوع، ولكن تحدثنا مع الجانب الأميركي في هذا الموضوع وأبدينا رأينا وطرحنا عدة أسئلة في هذا الشأن، وما زال الأمر في بدايته وليس لدينا موقف محدد باستثناء ما أعلنته الجامعة العربية خلال اجتماع مجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين بشأن ما حدث، وفي تقديري سوف يتفاعل هذا الأمر.

* ماذا عن زيارة الدكتور نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية إلى العراق؟

- التقيت مع الأمين العام لترتيب هذه الزيارة المتوقعة للتشاور والتواصل مع الحكومة والقيادات العراقية، خصوصا في ما يتعلق بمسألة عقد القمة العربية القادمة، وأمامنا أشهر معدودة للبت في هذا الموضوع، ولذلك فالزيارة قائمة وسوف تتم خلال فترة قريبة.