بان كي مون يدعو الأسد إلى وقف القتل «قبل فوات الأوان»

واشنطن تشكك في استماع دمشق لدعوة الجامعة العربية.. وباريس: لا نثق بوعود الرئيس السوري

صورة مأخوذة من مواقع معارضة سورية لمتظاهرين يرفعون لافتة ينتقدون فيها المهلة التي منحتها الجامعة العربية للنظام لإجراء إصلاحات عاجلة أمس
TT

كرر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس دعوته إلى الرئيس السوري بشار الأسد بوقف عمليات قتل المدنيين فورا والقبول بتحقيق دولي حول انتهاكات حقوق الإنسان. وقال بان في تصريحات من برن: «تتواصل عمليات قتل المدنيين. يجب أن تتوقف فورا». وحمل أمين عام الأمم المتحدة الرئيس السوري المسؤولية المباشرة لعمليات القتل، قائلا: «لقد قلت للأسد توقف قبل أن يفوت الأوان»، مشيرا إلى أن ثلاثة آلاف شخص قتلوا في حملة القمع التي يشنها النظام السوري. وجاء ذلك في وقت شككت فيه الإدارة الأميركية في قدرة الأسد على الاستجابة للمطالب الدولية وخاصة مطالب الجامعة العربية بالكف عن القتل وخوض حوار جدي مع المعارضة. وعبرت باريس عن الشكوك نفسها، حيث قالت وزارة الخارجية الفرنسية إنها «لا تثق» في وعود الأسد.

ومن برن، عبر بان عن استنكاره للقتل المتواصل في سوريا، قائلا: «من غير المقبول أن يقتل 3000 شخص»، مضيفا: «الأمم المتحدة تدعوه مرة أخرى إلى القيام بتحرك عاجل». ودعا الأمين العام الأسد كذلك إلى القبول بإجراء تحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان بعد أن أفاد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بأن 3 آلاف سوري قتل حتى الآن. وأمر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في أبريل (نسيان) بإجراء تحقيق في الوضع في سوريا، إلا أن دمشق منعت المحققين من دخول البلاد. وفي جلسة طارئة في أغسطس (آب) الماضي طالب المجلس بإجراء تحقيق آخر. وفي نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي قال رئيس فريق التحقيق إن فريقه يأمل في السماح له بزيارة سوريا رغم أنه لم يدخل بعد في اتصال مع السلطات السورية.

وقد تحدث بان مرات عدة مع الرئيس السوري وكرر هذه الدعوة خلال الأسابيع الماضية، لكن من دون جدوى. وقال بان كي مون الشهر الماضي إن بشار الأسد «لم يف بالوعود التي قطعها» في تنفيذ الإصلاح، مما يثير تساؤلات حول دعوة بان مجددا للأسد بالكف عن الحملة العسكرية ضد المعارضين السوريين.

وبينما اتصل بان مباشرة مع الأسد وأجرى اتصالات هاتفية عدة معه، كان الرئيس السوري قد رفض اتصالين من الأمين العام للأمم المتحدة هذا الربيع، لكن بعد ذلك تحدث القائدان. وقال ناطق باسم بان لـ«الشرق الأوسط» إن «الأمين العام كان واضحا وقال تكرارا بأنه من الضروري أن توقف الحكومة السورية العنف وأن تدخل في حوار» مع المعارضة. وأضاف أن بان تحدث مرات عدة مع الأسد وأنه قد يتحدث إليه مرة أخرى ولكن لم يوجد هناك موعد محدد لذلك، لافتا إلى أن «الأمين العام دائما يبحث عن ما يمكنه القيام به للمساعدة، لا توجد خطط محددة الآن للخطوات المقبلة ولكنه يراجع الأمر الآن». ويجد بان كي مون نفسه أمام مطالب متزايدة باتخاذ موقف أكثر حزما حول ما يحدث في سوريا مع غياب اتفاق في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على إصدار أي قرارات أو مواقف متحدة، مع المعارضة الروسية والصينية للتدخل في الشأن السوري. وقال الناطق إن «على المجتمع الدولي أن يتحدث بصوت واضح حول سوريا»، لكن حتى الآن من غير المتوقع حدوث ذلك.

ومع استمرار الأحداث في سوريا، تزداد المطالب للحكومة السورية بالكف عن الهجمات العسكرية وتهدئة الأوضاع. ورحب مسؤول من الخارجية الأميركية في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» باجتماع جامعة الدول العربية حول سوريا ومطالبتها بفتح حوار مع المعارضة، لكنه شكك في أن تتوصل هذه الجهود إلى نتيجة ملموسة. وخرج اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب أول من أمس بدعوة إلى عقد «مؤتمر حوار وطني» في القاهرة خلال 15 يوما يشارك فيه ممثلون عن الحكم السوري وعن المعارضة.

وقال المسؤول الأميركي: «تلعب الجامعة العربية دورا فعالا ونحن نقدر الدعوة المتجددة إلى النظام السوري، لكن لا نؤمن بأن الحكومة السورية ستغير من النهج الذي تتبعه». وأضاف: «لقد أوضحت جامعة الدول العربية أن اجتماع (أول من أمس) جزء من جهود متواصلة وهذا دور بناء وإيجابي ولكن لا نتوقع تعامل سوريا بمصداقية» مع تلك الجهود.

من جهتها، اعتبرت وزارة الخارجية الفرنسية أمس أن إعلان الرئيس السوري عن تشكيل لجنة تعد لدستور جديد، يفتقد إلى المصداقية في حين أكدت في المقابل دعمها للجهود التي تبذلها الجامعة العربية لإقامة حوار بين الحكومة والمعارضة. وقال برنار فاليرو الناطق باسم الخارجية الفرنسية في مؤتمر صحافي، إن إعلان الرئيس الأسد عن تشكيل لجنة كلفت الإعداد لمسودة دستور سوري «يفتقر إلى أي مصداقية، في الوقت الذي يواصل فيه النظام يوميا القتل والسجن والتعذيب».

وأضاف الناطق الفرنسي: «فرنسا ترحب بقيام الجامعة العربية مرة جديدة بالتطرق إلى الوضع في هذا البلد. نأمل في أن تتخذ الجامعة العربية القرارات الشجاعة التي تفرض نفسها لزيادة الضغط على السلطات السورية تمهيدا لوضع حد للقمع الدامي وتشجيع الانتقال السياسي».