المنفي الإجباري

TT

ولقد حاولت بنات كل من صدام حسين ومعمر القذافي اللجوء للعديد من الدول هربا من الموت، إلا أن هذه الدول رفضهن لاعتبارات سياسية كثيرة فسرت على أنها مخاطرة غير محسوبة لهذه الدول، إلى أن استقر المقام ببقايا عائلة القذافي في الجزائر وفقا لظروف إنسانية مع وضع شروط حاسمة تجاه إقامة هؤلاء الضيوف على أراضيها، حيث قبلت عائشة الشروط من دون أدنى معارضة وهي في الانتظار على الحدود، لأنها كانت تعيش حالة مخاض خارجي من الثوار الذين يطاردونها، ومخاض داخلي من الجنين الذي رفض المكوث ببطنها لأجل ولو قريب، ووضعت مولودها بالبادية التي ينحدر منها والدها العقيد، وإن كانت على حدود الجزائر، ودخلت الجزائر راضية مرضية رغم كل اللغط والحرج الذي سببته للسلطات، بل وما سبقه من اتهامات للجزائر. وقد منعت السلطات الجزائرية عائلة القذافي من استقبال ضيوف أو التحرك خارج دائرة الإقامة، كما حظرت عليها «الاتصال بالعالم الخارجي»، سواء عبر شبكة الإنترنت أو استعمال الهاتف الجوال وباقي الوسائل التكنولوجية، كما لم تعلن مكان إقامة عائشة وأفراد أسرتها. وكانت بعض المصادر غير الرسمية أشارت إلى وجودهم في ولاية إليزي التي دخلوا عبرها (2000 كم جنوب شرقي العاصمة).. وهو ما اشترطته كذلك الأردن على رغد صدام حسين، حيث أصدر الأردن تعليمات مشابهة تماما لها وهو ما احترمته رغد طوال السنوات الماضية.

هل ستسلم الجزائر بقايا عائلة القذافي بعد مصرع العقيد؟ سؤال يفرض نفسه على الساحة السياسية الآن، خاصة أن الجزائر كانت قد أعلنت أن أي تسليم مفترض لأفراد عائلة القذافي «سيكون ضمن الاتفاقات الموجودة أصلا بين البلدين». فيما يعتقد بعض المحللين السياسيين أن اعتراف الجزائر بالمجلس الانتقالي يمهد الطريق لمفاوضات في هذا الشأن، إذ أعطى مراد مدلسي - وزير الخارجية الجزائري - في أحد تصريحاته الصحافية انطباعا بأن بلاده لا تمانع، من حيث المبدأ، في تسليم أفراد عائلة القذافي، حيث قال «ذلك في الوقت المناسب.. نحن مرتبطون مع ليبيا بعقود واتفاقات، وسنعمل جاهدين في الوقت المناسب حتى يكون هناك حل يتطابق مع هذه الاتفاقات».