مصادر: تناقض بين السياسيين والأمنيين في دمشق حيال الموقف من الجامعة العربية

الجامعة تعلن موافقة سوريا على استقبال وفدها بعد ايام من رفضها

TT

وسط معلومات متناقضة حول زيارة وفد الجامعة العربية إلى سوريا، قالت مصادر دبلوماسية عربية لـ«الشرق الأوسط» إن سوريا وافقت على زيارة وفد من الجامعة العربية إلى سوريا يوم الأربعاء المقبل 26 من الشهر الجاري، وهو موعد حددته سوريا، وذلك بعد أن «وعدت بالنظر بتأن في المبادرة العربية»، وقالت المصادر إن الأوساط السياسية السورية كانت قد «نظرت بتحفظ كبير إلى أن يكون مكان الحوار بين السلطة والمعارضة السورية خارج الأراضي السورية». وحول الهجوم العنيف الذي شنته وسائل الإعلام الرسمية السورية على الجامعة العربية واتهامها بأنها تنفذ أجندات دولية عدوانية، قالت المصادر الدبلوماسية العربية «إن الإعلام في سوريا تديره الأجهزة الأمنية لا الدوائر السياسية، لذا يتسم خطابه بالتشدد والحدة غالبا وبالتناقض والتخبط أحيانا»، ولفتت المصادر إلى وجود عدة وجهات نظر في دوائر صنع القرار في سوريا، تصل إلى حد التناقض بين السياسيين والأجهزة الأمنية، إلا أن الأخيرة لها الغلبة وتقبض على مفاصل صنع القرار والقول الفصل لها.

وقال بيان للجامعة العربية صدر يوم أمس إن سوريا وافقت على زيارة وفد من الجامعة العربية الأربعاء المقبل في إطار مسعى لوضع حد للعنف في البلاد.

وأشار الأمين العام المساعد للجامعة وجيه حنفي، في البيان، إلى أن الجامعة تلقت موافقة الحكومة السورية على استقبال وفد وزاري برئاسة قطر في 26 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، وسيضم الوفد الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي ووزراء خارجية الجزائر ومصر وعمان والسودان.

وكانت صحيفة «الثورة» السورية شنت أول من أمس (الأربعاء) هجوما عنيفا على الجامعة العربية متهمة إياها بالعمل وفق أجندة قوى دولية «عدوانية» تمارس «فعلا تخريبيا» مضادا للمصالح العربية بعد أن دعت إلى عقد مؤتمر للحوار بين المعارضة والنظام.

وقال السفير أحمد بن حلي، نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية، إن بشار الأسد أبلغ الجامعة العربية استعداده وترحيبه للقاء اللجنة الوزارية العربية التي شكلت في الاجتماع الوزاري العربي الطارئ يوم 16 أكتوبر (تشرين الأول) برئاسة رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم آل جبر، والأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي، وعضوية وزراء خارجية كل من مصر والجزائر وسلطنة عمان والسودان.

وأضاف بن حلي لـ«الشرق الأوسط»: «سوف تجتمع اللجنة مع الرئيس الأسد يوم الأربعاء المقبل 26 أكتوبر». وعما إذا كانت اللجنة سوف تلتقي بأطراف أخرى للأزمة في سوريا، قال بن حلي «إن اللقاء مع الرئيس السوري سيتم أولا، وهو مهم للغاية في الفترة الراهنة للاتفاق على إنجاز الخطوات التي تسهم في الحل».

ومن جانبه، قال السفير وجيه حنفي، الأمين العام المساعد رئيس مكتب الأمين العام للجامعة العربية، إن الغرض من الزيارة هو تنفيذ ما جاء في قرار المجلس الوزاري، موضحا أن هذا القرار ينص على عقد مؤتمر للحوار الوطني السوري بين الحكومة السورية والمعارضة بجميع أطيافها في الداخل والخارج، والاتفاق على الإعداد لهذا المؤتمر الوطني خلال خمسة عشر يوما من تاريخ صدور القرار.

وعما إذا كانت الجامعة العربية قد بدأت الاتصالات مع المعارضة السورية مثلما بدأتها مع القيادة السورية للإعداد لهذا المؤتمر، قال حنفي إن الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي بدأ قبل صدور القرار اتصالات مع شخصيات من المعارضة السورية. وكان الأمين العام للجامعة العربية قد بدأ جولته العربية بزيارة تونس، يعقبها الأردن، ثم قطر، إضافة لسوريا التي يقوم بزيارتها مع اللجنة الوزارية العربية.

وكانت دمشق قد أعلنت تحفظها الكامل على قرارات اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي عقد في القاهرة يوم الأحد الماضي، لبحث تعليق عضوية سوريا في الجامعة جراء عمليات القمع التي تمارسها السلطات السورية ضد المناهضين لنظام الأسد. ومنح الاجتماع سوريا مهلة 15 يوما من أجل إجراء إصلاحات عاجلة ووقف نزيف الدم والإفراج عن المعتقلين وإجراء حوار مع المعارضة في مقر الجامعة وإيفاد لجنة وزارية من الجامعة برئاسة رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم.

وكان المندوب السوري لدى الجامعة يوسف الأحمد قد ألقى خطابا مطولا في الاجتماع، وأكد أنه سينتظر رد القيادة في دمشق على قرارات الجامعة، غير أن وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) أعلنت أن «سوريا تتحفظ على قرار الجامعة العربية جملة وتفصيلا»، وأكدت ما أورده خطاب السفير الأحمد من أن «الأوضاع الأمنية في سوريا تنحو نحو الاستقرار، بما يوفر مناخا ملائما لتطبيق القوانين والمراسيم لترسيخ الحريات والإصلاحات»، في إشارة إلى رفض القرارات العربية.

إلى ذلك، قال وزير الخارجية السوري وليد المعلم أمس «إن ما تتعرض له بلاده حاليا هو نتيجة مواقفها الداعمة للقضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية»، مؤكدا أن «دمشق تتطلع إلى أفضل العلاقات مع الدول العربية»، ومعربا عن ثقته في أن دول المنطقة «ستدرك عاجلا أم آجلا أن محاولة زعزعة استقرار سوريا لن تكون في صالح منطقتنا».

ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن المعلم القول لدى لقائه مع وفد هندي أمس، إن القيادة السورية تعمل على تلبية «المطالب المحقة للمواطنين من خلال البرنامج الشامل للإصلاح والذي تم إنجاز العديد من خطواته، كرفع حالة الطوارئ وإصدار قوانين الأحزاب السياسية والانتخابات والإدارة المحلية والإعلام»، وذلك وفق جدول زمني معلن.