المجلس العسكري يقدم للمصريين «كشف حساب» عن 9 أشهر من الحكم

أكد تسليمه الحكم إلى سلطة مدنية منتخبة وجدد ثقته بالشعب والثورة

سلفيون يتظاهرون أمام السفارة الأميركية في القاهرة مطالبين بإطلاق سراح الشيخ عمر عبد الرحمن أمس (إ.ب.أ)
TT

قدم المجلس العسكري الذي يدير شؤون الحكم في البلاد مساء أول من أمس للشعب المصري ما يشبه «كشف حساب» دقيقا عن أدائه خلال الأشهر التسعة التي مرت على توليه الحكم، بعد الإطاحة بالرئيس المصري السابق ونظامه في 11 فبراير (شباط) الماضي على يد ثورة «25 يناير».

ففي حلقة من برنامج التوك شو الشهير «العاشرة مساء» الذي تقدمه الإعلامية منى الشاذلي على قناة «دريم الثانية» الفضائية المصرية الخاصة، تحدث اللواءان محمد العصار، ومحمود حجازي، وهما عضوان بارزان بالمجلس العسكري، عن استراتيجية المجلس لإدارة المرحلة الانتقالية وتسليمه السلطة إلى المدنيين بشكل ديمقراطي، كما أجاب عن عدد من التساؤلات، حول حزمة من القضايا أثارت انتباه الشارع المصري خلال الأيام الماضية الأربعة، واتسم اللقاء بكثير من المصارحة والمكاشفة، خاصة حول ما يشاع من انتقادات عن المجلس وأدائه.

اللواءان أكدا أن القوات المسلحة ليس لديها مانع أن يكون رئيس مصر القادم مدنيا، وأن المجلس ملتزم بتسليم السلطة إلى سلطة مدنية منتخبة، وأنه يؤكد أنه ليس بديلا عن الشرعية وهو مسؤول عن تسليم البلد لسلطة مدنية.

حيث أشار العصار في معرض رده على الكاتب الصحافي إبراهيم عيسى الذي شارك منى في تقديم الحلقة قائلا هل يوجد أحد يشك في أن المجلس العسكري يريد تسليم السلطة؟ فرد عيسى «الكثيرون في شك كبير من هذا». فشدد اللواء العصار على أن المجلس العسكري ليس بديلا عن الشرعية وهو مسؤول عن تسليم البلاد لسلطة مدنية، والمجلس واثق أن معظم الشعب يثق في إخلاصه، وهذا واجب وطني، والذي يطالب بإسقاط المجلس العسكري يطالب بإسقاط الدولة، ونحن لم ننقلب على السلطة، ولكنها انتهت بالشكل المعروف، وأن بعض السياسيين يبثون هذا الكلام في الشعب، ولكننا سوف ننهي المرحلة الانتقالية ونعود لمعسكراتنا. وبينما تظل أحداث «ماسبيرو» التي وقعت (في نطاق التلفزيون المصري) يوم 9 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي تلقي بظلالها على الشارعين المصري والسياسي، كشف العصار قائلا «إن حادث ماسبيرو يقف وراءه أناس يستهدفون الشر للوطن، لأنهم يعلمون أن ما يصيبه بسوء أمران، الأول: الوقيعة بين الجيش والشعب، والثاني: الفتنة الطائفية، وأحداث ماسبيرو جمعت الاثنين».

وأكد العصار أن المسيحيين لم يكونوا طرفا في الاعتداء على جنود القوات المسلحة، قائلا «لن نسمح بتكرار هذا الاعتداء على جنودنا، ونحن لا نتهرب من مسؤولياتنا، فنحن معنيون بالتوصل للجناة، وأدعو الشعب المصري إلى الشهادة والمشاركة في كشف الحقيقة».

وحول تعامل المجلس العسكري مع المظاهرات الفئوية التي تندلع من وقت لآخر في مصر، قال اللواء العصار: «إن الموارد المالية لا تلبي كل المطالب الفئوية المشروعة، والموقف الاقتصادي سيئ بسبب الإضرابات المتكررة وتدهور السياحة وهروب الاستثمارات وتوقف عجلة الإنتاج وغياب الأمن، فخزينة الدولة لا تستطيع أن تستجيب لهذه المطالب جميعها في الوقت الحالي، والعجز خطير والدين الخارجي والداخلي كبير، ولدينا تحديان رئيسيان التحدي الاقتصادي والثاني الأمني».

بينما اعترف حجازي بأن الحالة الأمنية في مصر غير مرضية للمجلس العسكري والحكومة مثلما يشعر بها الشعب تماما، وقال اللواء العصار: «إن رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة اجتمع مع قيادات الداخلية لاستعراض تقاريرهم ومنحهم التوجيهات اللازمة لعودة الأمن، ونحتجز عددا مذهلا منهم»، كاشفا عن أن الحالة الأمنية فرخت دفعة جديدة منهم، وهناك حالة تجرؤ كبيرة على الشرطة المدنية، والمجلس العسكري يتعامل سياسيا مع المشكلة الأمنية، مؤكدا «غير وارد تعيين وزير داخلية عسكري».

من جانبها، أشارت الدكتورة إنشاد عز الدين، أستاذة علم الاجتماع السياسي، إلى أن المجلس العسكري أراد أن يعلنها حلقة مكاشفة صريحة للرأي العام. وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «كان عضوا المجلس العسكري أول من أمس على درجة عالية من الشفافية ومحاولة وضع الحقيقة برمتها في أيدينا من دون تجميل»، موضحة لعل أخطر ما سمعناه بالأمس، هو حقيقة وضع الاقتصاد المصري المتردي وأن خزينة الدولة لا تكفي لتلبية مطالب كل المظاهرات الفئوية.

وذكرت إنشاد لم يطمئني كلام المجلس العسكري، بل زادني عدم اطمئنان على أحوالنا، خاصة مع اقتراب الانتخابات والوضع الأمني الداخلي مهلهل.