لبنان: الخلاف على ملف التنقيب عن النفط يصدع الحكومة

المحكمة الدولية تطلب إيداعها المذكرات الخطية لإجراءات المحاكمة الغيابية

TT

تتعرض حكومة رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي إلى المزيد من التصدعات، بفعل الخلافات التي تعصف بمكوناتها حول الأمور المفترض أن تكون موضع إجماع، قبل أن تصل إلى الملفات الساخنة التي قد تفجرها من الداخل، ومنها ملف تمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، ومشروع الموازنة العامة. وهذا ما تجلى في السجال الحاد الذي نشب في جلسة مجلس الوزراء ليل أول من أمس بين وزير الطاقة جبران باسيل ووزير العمل شربل نحاس من جهة، وهما من حصة العماد ميشال عون، ونائب رئيس الحكومة سمير مقبل، ووزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي المقرب من النائب وليد جنبلاط من جهة ثانية، على خلفية ملف سفلتة الطرقات وتشكيل اللجنة الوزارية الناظمة للشروع في التنقيب عن النفط.

وقللت مصادر رئيس الحكومة من انعكاسات ما حصل في مجلس الوزراء على أداء الحكومة واستمراريتها، وقالت هذه المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «إن ما شهده مجلس الوزراء هو مجرد اختلاف في وجهات النظر داخل الحكومة، وهذا لا يلغي حق كل وزير في طرح وجهة نظره للنقاش، لا سيما أن الحكومة فيها آراء متعددة، لكن مهما احتدمت السجالات فإن الجميع يحتكمون في النهاية إلى قرارات مجلس الوزراء». وأكدت أن «الحكومة مستمرة في العمل لما فيه خير اللبنانيين ومصالحهم، والرئيس ميقاتي عازم على المضي في تفعيل الحكومة لتكون منتجة». واعتبرت المصادر أن «الرهان على سقوط الحكومة أو إسقاطها هو رهان خاسر، ولا يعبّر على عن رغبات وتمنيات البعض لا أكثر ولا أقل».

أما وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريض، فأكد أن «الوضع الحكومي غير سليم والحكومة ليست بخير، وليس ثمة شيء مخفي على الناس». وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «المطلوب معالجة جدية للواقع القائم، فالحكومة لا تستطيع أن تنجح بهذه الطريقة، لأن هناك مشكلة، فلا يجوز أن نقضي عمرنا نناقش قضايا تفصيلية بطريقة حنبلية مهما كانت الأسباب، خصوصا أننا لم ننه ولا مرة جدول الأعمال بسبب النقاشات العقيمة». وأضاف «عندما نكون على طاولة مجلس الوزراء ستكون هناك آراء مختلفة، وإذا كان الوزير يمسك بملف معين فإن له الحق في أن يبدي رأيه، والأمور لا تسير برأي فريق واحد أيا كان هذا الفريق»، لافتا إلى أن «هناك ذهنية خطأ في التعاطي مع المسائل المطروحة»، وشدد على أنه «لا أحد وطني أكثر من الآخر، ولا أحد حريص على البلد والدولة أكثر من الآخر، ونحن لسنا في جيب أحد ولسنا عدة شغل عند أحد، فإن لم نكن شركاء حقيقيين ونتصرف بشراكة كاملة، فما معنى وجودنا في الحكومة؟»، مشيرا إلى أنه «في كل جلسة لمجلس الوزراء يكون هناك مشكل، فمنذ أسبوعين حصل مشكل بين الوزير علي حسن خليل (من فريق حركة أمل)، والوزير شربل نحاس (من فريق عون)، وقبلها حصل مشكل بين الوزير نحاس والوزير علي قانصو (الحزب القومي)، الحقيقة أن هناك مشكلة نهج عام». وردا على سؤال عما إذا كانت هذه الخلافات أدت إلى تصديع الحكومة من الداخل، قال العريضي «الحكومة مهمتها التصدي لمشاكل الناس، فعندما يجري تعطيلها من الداخل تصبح بمثابة المستقيلة، وإذا كُربجت يكون وجودها مثل قلة وجودها». بدوره، تناول وزير الطاقة والمياه المهندس جبران باسيل في مؤتمر صحافي عقده أمس، ما حصل من خلافات في مجلس الوزراء، فقال إن «جوهر الخلاف يتلخص في عدة أمور، أولها أنه لا يفترض أن نكون مدققين في كل مرة على قرارات مجلس الوزراء كيف تصدر وكيف يتفق عليها أو على مراسيم كيف ومتى تنفذ وكيف تصدر أو على قوانين معينة»، وأضاف «الذي لا يريد اعتراضات، فليصدر القرارات كما اتفق عليها، لا أن يأتي بأمور تارة من خارج الجدول، وتارة من مكان آخر، فهناك روحية نقاش، وأمور إما متوافقة مع القانون أو خارجة عنه، كما لا يجوز القيام بأمور لا أريد أن أصفها تارة بأنها تفسر بخطأ مادي وتارة تفسر بسوء تسجيل أو تصحح، ولا يجوز أن نقضي نصف وقتنا نراجع الأمور ونسعى إلى تصحيحها من قرار الكهرباء إلى كل القرارات من بعده».

إلى ذلك، أعلنت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، أن «غرفة الدرجة الأولى في المحكمة أصدرت قرارا بتحديد جدول زمني، طلبت فيه إلى مكتب المدعي العام (دانيال بلمار) وإلى كل من المتهمين إيداع مذكراتهم الخطية بشأن الإجراءات الغيابية، كما طلبت إلى مكتب الدفاع إيداع مذكراته في هذا الصدد نظرا لأن المتهمين لم يوكّلوا محامي دفاع لتمثيلهم بعد، وقد حدد تاريخ 2 نوفمبر (تشرين الثاني) كموعد نهائي لإيداع جميع المذكرات الخطية».

وأشارت إلى أن «غرفة الدرجة الأولى بالمحكمة ستعقد جلسة علنية في 11 نوفمبر 2011 في تمام الساعة العاشرة صباحا، وسيصار إلى تزويد الصحافيين في الأيام القادمة بمعلومات مفصلة حول كيفية الحصول على بطاقات اعتماد لحضور هذه الجلسة».

وأوضحت أنه «عقب صدور قرار تحديد الجدول الزمني، طلب قاضي الإجراءات التمهيدية (دانيال فرانسين) إلى غرفة الدرجة الأولى الفصل في جواز الشروع في إجراءات المحاكمة الغيابية».