المجلس الانتقالي الليبي يعلن: سقوط سرت بالكامل في أيدي الثوار

رفع العلم الوطني الجديد فوق المدينة.. والثوار يرقصون ويطلقون الرصاص في الهواء

TT

كشف مقتل العقيد معمر القذافي الذي حكم ليبيا لمدة 42 عاما بيد من حديد، أمس، في مسقط رأسه سرت على أيدي مقاتلي المجلس الوطني الليبي، عن معركة شرسة خاضها الثوار بعد أسابيع من سيطرتهم على المدينة، وحصارها من مداخلها شرقا وغربا وجنوبا.

وبينما أكد عبد الحكيم بلحاج، رئيس المجلس العسكري في طرابلس، على أن الثوار سيطروا بالكامل على مدينة سرت (360 كلم شرق طرابلس) المعقل الأخير لقوات القذافي. أعلن أحد قيادي المجلس الانتقالي الليبي أن سقوط سرت تم بعد أن دخلت قواته الحي الأخير في المدينة. وقال مقاتلون ثوار «نقوم بمطاردة مقاتلي القذافي».

وذكر المتحدث العسكري باسم المجلس الوطني الانتقالي، عبد الرحمن بوسن، إن مدينة سرت باتت «شبه محررة»، قائلا: «إن المدينة شبه محررة؛ لكن لا تزال هناك اشتباكات ولكنها غير كثيفة، ويقوم مقاتلونا حاليا بتمشيط المنازل في الحي الثاني، حيث كان يتحصن مقاتلو القذافي».

وجاء مقتل القذافي، الذي أعلنه المجلس الوطني الانتقالي رسميا، بعد ثمانية أشهر من انطلاق الانتفاضة ضد نظامه في 17 فبراير (شباط) الماضي وبعد شهرين من سقوط العاصمة طرابلس بأيدي الثوار وتواريه عن الأنظار منذ ذلك الوقت.

وأشار مسؤولون عسكريون في المجلس الوطني الانتقالي إلى أن المعركة الأخيرة بدأت في وقت مبكر من صباح أمس، وسرعان ما تقدم مقاتلو المجلس نحو الحي.

وبات الشارع الرئيسي الذي يؤدي إلى الحي رقم 2 باتجاه الشرق، والذي كان غير سالك في الأيام الأخيرة بسبب القناصة، مفتوحا وعربات مقاتلي المجلس الانتقالي المحملة بالمضادات الجوية والرشاشات تستخدمه للدخول إلى الحي.

وبحسب مقاتلين فإن قوات المجلس الانتقالي طاردت أنصار القذافي الذين يهربون من الحي باتجاه الغرب، بحسب مقاتلين أشار بعضهم إلى حصول مواجهات في الشوارع داخل الحي، إنما أقل عنفا.

وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن عددا من كبار القادة التابعين للقذافي ألقي القبض عليهم بينما قتل وزير دفاعه العميد أبو بكر يونس.

وكانت قوات المجلس الوطني الانتقالي قد أعلنت سيطرتها الكاملة على المدينة. ورفع مقاتلو الحكومة الليبية المؤقتة العلم الوطني الجديد فوق وسط المدينة بعد أن أتموا سيطرتهم على مسقط رأس الزعيم الفار معمر القذافي.

وقال الثوار إن قوات المجلس الوطني الانتقالي أطلقت قذائف المدافع ابتهاجا أثناء رفع العلم على مبنى ضخم بالمدينة التي ظلت تحت حصار قوات المجلس الانتقالي لما يقرب من شهرين.

واحتفل ثوار ليبيا بسقوط آخر معاقل كتائب العقيد الليبي الهارب معمر القذافي، وهو الحي الثاني بمدينة سرت، وقام الثوار بحرق العلم الليبي القديم ودهس صورة للقذافي، كما رفعوا العلم الليبي الجديد. وأوضحت مصادر من الثوار لـ«الشرق الأوسط» أنهم أسروا عددا من القناصة التابعين لكتائب القذافي.

وظهر المقاتلون وهم يرقصون ويطلقون الرصاص في الهواء فرحا بدخول الحي الذي قصفوه أمس (الخميس) بالمدفعية والدبابات وصواريخ غراد، بعدما أبدت كتائب القذافي المتحصنة فيه مقاومة شرسة.

وفي السياق ذاته، ذكرت تقارير إخبارية أمس، أن الثوار يقومون بتمشيط المدينة حاليا، حيث أقاموا نقاط تفتيش على مداخلها ومخارجها، لتأمينها ومحاولة القبض على باقي «فلول القذافي» الذين ربما يحاولون الهروب أو الاشتباك مع الثوار.

كما أشارت التقارير الإخبارية إلى وجود اشتباكات محدودة في بعض المزارع على أطراف المدينة. ونقلت عن مصادر من الثوار أنه تم القبض على أحمد إبراهيم، رئيس مركز دراسات وأبحاث الكتاب الأخضر في نظام القذافي، والذي كانت تقارير ذكرت أنه يرأس العمليات العسكرية بسرت منذ سقوط العاصمة طرابلس.

وكانت فرق استخبارات واستطلاع قامت بالبحث عن العقيد القذافي وأنصاره في المناطق الصحراوية الشاسعة جنوب سرت وبني وليد أول من أمس، بعد أن سيطر الثوار على خليج سرت ومنطقة برقة التي تعد أحد المصادر الأساسية الغنية بالنفط والمنشآت النفطية، ولها دروب جنوبية تصل إلى مناطق يشتبه في هروب شخصيات مهمة تابعة للقذافي إليها، كان آخرها نطاق منطقة القردة الواقعة على بعد مائة كيلومتر إلى الجنوب من سرت وإلى الشرق من بني وليد.

وحسب خبراء لـ«الشرق الأوسط» فإن سرت مدينة ليبية صحراوية تطل على البحر الأبيض المتوسط، وتقع في منتصف الساحل الليبي بين طرابلس وبنغازي، وتبعد عن العاصمة طرابلس 450 كلم شرقا.

وتطل مدينة سرت على الخليج المتفرع من البحر الأبيض المتوسط الذي عرف باسمها، خليج سرت الذي كان يعرف باسم خليج السدرة، والذي شهد إبان الحرب الباردة مواجهات بين ليبيا وأميركا وقد أطلق على المدينة اسم الرباط الأمامي بعد هذه المواجهات، وسمي خليجها للسبب ذاته باسم خليج التحدي، هي من المدن المهمة قديما، وكانت محطة مهمة على طريق القوافل بين برقة وطرابلس وبين أفريقيا. وقد أعلن القذافي مدينة سرت عاصمة له في الأول من سبتمبر (أيلول) الماضي بعد فقدانه السيطرة على طرابلس خلال الحرب الأهلية الليبية.