رجال نظام بن علي لا يريدون التخلي عن السلطة في تونس

كمال مرجان: يداي ليستا ملطختين بالدم.. ولم أسرق ولم أكذب

TT

فر الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي من تونس إلى السعودية في 14 يناير (كانون الثاني) الماضي، لكن أولئك الذين حكم بهم تونس بيد من حديد طوال 23 عاما، لم يختفوا رغم حل التجمع الدستوري الديمقراطي، حزب بن علي بعد الثورة.

ويريد العديد من هؤلاء أن يحتلوا مكانة في تونس الجديدة من خلال دعم بعض قوائم «مستقلين» أو بالانضمام إلى أحزاب تنافس في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي الأحد.

وأوضح الكاتب والجامعي حميدة النيفر أن «التجمعيين يعتقدون حقيقة أن البلاد لا يمكن أن تسير من دون مشاركتهم في الحكومة المقبلة»، مضيفا أنهم «يعتقدون أنه لا يمكن الاستغناء عنهم ويتصورون أن لا أحد يضاهيهم خبرة وانتشارا».

ويؤكد المحلل السياسي صلاح الجورشي «الإسلامي اليساري» رئيس قائمة «مستقلين» في دائرة اريانة أنه «تم إعطاء أهمية مبالغ فيها للتجمعيين في الوقت الذي لا يمثلون فيه قوة حقيقية حاليا. إنهم مثل جيش مهزوم تشتت إلى مجموعات صغيرة عاجزة عن توحيد صفوفها والاجتماع حول زعيم واحد».

والتجمع الدستوري الديمقراطي الذي ولد في 1988 من رحم الحزب الاشتراكي الدستوري الذي حكم تونس منذ استقلالها في 1956، كان يؤكد أن عدد المنخرطين فيه يفوق المليونين من عشرة ملايين من التونسيين. وهذا الحزب الذي كان مهيمنا على دواليب الدولة وتسلل حتى إلى الجمعيات وأحزاب المعارضة، كان بدأ يفقد من حضوره في السنوات الأخيرة مع تعزز هيمنة أقارب بن علي على البلاد. وتظاهر آلاف التونسيين على مدى أيام بعد الثورة هاتفين «التجمع ارحل» للمطالبة بحل الحزب بعد فرار قائده. واستجاب القضاء التونسي لهذا الطلب في 9 مارس (آذار) الماضي، وأعلن رسميا فصل الدولة عن الحزب. وبعد أسابيع قليلة، تقرر استبعاد كل شخص تحمل مسؤولية في حزب بن علي، وهو الأمر الذي صادقت عليه الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في نهاية أغسطس (آب) الماضي.

غير أن هذا القرار لم يمنع التجمعيين «من الخروج من الباب والعودة من النافذة» بحسب عبارة مصطفى بن جعفر، زعيم حزب التكتل الديمقراطي من أجل الحريات والعمل. لأنه ولئن سقطت الرؤوس في هرم السلطة فإن التجمعيين لا يزالون يشكلون هيكلية الإدارة التونسية؛ حيث كان التجمع يملك خلايا في كل الإدارات العمومية والشركات و«لجان أحياء» في كل منطقة سكنية.

وإضافة إلى أكثر من مائة حزب موجودة اليوم في تونس، هناك نحو أربعين تشكيلة سياسية ولدت بعد الثورة أسسها أو يدعمها التجمعيون.

وإذا كان البعض فضل التخفي وراء أسماء جديدة، فإن آخرين أعلنوا هويتهم بوضوح، مؤكدين رغبتهم في المشاركة في الحكومة. وبين هذه الأحزاب التي حصلت على ترخيص في أبريل (نيسان) الماضي حزب المبادرة بزعامة كمال مرجان (63 عاما)، آخر وزير خارجية في حكومة بن علي، والموظف السامي سابقا في الأمم المتحدة.

وكان صرح في الفترة الأخيرة لوكالة الصحافة الفرنسية: «كان علي أن أحزم حقائبي وأغادر البلاد التي خدمت فيها خمس سنوات كوزير دفاع ووزير خارجية»، مقدما «اعتذاره للصحافيين». وأضاف لتبرير بقائه في الساحة السياسة: «يداي ليستا ملطختين بالدم ولم أسرق ولم أكذب».

وقال خبير قانوني رفض كشف هويته إن الحكومة المؤقتة التي ينتمي رئيسها الباجي قائد السبسي للعائلة السياسية للحزب الحاكم سابقا؛ حيث تولى مناصب سياسية رفيعة في عهدي بورقيبة وبن علي، «قامت بكل ما في وسعها لتعطيل الإجراءات القضائية» ضد رموز النظام السابق، وأضاف أن «مصالحهم المالية لم تمس رغم الملاحقات القضائية» الجارية، و«تركوا يمرحون طلقاء في البلاد». ويتهم «بقايا التجمع» بانتظام بالوقوف وراء أعمال العنف التي تخللت المرحلة الانتقالية الحالية.