رئيس الوزراء الأردني المكلف يعرض على الإسلاميين المشاركة في الحكومة.. والعرض قيد الدرس

مظاهرات حاشدة في جميع المحافظات تحت شعار «لن ترهبونا» لتأكيد جدية الإصلاح ومحاربة الفساد

آلاف الأردنيين من جبهة العمل الإسلامية ومن أحزاب المعارضة في مظاهرة بعمان أمس مطالبين رئيس الوزراء بفرض تغييرات سياسية في البلاد (أ.ف.ب)
TT

شهدت العاصمة الأردنية، عمان، وعدد من المدن الأردنية بعد صلاة الجمعة، أمس، مسيرات حاشدة تحت شعار «لن ترهبونا»؛ ردا على الاعتداءات التي حصلت خلال مهرجان خطابي أقيم في بلدة سلحوب بمحافظة جرش، شمال عمان، الأسبوع الماضي، أي قبيل رحيل الحكومة الأردنية السابقة برئاسة الدكتور معروف البخيت بيومين، وكذلك تأكيدا على جدية الإصلاح الشامل ومحاربة الفساد والمفسدين والتنديد بالاعتداء الممنهج على دعاة الإصلاح.

وتأتي تلك المسيرات، التي نظمتها الحركة الإسلامية في الأردن وعدد من الائتلافات الشبابية والشعبية والعشائرية وقوى حزبية ومعارضة، وشارك فيها، قيادات إسلامية أبرزها المراقب العام السابق للإخوان المسلمين سالم الفلاحات، ورئيس المكتب السياسي لحزب جبهة العمل الإسلامي زكي بني أرشيد، قبل أيام من الحكومة الأردنية الجديدة التي يعكف رئيس الوزراء المكلف، الدكتور عون الخصاونة، على تشكيلها بعد مشاوراته مع مختلف الأطياف السياسية والنيابية، بما فيها الحركة الإسلامية. وقالت مصادر أردنية: «إن الرئيس المكلف قارب على الانتهاء منها»، مرجحة أن يحتفظ بعدد من الحقائب الوزارية من حكومة سلفه معروف البخيت. وتوقعت المصادر أن تؤدي الحكومة الجديدة اليمين الدستورية أمام العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، بعد غد.

وكان رئيس الوزراء الأردني المكلف قد التقى الليلة قبل الماضية وفدا من قيادات الحركة الإسلامية ضم الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي، حمزة منصور، وبني أرشيد، والناطق الرسمي باسم «الإخوان» جميل أبو بكر، وعضو المكتب السياسي أرحيل الغرايبة، في سياق مشاوراته لتشكيل الحكومة وعرض عليهم تصوراته حول شكل الحكومة المقبلة والظروف التي تحيط بتشكيلها.

ووصف منصور، في تصريح صحافي اللقاء، بالإيجابي. وقال: «إننا استمعنا خلاله لتوجهات الرئيس المكلف وهي إيجابية ونقدرها»، مشيرا إلى أن الوفد عبر عن وجهة نظر الحركة الإسلامية وتصورها للإصلاحات التي يحتاجها الوطن.

وأكد منصور أنه لم يتم التقدم بأي شروط أو مطالب خلال اللقاء، الذي عقد في منزل رئيس الوزراء المكلف، مشددا على أن الحركة مع كل جهد يبذل لخير الوطن سواء كانوا جزءا من الحكومة أو خارجها، مستطردا أن الحركة ستكون داعمة لأي توجهات أو سياسات إيجابية أو أي جهد يبذل لتحقيق الإصلاح المنشود في الوطن.

وحول المشاركة في الحكومة، قال منصور: «من المبكر الحديث عن ذلك»، موضحا أن الخصاونة أبدى رغبة في مشاركة كل الطيف السياسي في الأردن، لافتا إلى أن القرار متروك لتقديرات كل حزب وتيار وأيضا لتقديرات رئيس الوزراء المكلف. وأوضح أن القرار في الحركة الإسلامية مؤسسي.

وحول الحراك الشعبي، قال إن أي حراك سلمي سليم مشروع مكفول دستوريا وقانونيا وضمن العمل الديمقراطي. واعتبر منصور أن المشاركة في الانتخابات البلدية المقررة في 27 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، «ماض وليس من مصلحة الحكومة أن تجري الانتخابات البلدية على هذا القانون وفي هذا الوقت». وعلى صعيد الاحتجاجات، انطلقت مسيرة عمان عقب صلاة الجمعة من أمام المسجد الحسيني، ورفعت فيها للمرة الأولى منذ زمن، أعلام الحركة الإسلامية إلى جانب علم أردني كبير، كما أعلنت عدة فروع لأحزاب وممثلين لأبناء قبائل وتجمعات عشائرية كبيرة، جاءت من محافظات أردنية مختلفة، مشاركتها بلافتات.

واستهجن المشاركون في المسيرة الاعتداءات التي كانت تنفذ بشكل منظم على الحراك الإصلاحي في الأردن، معتبرين أنه جزء من التعبير السلمي الذي منحهم إياه الدستور، مطالبين رئيس الوزراء المكلف حماية هذا المبدأ. وهتف المتظاهرون ضد الرئيس السوري بشار الأسد، كما عبروا عن دعمهم وتهنئتهم للشعب الليبي بمقتل معمر القذافي. واتهم مشاركون الأمن العام الأردني بإغلاق الطرق المؤدية إلى مكان المسيرة لإعاقة حركتها، على حد قولهم.

ونظم في الكرك، جنوب عمان، اعتصامان للتأكيد على المضي في المطالب الإصلاحية لحين تحقيقها، إلى جانب التعبير عن التضامن مع شباب حراك محافظة الطفيلة الذين يتعرضون للمساءلة القانونية حول شعارات أطلقوها في مسيراتهم واعتصاماتهم المطالبة بالإصلاح في الأردن.

وأشار بيان وزعه المعتصمون إلى أن الحراك الأردني يسير بخطى ثابتة تجاه تحقيق أهدافه الوطنية التي تصب في مصلحة الوطن من خلال التغير نحو الحرية والديمقراطية. وقال البيان إن الحقوق تؤخذ ولا تستجدى، مشيرا إلى أن الأردنيين تحركوا ليصلوا إلى العدالة والمساواة والخلاص من العبودية، وذلك في إشارة إلى التضامن مع منتسبي حراك الطفيلة.

وتجمع في بلدة المزار الجنوبي، في محافظة الكرك، العشرات من المطالبين بالإصلاح تحت شعار «جمعة العشائر»، حيث قرأوا بيانا رفضوا من خلاله تعيين الحكومات والوزراء، معتبرين ذلك التفافا على مصالح الشعب، وأكدوا أن الحراك سيستمر لحين تحقيق كافة المطالب الإصلاحية، مشيرين إلى أن الإصلاح الحقيقي يتسنى من خلال الإرادة الحقيقية بالإصلاح لا بتغيير الأشخاص.

وانطلقت مسيرة من أمام مسجد الطفيلة الكبير في محافظة الطفيلة (جنوب عمان) تحت عنوان «الموت ولا المذلة»، مطالبة بإسقاط دعاوى قضائية رفعت من قبل حكومة معروف البخيت السابقة. وقال بيان صادر عن لجنة أحرار الطفيلة: «إن أبناء الأردن تحركوا ليصلوا إلى النزاهة والعدالة والمصداقية لا أن يصار إلى توجيه التهم الباطلة إليهم لأنهم هتفوا مطالبين بالحرية والخلاص من نير العبودية». وأكد البيان أن الحراك الشعبي في الشارع الأردني يسير بخطى ثابتة باتجاه تحقيق أهدافه الوطنية التي انطلق من أجلها، مشيرا إلى أن القضية الأساسية هي مصلحة الوطن وطن تسوده العدالة والحرية والديمقراطية والحياة الكريمة لجميع أبنائه.

ونظم الحراك الشبابي والشعبي في محافظة معان، جنوب عمان، مهرجانا خطابيا أمام مسجد معان الكبير شارك فيه العشرات تحت شعار «لا للالتفاف على الإصلاح». ورفع المشاركون لافتات تدعو إلى إصلاح النظام وعدم قمع الحريات والمطالبة بحكومة منتخبة، وهنأوا الشعب الليبي بإسقاطه نظام معمر القذافي، مطالبين في الوقت ذاته المنظمات الإنسانية ومنظمات حقوق الإنسان بوقف المجازر التي يرتكبها النظام السوري. ويشهد الأردن منذ شهر يناير (كانون الثاني) الماضي مسيرات واعتصامات متواصلة تطالب بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية ومكافحة للفساد في البلاد.