أنقرة وطهران تتعهدان بمحاربة معارضيهما الأكراد ضمن «خطة عمل مشتركة»

تركيا تحشد 20 ألفا من قواتها قرب الحدود.. وتطالب قيادة إقليم كردستان بمساعدتها

TT

وسط أنباء تحدثت أمس عن توقيع اتفاق تركي - إيراني لوضع خطة مشتركة ضد مقاتلي الحزبين الكرديين المعارضين لهما، العمال الكردستاني والبيجاك الإيراني في أعقاب زيارة وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي إلى أنقرة، أكدت حكومة إقليم كردستان مجددا أنها «لن تكون تحت أي ضغط كان طرفا في الصراع الدائر على الحدود».

وأعلن وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو أن تركيا وإيران ستحاربان معا ضمن «خطة عمل مشتركة» المتمردين الأكراد الذين يهددون أمن البلدين ولديهم قواعد خلفية في شمال العراق. وصرح داود أوغلو خلال مؤتمر صحافي في أنقرة مع نظيره الإيراني علي أكبر صالحي قائلا «عزمنا على مكافحة حزب العمال الكردستاني وحزب الحياة الحرة معا سيتواصل بشكل أقوى». ونقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية قوله «سنواصل العمل معا في إطار خطة عمل مشتركة حتى القضاء على هذا التهديد الإرهابي».

وتأتي زيارة صالحي في وقت أعلنت فيه تركيا الخميس تنفيذ عملية برية على نطاق واسع ضد مسلحي حزب العمال الكردستاني، يتركز القسم الأكبر منها على أراضيها بحسب الجيش ولكنها تمتد أيضا إلى جبال إقليم كردستان في شمال العراق حيث للحزب قواعد خلفية هناك. ويأتي الهجوم التركي إثر سلسلة هجمات شنها حزب العمال ضد قواعد عسكرية تركية على الحدود العراقية قتل فيها الثلاثاء 24 جنديا تركيا وأصيب 18 آخرون بجروح.

وقدم صالحي تعازي الحكومة والشعب الإيراني لأنقرة، مشددا على ضرورة العمل معا للقضاء على المتمردين. وصرح صالحي قائلا «نحن في الصف نفسه مع تركيا، وما يؤثر على تركيا يؤثر علينا، والعكس صحيح». وكان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أعلن الشهر الماضي أن حكومته تدرس التعاون مع إيران لمحاربة المتمردين الأكراد.

إلى ذلك، قال اللواء جبار ياور المتحدث الرسمي باسم وزارة البيشمركة الكردية، ردا على تقارير تركية تحدثت عن طلب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان من نائب رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني نيجرفان بارزاني الذي يزور تركيا حاليا دعما من قوات البيشمركة الكردية لجهود الجيش التركي للقضاء على تهديدات حزب العمال الكردستاني، إنه «سبق لرئاسة الإقليم والحكومة أن أكدتا مرارا بأن قيادة الإقليم لن تقبل من أي جهة كانت أن تهدد أمن دول الجوار، وأكدت أيضا أنها لن تنجر تحت أي ظرف كان إلى الحرب الدائرة على الحدود، ولكنها ستعمل وفقا للاتفاقات الدولية والإقليمية على احترام سيادة الدول وعدم السماح بتهديدها من قبل أي جهة، وشددت مرارا على أن مشكلة الصراع الدائر على الحدود لن تحل بالوسائل العسكرية، وأن أنجع الحلول هي الحلول السياسية والتفاوض المباشر».

وأشار ياور إلى أنه «في حال عقدت الدولتان، إيران وتركيا، أي اتفاقية بينهما للعمل المشترك ضد الحزبين الكرديين، فيفترض أن تنشرا تلك الاتفاقية، ونحن إلى الآن لم نسمع أو نر أي اتفاقية بهذا الصدد، حتى لو جرى اتفاق بهذا المضمون بين البلدين فلسنا طرفا فيه، ولن نكون أبدا طرفا في القتال الدائر على الحدود، وهذا موقف ثابت لقيادة الإقليم، مع تأكيدنا أننا سنواصل جهودنا من أجل حماية أمن الحدود من جانبنا وعدم السماح بأي تهديد على دول الجوار انطلاقا من التزامنا بالقوانين والمعاهدات الدولية، وبالاتفاقات الموقعة بين الحكومة العراقية والدول المجاورة فيما يتعلق بحماية أمن الحدود المشتركة».

وكانت رئاسة الأركان التركية قد أعلنت أمس حشد الآلاف من قواتها قرب الحدود استعدادا لشن هجمات مرتقبة على مواقع مقاتلي حزب العمال الكردستاني، وأشارت في بيان إلى أن «ما يقرب من عشرين ألفا من الجنود الأتراك تم حشدهم قرب الحدود للمشاركة في هجمات على مواقع (الكردستاني) داخل الأراضي العراقية، وأن الجيش التركي بدأ فعلا في شن هجمات داخل وخارج الأراضي التركية للقضاء على حزب العمال الكردستاني إثر الهجوم الأخير الذي شنه مقاتلو هذا الحزب بمحافظة هكاري والذي أوقع 24 قتيلا بين الجنود الأتراك». وقالت رئاسة الأركان التركية في بيانها إن «العمليات العسكرية بدأت من خمسة محاور بمشاركة 22 وحدة عسكرية قوام كل تشكيل منها 1000-5000 جندي». وأوضحت أن معظم العمليات تجري في الجانب التركي من الحدود.

من جهته، عبر عضو بائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ومستشار حكومي، عن تشاؤمه حيال إمكانية التوصل إلى حل يمكن أن يكون مقبولا بشأن التطورات المتلاحقة على أثر مقتل 24 جنديا تركيا الثلاثاء الماضي على أيدي عناصر حزب العمال الكردستاني. وأكد سعد المطلبي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الموقف حاليا في غاية الصعوبة لا سيما بعد مقتل هؤلاء الجنود الأتراك مع عدم القدرة على تقديم ضمانات للأتراك من قبل حكومة إقليم كردستان بعدم تكرار مثل هذه الأعمال»، مشيرا إلى أن «نجاح مهمة نائب رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني نيجرفان بارزاني في أنقرة حاليا مرهونة بقدرته على تقديم مثل هذه الضمانات التي من شأنها منع هذه العناصر من التسلل إلى داخل الأراضي العراقية من جهة إقليم كردستان». وحول موقف الحكومة المركزية من هذا الموضوع قال المطلبي إن «موقف الحكومة المركزية عبر عنه بيان وزارة الخارجية الذي أدان ورفض مثل هذه الأعمال الإجرامية التي تقوم بها هذه العناصر، إلا أن هذا لم يعد يكفي سواء بالنسبة للأتراك أو الإيرانيين»، معتبرا أنه «في الوقت الذي نرفض فيه دخول أراضينا تحت أي حجة أو ذريعة، لكن الكرة الآن في ملعب الإخوة الكرد الذين لا يتمكنون من حماية الحدود ويرفضون دخول الجيش الاتحادي تحت ذرائع مختلفة».