كلينتون تطالب باكستان بمواجهة الإرهاب «خلال أيام وأسابيع»

وزيرة الخارجية الأميركية تكشف عن اتصالات أميركية مع شبكة حقاني

الوزيرتان كلينتون ورباني خار بعد محادثاتهما في إسلام آباد أمس (أ.ف.ب)
TT

دعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أمس، باكستان إلى التحرك في غضون «أيام أو أسابيع» للقضاء على ملاذات المتشددين الأفغان على أراضيها وتشجيع حركة طالبان على الدخول في محادثات سلام لإنهاء الحرب المستمرة عشرة أعوام. وكشفت، من ناحية أخرى، عن حدوث اتصالات أميركية مع مسؤولين في شبكة حقاني الأفغانية الصيف الماضي.

وقالت كلينتون بعد محادثات مع نظيرتها الباكستانية حنا رباني خار في إسلام آباد: «لا يمكن للمرء تربية الثعابين في الحديقة الخلفية وتوقع أن تؤذي جيرانه فقط»، وذلك في إشارة واضحة إلى شبكة حقاني التي تزعم الولايات المتحدة علاقتها بباكستان. وأضافت كلينتون في إسلام آباد، أمس «ننتظر من باكستان اتخاذ خطوات قوية لحرمان المتمردين الأفغان من الملاذات الآمنة وتشجيع طالبان على الدخول في مفاوضات بنية صادقة». وأكدت كلينتون أن بلادها تنتظر (من باكستان) القيام بعمليات «في غضون ليس شهورا أو سنين، بل في غضون أيام وأسابيع لأن أمامنا الكثير من العمل لإنجازه لتحقيق أهدافنا المشتركة». وصرحت كلينتون قائلة: «إذا أردنا منح السلام فرصة، علينا القيام ببعض الأمور»، مطالبة باكستان بالقيام بالمزيد من لأجل القضاء على المتطرفين الذين يتخذون باكستان نقطة انطلاق لهم. وكانت كلينتون وصلت إلى إسلام آباد مساء أول من أمس قادمة من كابل، وأجرت نقاشات موسعة مع كبار القادة الباكستانيين حول قضايا تتعلق بالحرب على الإرهاب وعملية السلام مع أفغانستان.

وردا على سؤال حول ما إذا كانت كلينتون تتفق مع تصريحات رئيس الأركان الباكستاني أشفق برويز كياني الأسبوع الماضي التي قال فيها: «إن باكستان ليست مثل أفغانستان أو العراق»، قالت كلينتون إن الولايات المتحدة تقر بسيادة دولة باكستان وإن لديها جدول أعمال متخما بالقضايا.

وأوضحت كلينتون أن الولايات المتحدة لا تزال تدعم العملية الديمقراطية والرخاء الاقتصادي في باكستان. وتابعت: «لقد استثمرت الولايات المتحدة المليارات في باكستان. لماذا؟ لأن رخاء وازدهار باكستان من مصلحة العالم». وأضافت أن الحكومة الأميركية تريد دعم التنمية المستديمة في باكستان والحفاظ على علاقات يحكمها الاحترام المتبادل والمسؤولية مع باكستان.

ومع مواصلة القوات الأميركية والأفغانية هجوما جديدا على شبكة حقاني في شرق أفغانستان بمحاذاة باكستان دعت كلينتون إسلام آباد لزيادة الضغط على الملاذات الآمنة للمسلحين على جانبها من الحدود. وكانت باكستان رفضت حتى الآن بدء هجوم جديد على شبكة حقاني في قاعدة قيادة الشبكة الإسلامية بمنطقة شمال وزيرستان، حيث قالت إن قواتها لا قبل لها بذلك مع ما تضطلع به من مهام بالفعل، وإن البلاد ضحت بما يكفي من الأرواح. وقالت كلينتون «المطلوب ليس فقط القيام بعمل عسكري، بل تبادل الاستخبارات بشكل أكبر حتى نستطيع منع واعتراض محاولات الحقانيين وطالبان عبور الحدود والتحضير لهجمات».

وبدا أن وزيرة الخارجية الباكستانية تعد ببذل المزيد، بعد حضورها محادثات دامت أربع ساعات الخميس شارك فيها قادة عسكريون واستخباريون ومدنيون من الجانبين. وقالت خار «هل هناك ملاذات آمنة؟ نعم، إنها موجودة على الجانبين. هل نحتاج للتعاون؟ نعم. يمكننا التعاون أكثر وتحقيق نتائج أفضل». ولم يتضح على الفور كيف يترجم هذا التعاون بشكل ملموس من جانب المؤسسة العسكرية الباكستانية النافذة التي تعتبر المرجعية الرئيسية للسياسات الأمنية في باكستان.

ويقول السياسيون الباكستانيون إن العمليات العسكرية محدودة الأثر وإن الوقت حان للتركيز على المصالحة الشاملة قبل الانسحاب المخطط له لقوات الحلف الأطلسي من أفغانستان.

ونفت خار الاتهامات الأميركية بأن عناصر بالاستخبارات الباكستانية تدعم المتمردين الأفغان. وقالت «لا يوجد أي دعم من جانب أي مؤسسة باكستانية لملاذات آمنة. دعني أوضح ذلك بشكل لا لبس فيه».

وكشفت كلينتون أيضا أمس عن أن موفدين أميركيين التقوا الصيف الماضي مسؤولين في شبكة حقاني الأفغانية، العدو اللدود للولايات المتحدة في أفغانستان، بمساعدة من السلطات الباكستانية. وأجريت هذه الاتصالات التمهيدية قبل سلسلة هجمات استهدفت المصالح الأميركية في أفغانستان. وتشتبه واشنطن في أن شبكة حقاني كانت وراء تلك الهجمات، ومن حينها، شددت الولايات المتحدة لهجتها وعملياتها ضد هذه المجموعة الطالبانية.

وقالت كلينتون خلال طاولة مستديرة مع وسائل الإعلام الباكستانية إن «الحكومة الباكستانية ساعدت في تنظيم لقاء بين الأميركيين وشبكة حقاني»، لكن دون أن تكشف عن مزيد من التفاصيل حول مضمون المحادثات. وذكر مسؤول أميركي أن أجهزة الاستخبارات الباكستانية نظمت اللقاء «الصيف الماضي».

ووقعت في سبتمبر (أيلول) الماضي، هجمات طالبان الكبيرة التي استهدفت السفارة الأميركية في كابل وقاعدة عسكرية أميركية في ورداك جنوب غربي العاصمة الأفغانية. وأوضحت كلينتون أنها لا ترى «أي تناقض» في الاستراتيجية الأميركية حيال المتمردين الأفغان الذين تواصل واشنطن التصدي لهم وتدعوهم في الوقت نفسه إلى طاولة المفاوضات لإنهاء النزاع.

وشبكة حقاني التي أسسها في الثمانينات زعيم الحرب الأفغاني جلال الدين حقاني لمحاربة الاجتياح السوفياتي، انضمت لاحقا إلى نظام حركة طالبان ثم إلى حركة التمرد التي قادتها بعد إزاحتها عن السلطة إثر التدخل الدولي أواخر 2001.