إعلان «إيتا» التخلي عن السلاح يحيي آمال الإسبان بعهد جديد

القرار يربك حسابات الأحزاب الإسبانية قبيل الانتخابات.. وأوروبا ترحب بالخطوة «التاريخية»

عامل تابع للبلدية يطلي بالدهان جدارا كتبت عليه عبارة «إيتا.. الشعب معك»، في مدينة غرينيكا بشمال إسبانيا أمس (رويترز)
TT

رحب الإسبان بحذر أمس ببيان حركة «إيتا» الانفصالية في إقليم الباسك عن عزمها إنهاء عقود من الكفاح المسلح مما بعث الآمال في أنهم لن يروا هدنة أخرى تنتهك. وضعفت حركة «إيتا» السرية بسبب مئات من الاعتقالات وتراجع الدعم بعدما قتلت أكثر من 800 شخص في حملتها لإقامة وطن للباسك في مناطق بشمال إسبانيا وجنوب فرنسا.

وقالت مابل اسيبس العاملة في محل للأزياء في مدينة بيلباو في الباسك: «حين سمعت النبأ تأكدت من الوقت كي يمكنني تذكره. أعددت لنفسي كأسا من النبيذ وشربته». وأضافت: «أعرف أنه لم يتحقق بعد لكن على الأقل أصبحت نهاية الصراع أقرب كثيرا».

وكانت حركة «إيتا» بثت شريط فيديو على الإنترنت أول من أمس نبذت فيه العنف ودعت إلى محادثات مع السلطات الإسبانية والفرنسية لإنهاء آخر حرب عصابات كبيرة في أوروبا. ويمثل الإعلان تحولا مهما بالنسبة لحركة «إيتا» وتخطو به الحركة خطوة أكبر من وقف إطلاق النار الدائم الذي كانت أعلنته في يناير (كانون الثاني) الماضي. وأشاد زعماء سياسيون ومعلقون إسبان أمس بعزم «إيتا» إنهاء العنف. وكتبت صحيفة «إل بايس» اليومية في عنوان رئيسي أن «الكابوس انتهى»، بينما رحبت صحيفة «بيريوديكو» اليومية في برشلونة بـ«انتصار القانون والحرية». وقال وزير الداخلية أنطونيو كاماشو «اليوم إسبانيا دولة أكثر حرية. لم يعد الناس يخشون من الخروج إلى الشوارع للدفاع عن أفكارهم ولن يضطر الجميع إلى التزام الصمت» خوفا من إيتا. وتابع أن إسبانيا تواجه الآن مهمة «معقدة» للتأكد من أن الجماعة لن تستأنف الهجمات.

ووصف الحزب الاشتراكي الحاكم في إسبانيا الذي يتراجع بشدة في استطلاعات الرأي قبيل الانتخابات البرلمانية في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، الإعلان بأنه انتصار للديمقراطية. ومن جانبه، طالب الحزب الشعبي المنتمي ليسار الوسط والذي يتوقع على نطاق واسع أن يكتسح الانتخابات، بدليل على جدية الحركة المسلحة.

ويتوق الاشتراكيون لإعلان نهاية حركة «إيتا» وهم في الحكومة ليسجلوا نقاطا سياسية قبيل الانتخابات. لكن ربما يؤول الأمر إلى حكومة جديدة يرجح أن يشكلها الحزب الشعبي كي تتفاوض بشأن التفاصيل الشائكة للتسوية والتي قد تشمل مصير الأسلحة التي تمتلكها الحركة الانفصالية. ونقلت وكالة «رويترز» عن المتحدث باسم الحزب الشعبي في البرلمان الإقليمي للباسك ليوبولدو باريدا قوله: «النقطة هنا أنهم يجب أن يسلموا الآن أسلحتهم ويقدموا للعدالة، مع تذكر أننا لسنا مدينين لهم بشيء. هم الذين عليهم دين يجب أن يدفعوه». وأبدى زعيم الحزب الشعبي ماريانو راخوي الذي قد يصبح رئيس الوزراء القادم لإسبانيا ترحيبا بإعلان «إيتا» أكبر من ترحيبه بإعلانات وقف إطلاق النار السابقة، مما يشير إلى أن الصراع ربما يقترب أخيرا من نهايته.

ورحب الاتحاد الأوروبي أمس بنبأ تخلي جماعة إيتا عن العنف. وقال رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو في بيان «إنها حركة تاريخية حقا تنهي أعواما من الإرهاب والهجمات على المجتمع الإسباني». وأشاد كبير مسؤولي مكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي جيل دو كيرشوف بـ«الهيئة القضائية وقوى تطبيق القانون في إسبانيا وفرنسا والتي كان تعاونها الناجح عنصرا مهما» لاحتواء أنشطة إيتا. وأضاف دو كيرشوف «ما زال الاتحاد الأوروبي حاسما في إيمانه الراسخ بأن الإرهاب غير مقبول بجميع أشكاله وصوره ويتعين محاربته من خلال سيادة القانون».

يذكر أن حركة «إيتا» تشكلت في أواخر الخمسينات خلال حكم الديكتاتور فرانشيسكو فرانكو الذي قمع لغة وثقافة الباسك. ومع سجن المئات من أعضاء «إيتا» ومصادرة الأسلحة في السنوات القليلة الماضية، أدرك الجناح السياسي للمنظمة أن القتال من أجل الاستقلال لن ينجح، وضغط على المقاتلين للدعوة لإنهاء القتال.