تونس تعبر عن ارتياحها لمقتل القذافي.. والجزائر تأمل في تكريس المصالحة

القادة اللبنانيون يتطلعون إلى ليبيا يسودها حكم القانون.. واليمنيون يحذرون صالح من مصير مشابه

TT

توالت أمس ردود الفعل العربية الرسمية منها والشعبية، ترحيبا بمقتل العقيد الليبي معمر القذافي في مدينة سرت أول من أمس، وبينما نال العقيد الليبي نصيبه في المظاهرات التي شهدتها سوريا أمس للتنديد بالنظام في دمشق وتحذير الرئيس السوري بشار الأسد من مصير مشابه، أجمعت مواقف القيادات اللبنانية على الترحيب بنهاية القذافي، وطي صفحة حكمه التي طبعت ليبيا لأكثر من 42 عاما. كما عبرت تونس عن «ارتياحها العميق» بعد «التحرير الكامل والنهائي» لليبيا وذلك غداة مقتل العقيد، مؤكدة وقوفها ودعمها للشعب الليبي. كما عبر العراقيون عن فرحتهم برحيله، والتي ذكرتهم بالتخلص من «طاغيتهم» السابق صدام حسين.

وأعربت الجزائر أمس عن أملها في أن تجسد مرحلة ما بعد القذافي الوحدة والوئام بين الليبيين، وأن تلبي تطلعاتهم المشروعة للديمقراطية. ونقل موقع «كل شيء عن الجزائر» الإلكتروني عن عمار بلاني، المتحدث باسم وزارة الخارجية الجزائرية، قوله «نأمل أن يكون هذا العهد الجديد في ليبيا لتكريس المصالحة والوئام بين الإخوة الليبيين وتحقيق تطلعاتهم المشروعة للديمقراطية ودولة القانون والازدهار».

وفي تونس، قالت الخارجية التونسية في بيان أوردته وكالة «تونس أفريقيا» للأنباء الحكومية، إن «تونس تعبر رئيسا وحكومة وشعبا عن عميق الارتياح للتحرير الكامل والنهائي للشقيقة ليبيا». وأضاف البيان أن «تونس تهنئ الشعب الليبي الشقيق بهذا النصر المؤزر، مؤكدة ثقتها في مستقبل ليبيا الجديدة وقدرتها على استعادة الأمن والاستقرار في ربوعها وتحقيق تطلعات شعبها إلى الحرية والازدهار والنماء في كنف التماسك المجتمعي والوحدة الوطنية».

وجددت تونس بالمناسبة «التزامها الثابت بالوقوف إلى جانب ليبيا في هذه المرحلة التاريخية الحاسمة واستعدادها التام لتقديم أفضل ما لديها من إمكانيات وقدرات لمساعدة الشعب الليبي الشقيق على تحقيق أهدافه الوطنية السامية»، بحسب المصدر ذاته.

وفي لبنان، أجمعت مواقف القيادات اللبنانية على الترحيب بنهاية العقيد الليبي معمر القذافي، وطي صفحة حكمه، فقد أعرب رئيس الجمهورية ميشال سليمان عن أمله في أن «تنتهي محنة الشعب الليبي، وأن تفتح ليبيا صفحة جديدة مشرقة في تاريخها من خلال بناء دولة ديمقراطية عصرية، وأن تعود إلى الحضن العربي ولعب دورها كاملا ضمن الجامعة العربية ومع أشقائها على قاعدة التعاون المشترك والاحترام المتبادل».

وبينما اكتفى رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي يحمل مع أبناء الطائفة الشيعية في لبنان القذافي مسؤولية خطف مؤسس المجلس الشيعي اللبناني موسى الصدر منذ عام 1978، بالقول «إن الله يمهل ولا يهمل»، واعتبر رئيس الحكومة السابق سعد الحريري أن «نهاية معمر القذافي هي النهاية الحتمية لكل الطغاة الذين يواجهون إرادة الحرية والديمقراطية عند شعوبهم بالقتل والقمع والدم». ورأى أن «الشعب الليبي الشقيق طوى صفحة سوداء من تاريخه السياسي، وتحققت له خطوة جديدة ومتقدمة نحو إقامة دولته الديمقراطية المتحررة من قيود الاستبداد والقمع»، لافتا إلى أن «المصير الذي انتهى إليه العقيد معمر القذافي يشكل نهاية لمرحلة مريرة وطويلة خطفت ليبيا إلى أدوار سياسية ملتبسة ومشبوهة ووضعت الشعب الليبي الشقيق في ما يشبه الإقامة الجبرية لعشرات السنين».

وهنأ حزب الله الشعب الليبي بـ«إنجاز طي صفحة نظام الطاغية الذي ظل مطبقا بظلمه وطغيانه على البلاد والعباد لما يزيد على أربعة عقود من الزمن». وقال الحزب في بيان أصدره أمس إن هذا الشعب «أمام فرصة تاريخية ومسؤولية كبرى لإعادة بناء دولته. كما أنه أمام استحقاق عظيم بالعمل للحفاظ على ثرواته من أن تنهبها أطماع الدول الكبرى»، متطلعا إلى «الجهود الكريمة لقيادة ليبيا الجديدة لتحديد مكان احتجاز إمام المقاومة في لبنان سماحة الإمام السيد موسى الصدر، ورفيقيه، والذين قام النظام البائد بتغييبهم لمصلحة المشروع الصهيوني في المنطقة، وإعادتهم إلى الحرية».

بدوره أبرق رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، النائب وليد جنبلاط، إلى رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل مهنئا بمناسبة «الانتصار التاريخي الذي تحقق للشعب الليبي» بعد مقتل العقيد معمر القذافي.

وعلّق رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة على مقتل القذافي بالقول «أخيرا اختار العقيد معمر القذافي نهايته بيده، بعد أن حكم ليبيا طوال اثنين وأربعين عاما، وهو الذي وصف المعترضين عليه من أبناء وطنه بأبشع الأوصاف، وأعلن الحرب عليهم بدل أن يتجاوب ومنذ البداية مع المطالب الإصلاحية المتواضعة آنذاك بتوسيع المشاركة السياسية واعتماد مبدأ التداول السلمي للسلطة». وفي بغداد، أعرب عراقيون عن فرحهم بمقتل القذافي، معتبرين أنه النهاية الطبيعية لكل «طاغية»، على الرغم من تدخل دول الغربية التي تسعى لحماية مصالحها قبل كل شيء.

وفي غضون ذلك، رحب معارضو الرئيس اليمني علي عبد الله صالح بمقتل القذافي، واعتبروه بمثابة رسالة قوية لـ«كل الطغاة». وقال رئيس تنظيم العدالة والبناء وعضو المجلس الوطني اليمني محمد أبو لحوم، إنه يتمنى أن يتعلم الرئيس صالح ونظامه درسا مما حدث للقذافي وحكومته.

وقال متظاهر مناهض للحكومة في صنعاء، لوكالة الأنباء الألمانية، إنه يشعر بالتفاؤل بأن يبعث مقتل القذافي برسالة لعلي عبد الله صالح كي يذعن لإرادة اليمنيين.

واستقبل العراقيون، الذين تابعوا الأحداث في ليبيا، الخبر بمشاعر من الفرح والقلق في آن واحد على مستقبل الشعب الليبي الذي قد يتعرض لأزمات كالتي عاشها العراقيون بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003. وقال المهندس سعد جبار (48 عاما) إن «ما حققه الشعب الليبي أمر مشرف ويجب أن تقتدي به الشعوب العربية لأنه استطاع أن يتخلص من طاغية عبر ثورة انطلقت من داخل ليبيا».

وفي إشارة إلى تدخل حلف شمال الأطلسي، يرى جبار أن «تدخل الدول الغربية أمر طبيعي لأنها تحاول حماية مصالحها، فقد ساعدت القذافي في الماضي، لكنها ساعدت الشعب الليبي الآن بعد أن أدركت أن العقيد انتهى».