الساحل السوري يحاول التظاهر رغم القبضة الأمنية الحديدية.. والمحاذير الطائفية

ناشط لـ «الشرق الأوسط»: رجال الأمن يتخفون في الأزقة لـ«اصطياد» المصلين

TT

رغم الضربات العسكرية القاسية التي تعرضت لها مدن الساحل السوري، اللاذقية وبانياس وجبلة، والحصار الأمني الخانق الذي تفرضه عناصر الأمن والجيش الموالون للرئيس السوري بشار الأسد على أحياء هذه المدن ومساجدها، لمنع خروج المظاهرات، فقد حاول الأهالي في جمعة «شهداء المهلة العربية» الخروج في مظاهرات تندد بسياسة الجامعة العربية التي تمنح نظام الأسد الوقت ليستمر في قتل الشعب الأعزل واعتقال أفراده والتنكيل بهم.

وقال أحد الناشطين من مدينة اللاذقية إنه ومع اقتراب موعد صلاة الجمعة «بدأت دوريات الأمن مع عناصر الشبيحة تجوب أحياء المدينة، وتتجول حول المساجد وخاصة في منطقة الصليبة ومشروع الصليبة والأشرفية والبازار والطابيات». وأضاف: «شاهدنا وجودا كثيفا لعناصر الجيش في محيط ساحة الشيخ ضاهر التي تقع في وسط المدينة حيث ينتصب تمثال حافظ الأسد. قامت سيارات الأمن والشبيحة المليئة بالعناصر المدججين بالسلاح بمحاصرة المساجد في جميع الأحياء المنتفضة، لإرهاب الناس ومنعهم من الخروج في مظاهرات تطالب بإعدام بشار الأسد وإسقاط نظامه المجرم». كما قام عناصر الأمن وفقا للناشط المذكور بـ«التخفي في الأزقة الفرعية لتصيد المصلين الذين يريدون التظاهر عند خروجهم من المساجد، وبينما حاصرت سيارتا أمن مليئتان بالشبيحة جامع عاشور في منطقة السكنتوري، خرج المصلون في مظاهرة سريعة بعد الصلاة هتفوا فيها لحمص العدية وطالبوا بإسقاط النظام».

وأشار الناشط الذي اعتقلته أجهزة الأمن مرتين وتم الإفراج عنه بعد توقيعه على تعهد بعدم التظاهر مجددا، إلى أنه إضافة إلى المظاهرة التي خرجت في السكنتوري، فإن المصلين في مسجد البازار في منطقة الصباغين قاموا بالتكبير داخل المسجد، ونادوا بإسقاط النظام السوري وإعدام الرئيس بشار الأسد، وعلى الفور قام عناصر الأمن العسكري والشبيحة بتطويق الجامع من كل مداخله، وأخذوا يلاحقون بعض المصلين الخارجين منه لاعتقالهم».

وقال إنه «في الوقت الذي توجهت فيه نحو 15 سيارة إلى منطقة بستان الصيداوي تتهيأ لاقتحام المنطقة لاعتقال ناشطين مناهضين للأسد، أتى طاقم تلفزيون (الدنيا) المملوك من قبل شخصيات نافذة في النظام السوري، بكاميراته مع مجموعات من الشبيحة ليصور حركة الناس أمام جامع المهاجرين في حي الرمل على أن الحياة طبيعية ولا شيء يحدث هناك، بينما الأمن والشبيحة يقفون خلف الكاميرا».

أما مدينة جبلة التي تبعد نحو 25 كيلومترا جنوب مدينة اللاذقية، ويبلغ عدد سكانها ربع مليون نسمة، فقد شهدت انتشارا أمنيا كثيفا ومحاصرة لجميع جوامع المدينة وبالأخص جامع الرحمن في حي العمارة وجامع الإيمان في العزي. وهناك أيضا، جالت، وفقا لناشطين، سيارات الأمن والشبيحة ومعهم حافلة في شوارع منطقة العزي بمحيط جامع الإيمان لمنع خروج أي مظاهرة تطالب برحيل نظام الأسد. رغم ذلك فقد قام طلاب مدرسة الشهداء في المدينة بالخروج بمظاهرة حاشدة وقاموا بإحراق عدد كبير من صور بشار الأسد.

بدورها مدينة بانياس الساحلية شاركت في جمعة «شهداء المهلة العربية»، فخرجت العديد من المظاهرات الطلابية رغم أن يوم الجمعة هو يوم عطلة رسمي للمدارس في سوريا.

وانتشر على مواقع الإنترنت أكثر من شريط فيديو يظهر احتشاد الطلاب في مدارس بانياس ومناداتهم بإسقاط نظام بشار الأسد، مما دفع قوات الأمن والشبيحة إلى اقتحام مدرسة عماد عرنوق بشكل وحشي وفق ما أفاد به ناشطون واعتقال الكثير من الطلاب والتنكيل بآخرين، إضافة إلى مظاهرة حاشدة خرجت من جامع أبو بكر ونادت بإسقاط نظام الأسد منددة بالمهلة التي منحتها له جامعة الدول العربية.

يذكر أن مدن الساحل السوري تمتلك خصوصية فيما يخص مشهد الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد، حيث يتمركز في معظم المناطق هناك، أبناء الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد، مما يجعل خروج المظاهرات في هذه المدن مرشحا بشكل دائم، ليتحول إلى احتكاك طائفي. وهذا ما حدث في بانياس وجبلة واللاذقية في بداية اندلاع الثورة السورية، قبل أن يتم اقتحام هذه المدن مرات عديدة من قبل الجيش السوري وتنفيذ اعتقالات واسعة استهدفت بؤر الاحتجاج فيها.