مردوخ تشاحن مع المستثمرين في اجتماع سنوي لـ«نيوز كوربوريشن»

قدم اعتذارا مطولا للمساهمين عن فضيحة الاختراق والتنصت

TT

على الرغم من أشكال الهجوم الحاد من جانب مساهمين، تمت إعادة انتخاب روبرت مردوخ وبقية أعضاء مجلس إدارة شركة «نيوز كوربوريشن» يوم الجمعة، بعد صيف مضطرب أثارت خلاله فضيحة التنصت على المكالمات الهاتفية درجة عالية من الاستياء بين المستثمرين. وكانت نتائج التصويت متوقعة، نظرا لأن أسرة مردوخ تسيطر على نسبة كبيرة من أسهم التصويت. لكن استياء المساهمين في اجتماع المساهمين السنوي بالشركة يوم الجمعة أدى بمردوخ إلى تقديم اعتذار مطول للمستثمرين عن فضيحة الاختراق والتنصت التي وضعت الشركة في موقف محرج وأدت إلى مطالب بتشكيل قيادة من أعضاء مجلس الإدارة أكثر قدرة على تحمل المسؤولية. وبينما دافع مردوخ، (80 عاما)، عن الأداء المالي للشركة، اعترف أيضا بزلاتها الأخلاقية في فضيحة التنصت على الهواتف التي جرت من قبل الصحيفة البريطانية «نيوز إنترناشيونال» التابعة لها. «لا يمكن أن نكون مجرد شركة تحقق أرباحا طائلة. بل يجب أن نكون أيضا شركة صاحبة مبادئ»، هكذا تحدث مردوخ للمساهمين. واستكمل قائلا: «علينا الاعتراف بأخطائنا ومواجهتها وسن إجراءات قوية وفعالة لوضع الأمور في نصابها الصحيح». في الوقت نفسه، فإن مردوخ، الذي ظهر في الاجتماع مرتديا حلة سوداء ورابطة عنق سوداء، ودخل في مشاحنات ساخنة في بعض مواضع الاجتماع مع المستثمرين، قد حثهم على وضع فضيحة التنصت «في سياق». وعلى الرغم من أن الفضيحة قد استحوذت على «قدر كبير من وقتي»، إلا أن السواد الأعظم من الموظفين بشركة «نيوز كوربوريشن» يعملون بكل جهدهم من أجل «دعم مكانة شركتنا وزيادة أرباحنا». وفي بيان أصدرته عشية الجمعة، أكدت شركة «نيوز كوربوريشن» أنه قد تمت إعادة انتخاب مجلس الإدارة، لكنها لم توضح حصيلة التصويت. وقبل الاجتماع، ذكر مسؤولون تنفيذيون أنهم توقعوا أن يعاد انتخاب مردوخ وابنيه جيمس ولاكلان بأقل من 90 في المائة من الأصوات، بحسب مصدر مطلع على مناقشات الشركة. ومن شأن تلك النسبة أن تشير إلى استياء كبير من جانب إدارة الشركة، بالنظر إلى أن الأسرة تملك حصة نسبتها 40 في المائة من أسهم الشركة.

وذكرت شركة «نيوز كوربوريشن» أن إجمالي الأصوات سيتم تسجيله الأسبوع المقبل لدى لجنة الأسواق والأوراق المالية. وقد عقد الاجتماع في «فوكس ستوديوز» في لوس أنغليس واستمر لمدة 90 دقيقة. وأعطى هذا الـ100 مستثمر الحاضرين فرصة استجواب مردوخ والتصويت على قيادة شركة برأسمال سوق قيمته 44 مليار دولار. وكان المساهمون متلهفين للحديث عما يدور بذهنهم. اقترحت جولي تانر، المدير المساعد لشركة «كريستيان براذرز» لخدمات الاستثمار، أن تعين الشركة رئيس مجلس إدارة مستقلا. وقالت: «هذه الفضيحة واسعة النطاق التي دمرت سمعة الشركة، تتطلب قيادة مستقلة أقوى على مستوى مجلس إدارة الشركة». وأثار الاقتراح، الذي لم يتم التصديق عليه، سلسلة من التعليقات الحادة، التي أتى أعنفها من توم واتسون، عضو البرلمان البريطاني الذي ترأس التحقيقات في فضيحة التنصت التي تورطت فيها شركة «نيوز إنترناشيونال». وسأل واتسون مردوخ عما إذا كان قد سمع عن الأخبار التي تقول إن الصحافيين العاملين بصحيفة الفضائح «نيوز أوف ذي وورلد» التي تم إغلاقها حاليا، قد قاموا باختراق أجهزة كومبيوتر، فضلا عن التنصت على الهواتف. ومن دون تقديم أدلة، قال إن «نيوز إنترناشيونال» قد اخترقت جهاز الكومبيوتر الخاص بضابط استخبارات سابق. وقال واتسون: «إنك لم تخبر أي من مستثمريك بتبعات هذه الواقعة».

وقال مردوخ إنه لم يكن على علم بالاتهامات. وقال: «إذا كان لديك مزيد من الأدلة، فأحطنا علما بها. أعدك بأننا لن ندخر وسعا من أجل الوقوف على حقيقة الموقف ووضع الأمور في نصابها الصحيح». وسئل أحد المديرين بمجلس إدارة الشركة، وهو فييت دي دينه، رئيس لجنة إدارة الشركة، عن استقلاليته. يذكر أن دينه صديق لأسرة مردوخ والأب الروحي لابنه لاكلان. قال دينه: «جئت إلى هذه الدولة لاجئا على مركب. ولن أضحي باستقامتي لأجل أحد». وقبل ساعات من بدء الاجتماع، أعلنت شركة «نيوز كوربوريشن» أنها قد توصلت لتسوية مالية مع أسرة ميلي دولر، المراهقة البريطانية القتيلة التي تم التنصت على هاتفها من قبل عاملين بصحيفة «نيوز أوف ذي وورلد». وقالت الشركة إنها ستدفع مبلغا قيمته 3.2 مليون دولار لأسرة دولر وأن مردوخ شخصيا سيمنح 1.6 مليون دولار للمؤسسات الخيرية التي تختارها أسرة دولر.

وكان قرار عقد الاجتماع في «فوكس ستوديوز»، بدلا من مدينة نيويورك، يهدف إلى صرف انتباه المساهمين عن الوحدة الترفيهية المربحة والتأكيد على جانب الربحية. وتحدث مردوخ، الذي وقف أمام شاشة تعرض صورا لأفلام من إنتاج شبكة «فوكس» وعروضا تلفزيونية على غرار «أميريكان أيدول»، للمستثمرين قائلا: «قصة شركتنا بمثابة أسطورة». وأثنى على نجاح أفلام مثل «أفاتار» والقنوات الكابلية التابعة للشركة. وفي أحد المواضع، أخبر المستثمرين بأن واتسون، على الرغم من كونه ناقدا دائما للشركة، قد أجرى مقابلة عن شبكة «فوكس نيوز». «نحن عادلون ومتوازنون»، هكذا قال مردوخ، محاكيا شعار الشبكة وانتزاع الضحكات من الجمهور. وفي مسرح يضم 476 مقعدا، حيث كانت شيرلي تمبل تؤدي عروضها في ما مضى، وقف مردوخ إلى جانب تشيس كاري، رئيس مكتب عمليات الشركة. عبر المستثمرون من أجهزة كشف المعادن مارين بأكوام من صحيفتي «نيويورك بوست» و«وول ستريت جورنال»، اللتين تملكهما شركة «نيوز كوربوريشن». وتجمهر حشد من المتظاهرين يرتدون قناعا كبيرا لروبرت مردوخ، خارج بوابة بيكو بوليفارد. وحملت إحدى اللافتات عبارة «الكذب خطأ». وبدا مردوخ مسترخيا ومستعدا لمواجهة تحديات المساهمين. وبدأ يظهر نفاد صبره من المتحدثين في بعض الأحيان، وطلب منهم أن يخصصوا دقيقة واحدة فقط لتساؤلاتهم. وحينما وقف إدوارد ماسون، ممثل مفوضي كنائس إنجلترا، لانتقاد إدارة الشركة، قاطعه مردوخ قائلا: «لم تكن استثماراتك ناجحة تماما، لكن حسنا». وهيمن نشطاء ونقاد لمردوخ منذ وقت طويل، بعضهم يحمل أجندات غريبة، على الاجتماع نظرا لأن المستثمرين من المؤسسات الكبرى عادة ما لا يتقدمون بشكاواهم في مثل هذا المنتدى العام. وإضافة إلى التساؤلات عن التنصت، فإن التعويض التنفيذي وهيكل الأسهم الثنائية من حيث حقوق التصويت التي تعطي أسرة مردوخ حصة مسيطرة، سأل مستثمرون مردوخ عن حقوق الحيوان والأدوات الرقمية الممنوحة للمعلمين. يحصل مردوخ على قدر من الدعم. فقد وقف موظف من «فوكس» ليثني على الشركة وقال إنه «لم يطلب منه من قبل مطلقا القيام بأي عمل غير أخلاقي». وهنأ الملياردير حاييم سابان مردوخ على ذكائه كرجل أعمال، وقال: «أموالي في خدمتك». قال مردوخ إن أحد أقسام شركة «نيوز كوربوريشن» عجزت عن دفع حصص الأرباح للمستثمرين. ووصف إدارة شركة «ماي سبيس»، التي اشترتها الشركة في عام 2005 مقابل 580 مليون دولار بأنها «خطأ فادح». وقال: «حاولنا إدارتها بشتى الطرق الممكنة». وفي يونيو (حزيران)، باعت الشركة «ماي سبيس» مقابل 35 مليون دولار.

* ساهم في إعداد التقرير مايكل دي لا ميرسيد

* خدمة «نيويورك تايمز»