أحمدي نجاد يدين «عمليات القتل والمجازر» في سوريا ويدعو نظام الأسد للحوار مع المعارضة

نفى ضلوع حكومته بعملية محاولة اغتيال الجبير.. وقال إنه ليس لإيران مصلحة في قتل ممثل «دولة شقيقة»

مظاهرة كبيرة في بابا عمرو بحمص أمس
TT

أدان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد «عمليات القتل والمجزرة» في سوريا في مقابلة أجرتها معه قناة «سي إن إن» الأميركية، في أقوى انتقاد إيراني حتى الآن لما يدور لدى الحليف الرئيسي لطهران على خلفية أعمال قمع مستمرة منذ سبعة أشهر للمعارضة. وقال أحمدي نجاد في المقابلة التي تحدث فيها بالفارسية ونقلت على موقع هيئة البث الحكومية الإيرانية على الإنترنت، «نحن ندين عمليات القتل والمجازر في سوريا، سواء كان القتلى من قوات الأمن أو من الشعب والمعارضة».

وتابع «لدينا صيغة واضحة بالنسبة لسوريا تنطوي على أن يجلس كافة الأطراف معا للتوصل إلى تفاهم.. ومن ثم فإن أعمال القتل تلك لا يمكن أن تحل أي مشكلات وعلى المدى الطويل ستؤدي إلى طريق مسدود». وأضاف قائلا «حينما يتعرض الناس للقتل فإن هذا يفتح الطريق أمام مزيد من النزاعات.. لا ينبغي أن يحدث تدخل خارجي (في سوريا)».

وندد نجاد في المقابلة التي أجريت أمس وتبث اليوم، بالدور الذي تلعبه الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ووصفها بأنها دولة «مكروهة» في المنطقة، ودعاها لعدم التدخل في الملف السوري. وقال حول الوضع في سوريا: «علينا احترام استقلال وسيادة كل الدول.. نحن ندين القتل والمجازر، والعدالة توجب رفض القتل، فليس لدى أي طرف الحق في قتل أشخاص من الطرف الآخر، سواء أكانت الحكومة أم المعارضة». وتابع الرئيس الإيراني الذي تعتبر سوريا الحليف الرئيسي لبلاده في المنطقة: «سنقوم ببذل المزيد من الجهد لتشجيع الحكومة السورية والطرف الآخر، وكذلك كل الأحزاب، على التوصل إلى تفاهم، ولن يكون هناك تدخلات خارجية».

وندد الرئيس الإيراني بدور حلف شمال الأطلسي في ليبيا، كما نفى التهم الموجهة لبلاده بالتخطيط لاغتيال السفير السعودي في واشنطن، قائلا إن طهران ليس لديها مصلحة في قتل ممثل «دولة شقيقة»، على حد تعبيره. وقال نجاد إن موقفه حيال الوضع في ليبيا لم يتبدل بعد مقتل العقيد معمر القذافي، واعتبر أن تدخل الناتو في مسار الأحداث «فاقم الأزمة وهدد السيادة الليبية».

وطلب نجاد من واشنطن أن تعي بأن ما قال إنها «حقبة الاستعمار» قد انتهت، مضيفا أن عليها مراجعة سياساتها في المنطقة، قائلا «ليس لدينا مشكلة مع الشعب الأميركي، نحن نحبه.. مشكلتنا مع الحكومة.. الولايات المتحدة تضعف أكثر فأكثر وهي الآن مكروهة في المنطقة، ويجب عليها ألا تمارس الضغوط على الشرق الأوسط».

وأنكر نجاد أن تكون طهران قد خططت لاغتيال السفير السعودي في واشنطن، عادل الجبير، الذي تقول الولايات المتحدة إنها حصلت على إثباتات حول وجود مخطط إيراني يستهدفه. وقال الرئيس الإيراني: «لماذا نحتاج إلى اغتيال سفير دولة شقيقة؟ ما هي الأسباب والمصالح التي تدفعنا لذلك؟ ليس لدينا أي نية لإلحاق الأذى بالسعودية.. هل كنا حقا بحاجة للقيام بهذا الأمر في الولايات المتحدة؟».

وانتقد نجاد الاستراتيجية الأميركية المطبقة في العراق، رغم إعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما، التزامه سحب القوات بنهاية العام الحالي، وقال إنه كان من الأجدر بواشنطن الانسحاب منذ زمن طويل، مضيفا أن الحكومة العراقية «مستقلة وذات سيادة، ويمكنها أن تقرر بنفسها كيفية تدريب قواتها». واعتبر نجاد الاتهامات الموجهة نحو إيران بتضليل الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنها مجرد «أكاذيب»، كما شكك بمصداقية الوكالة نفسها، قبل أن يعمد إلى نفي وجود مخططات لدعم بلاده لصنع قنابل نووية عبر القول إن حقبة هذا النوع من السلاح قد ولت، على حد تعبيره.

وكان نجاد قد دعا في 24 أغسطس (آب) الحكومة السورية لإيجاد حل مع المحتجين، حيث قال إن العنف «لا يخدم إلا مصالح الصهاينة». وفي أواخر أغسطس، قال وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي إنه يتعين على دمشق أن تعترف بـ«المطالب المشروعة» لشعبها. وفي مطلع سبتمبر (أيلول)، قال أحمدي نجاد إن طهران مستعدة لاستضافة اجتماع للبلدان الإسلامية لمساعدة حليفتها سوريا في حل أزمتها السياسية. وحذر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إيران في منتصف سبتمبر من «ألا تفسد» القيادة السورية. وقال أردوغان «لا يمكنني القول إن هناك توترا مع إيران ولكننا حذرناهم (الإيرانيين) من أنهم (يفسدون إدارة الأسد بتشجيعهم)».

وكانت طهران قد جعلت الإبقاء على علاقات جيدة مع أنقرة أولوية لها خلال السنوات الأخيرة، واعتبرت تركيا حليفا لرفضها تنفيذ العقوبات الغربية المفروضة على إيران بسبب برنامجها النووي المثير للجدل.

غير أن طهران انتقدت في الشهور الأخيرة أنقرة لموافقتها على استضافة نظام رادار للإنذار المبكر في إطار منظومة الدفاع الصاروخية لحلف شمال الأطلسي والتي تقول طهران إنها تهدف لتوفير الحماية لخصم إيران اللدود إسرائيل. ويتهم الاتحاد الأوروبي إيران بمساعدة سوريا في قمعها للاحتجاجات المناوئة للحكومة، وهو الاتهام الذي ترفضه إيران وتعتبره «من دون أساس». وفي أواخر أغسطس، سمى الاتحاد الأوروبي «فيلق القدس»، ذراع العمليات السرية للحرس الثوري الإيراني، ضمن قائمة جديدة تشملها عقوبات لاتهامات بالضلوع في قمع الاحتجاجات. واتهم الاتحاد الأوروبي «فيلق القدس» بتوفير «مساعدة فنية ومعدات ودعم لأجهزة الأمن السورية لقمع الحركات الاحتجاجية المدنية».